التليدي يكشف أسباب التفوق الإعلامي للمقاومة الفلسطينية في مواجهة الإعلام الصهيوني

قال الباحث الأكاديمي، بلال التليدي، إن ثمة مفارقة كبرى سجلت أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة على خلفية طوفان الأقصى، ففي الوقت الذي يحظى فيه الإعلام الإسرائيلي بإمكانيات ضخمة، ويدعم من قبل شبكة قنوات ووكالات ومحطات دولية، كان أداؤه في ساحة الحرب ضعيفا ومهزوما أمام إعلام المقاومة الفلسطينية المحدود الإمكانات.
وذكر التليدي في مقال رأي نشره عبر “القدس العربي”، 12 يناير 2024، أن ثمة أربعة عوامل ساهمت في تفوق إعلام المقاومة وهزيمة إعلام الاحتلال الإسرائيلي.
واسترسل، العامل الأول، أن مدار العملية الإعلامية على المراسل والحدث، أي على الحقيقة كما تجري في الواقع، لا الرواية التي يتم فبركتها لدعم بروباغندا معينة. وفي هذه الحالة، فإن الشعب الفلسطيني في غزة، كله يمثل مراسلا طوعيا لفائدة إعلام المقاومة، سواء باعتباره حاضنا لها، أو باعتباره شاهدا على جرائم الاحتلال الصهيوني في غزة.
وأضاف الكاتب: “ففي مقابل مراسلين حربيين غربيين متحيزين للرواية الصهيونية والأمريكية يتكلفون بفبركة الحقيقة، ثمة جيش من المراسلين الغزيين الذين يشتغلون بشكل طوعي لنقل الصورة الحية التي تعبر عن الحقيقة التي يطلبها الإعلام”.
العامل الثاني، يردف التليدي، أن فصائل المقاومة الفلسطينية، ونخص هنا بالتمثيل حركة حماس، نجحت في إدارة العملية الإعلامية، وذلك بتبني مفهوم تعدد ووحدة وتكامل الفاعلين، والذي يعني عدم الاقتصار على واجهة واحدة في تصريف الخطاب الإعلامي، بل تنويع هذه الجهات بحسب التخصص، وتنسيق الوظائف، بالشكل الذي يضمن قدرا من الحيوية على العملية الإعلامية.
وأشار التليدي إلى التنوع الذي تخلقه المعطيات المقدمة من كل من المسؤول عن وزارة الصحة، والمسؤول عن الداخلية، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وحركة حماس بلبنان عبر القيادي بحماس أسامة حمدان، والإعلام العسكري لكتائب عز الدين القسام، والناطق الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام (أبو عبيدة).
وشدد التليدي أن هذه الإدارة المرنة المتعددة والمتكاملة، والتي تقوم بالأساس على مبدأ توزيع الوظائف وتنسيقها، لا تجد ما يقابلها عند الاحتلال الصهيوني، وذلك بسبب أجواء الانقسام السياسي التي تطبع الجسم الحكومي وعلاقة الحكومة بالمؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية.
وأما العامل الثالث، يقول الباحث الأكاديمي، فيتعلق بالصورة، فالإعلام المقاوم امتلك خاصية امتلاك الصورة الحية، والتي كانت مادة التأثير القوية خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتحديد في منصات “التيك توك” التي تهيمن عيلها الأجيال الجديدة من الشباب.
وأردف، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي تغذت أكثر على الصورة الإنسانية الموثقة، والتي تثبت مختلف الجرائم التي كانت الدول الغربية المتحيزة لإسرائيل تحاول نفيها عن الاحتلال باسم حقه في الدفاع عن النفس.
وبخصوص العامل الرابع، يسترسل التليدي، فيتعلق بتنويع مضمون المادة الإعلامية، فلم يقتصر إعلام المقاومة على بث الصور والفيديوهات التي تركز على سير العمليات العسكرية، فهذا الجانب في الواقع، يهم أكثر الإعلام العربي، المسكون بحلم إمكان هزم إسرائيل وأسطورة “جيشها الذي لا يقهر” إنما كان التركيز هذه المرة، وبشكل أكبر، على المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، وبالتالي مخاطبة القطاع الواسع من المجتمع الإنساني.
وأوضح، “تفسير هذا العامل، أن التغيرات الفكرية والقيمية التي حدثت في العالم، أنتجت جيلا غير مؤدلج، لكنه في الوقت نفسه، أشد حساسية فيما يتعلق بحقوق الإنسان الأساسية، أي الحقوق التي لا تقبل تفسيرا إيديولوجيا، وبشكل خاص، الحق في الحياة، والحق في الغذاء، والحق في الماء، وحق الأطفال في حياة هادئة وفي التمدرس، وغيرها من الحقوق الأساسية التي انتهكها الاحتلال، ووصل بسياسته العدوانية إلى درجة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني”.
وخلص التليدي إلى أن الاشتغال على المادة الإنسانية أثمر انتفاضة المجتمع الإنساني الدولي، ومحاصرة الكيان الصهيوني، ووفر الأمل، بإمكان أن تسير محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي المسار الصحيح، فتحكم على الأقل، إن لم تستطع إدانة إسرائيل بالإبادة الجماعية، بوقف فوري للحرب على قطاع غزة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.