“البيجيدي”: مقترحات “المجلس الوطني” بخصوص حذف الطلاق ومصطلح “المتعة” فيها مخالفة صريحة لنصوص قرآنية

اقترحت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن مراجعة مدونة الأسرة، حذف ما يعتبره تمييزا بين الطلاق والتطليق والإبقاء فقط على التطليق القضائي (التطليـق باتفـاق الزوجيـن، أو التطليـق بنـاء علـى طلـب أحـد الزوجيـن للأسـباب الشـقاق، الضـرر، الغيبـة، عـدم الإنفاق).
كما اقترحت المذكرة الإلغاء الكلي لمساطر الطلاق الذي يوقعه الرجل والإبقاء على التطليق القضائي، اعتبارا منه أن حق الرجل في مباشرة الطلاق الذي أسنده الشرع له يمس بالمساواة بين الرجل والمرأة، وهو المقترح الذي يشكل تعارضا صريحا مع النص القرآني ويمس بحقوق شرعية مسندة بمقتضى النص القرآني، إضافة إلى حـذف مصطلـح المتعة وحفـظ حـق المتضـرر مـن إنهـاء العلاقة الزوجيـة مـن الزوجيـن فـي الحصـول علـى تعويـض يحـدد فـي إطـار قواعـد المسؤولية المدنيـة.
وفي هذا الصدد، قال حزب العدالة والتنمية، إن مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإذا ما استثنينا مقترحه بمأسســة الوســاطة الأســرية واعتبارهــا مرحلــة إلزاميــة قبــل المرحلــة القضائيــة، والتي سبق للحزب وأن اقترحها وهي مسألة إيجابية ولها أن تسهم في الحد من الطلاق والتطليق، فإن باقي المقترحات مخالفة بشكل صريح للنص القرآني.
وأضاف حزب “المصباح” في مذكرة حول مقترحات وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كما أنها لا تستحضر الغاية الدستورية التي استحضرها الفصل 32 من الدستور في كون التشريعات يجب أن تهدف إلى المحافظة على الأسرة وضمان استقرارها، لا أن تنحو منحى تفكيكها، فضلا أنها تنم على عدم استيعاب الخطابات الملكية والتي وقفت على الإشكالات التي تهم التطبيقات القضائية التي تعاملت مع مدونة الأسرة باعتبارها مدونة المرأة، ولم تأخذ بعين الاعتبار كونها مدونة للأسرة برمتها، ويجب أن يكون الهدف هو ضمان استقرار الأسر لا تفككها، لاسيما والكلفة الباهظة لذلك التفكك على المجتمع والدولة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
وشدد المصدر ذاته، أن هذا المقترح يمثل تراجعا على التوافق الذي تم في 2004 بعد أن كان المطلب الأصلي هو جعل الطلاق بيد القضاء بشكل حصري وهو ما عادت المذكرة لطرحه من جديد.
وهنا، يردف الحزب، ينبغي التأكيد على أن “حذف الطلاق تحت زعم التمييز بين الزوجين هو خلاف للنص القرآني الصريح في قوله تعالى” وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” (لبقرة:231)”.
وتابع، كما أن “حذف مستحقات الزوجة بعد الطلاق وصداقها والمهر الذي يقدم عند الزواج مخالف لقوله تعالى “وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا” (النساء:4)؛ وهو أيضا خلاف للنص القرآني الصريح، فهو حق أقره العلي القدير للمرأة ففي قوله تعالى “وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ۚ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (البقرة: 237)”.
ونبه حزب “المصباح”، إلى أنه، وعلى خلاف ما جاء في مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن الطلاق ما يزال قائما بموازاة التطليق للشقاق أو الاتفاقي، ففي سنة 2021 كان العدد هو 65 ألف مقابل 26 ألف حالة طلاق، ولهذا اقتراح هذا التعديل فيه تعسف وظلم.
وذكر المصدر ذاته، أن المشكل المطروح حقيقة هو ارتفاع الطلاق والتطليق، حيث تضاعف في 15 سنة الأخيرة من 56 ألف حالة إلى 92 ألف حالة، وهو ما سيزيد هذا المقترح من ارتفاعه.
وعليه، شدد الحزب أن المطلوب هو البحث في مدى نجاعة مساطر التطليق للشقاق، وقدرتها على الإسهام في الحد من التفكك الأسري وضمان استمرار الأسرة واستقرارها، وقصور فعالية نظام الصلح قبل الطلاق وتدبير مرحلة ما بعد إنهاء العلاقة الزوجية، ورغم قول المذكرة “أن ارتفاع معدلات التطليق والطلاق يؤكد فشل مؤسسة الصلح” فإن الواقع لا يعرف وجود هذه المؤسسة بل مجرد إجراء تحول مع الزمن إلى عملية شكلية.
والغريب، يردف العدالة والتنمية، أن مذكرة المجلس الوطني تمتنع عن ذكر مصطلح الصلح في المقترحات وتحيل على مفهوم الوساطة ذي الحمولة المدنية التحكيمية، وهو التوجه الذي حكم هذه المذكرة ويدفع في جعل الطلاق عملا مدنيا تعاقديا، وأن التعويض في حالة الضرر ينبغي أن يؤديه إما الزوج أو الزوجة، وفقا لفلسفة المساواة الميكانيكية الغربية، والتي لا تراعي وجود مكتسبات تفضيلية إيجابية لفائدة المرأة. ولذا، فإن هذا المقترح سيشكل مدخلا لتيسير الطلاق وضرب تماسك الأسرة، يؤكد حزب “المصباح”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.