مؤتمرات العدالة والتنمية.. تاريخ ورهانات

عبد المجيد أسحنون

قبل الحديث عن رهانات المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية، الذي لا تفصلنا عنه سوى أيام معدودة، من المفيد تسليط الضوء على “رهانات المؤتمرات السابقة” لحزب العدالة والتنمية، خصوصا منذ المؤتمر الوطني الرابع المنعقد سنة 1999، الذي يعد وفق مراقبين مؤتمر ترسيم إدماج الحركة الإسلامية في حزب الدكتورالخطيب رحمه الله.

كرونولوجيا

محمد خليل عضو حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية سابقا، وحزب العدالة والتنمية حاليا، قال إن الحزب عقد في سنة 1996 مؤتمرا استثنائيا بعدما التحق به فصيل للحركة الإسلامية بالمغرب، تم فيه إدماج هذا الفصيل بالحزب، مضيفا أن هذا المؤتمر أتى بعد غياب  طويل عن الساحة السياسية بسبب غياب الحد الأدنى من الديمقراطية.

وتابع المتحدث في تصريح لpjd.ma [1]، في سنة 1998 عقد المجلس الوطني للحزب، وتم فيه تغيير اسمه من “الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية”، إلى “العدالة والتنمية”، وفي سنة 1999 انعقد المؤتمر الرابع، الذي  تمت فيه هيكلة الحزب من جديد.

في أبريل سنة 2004 انعقد المؤتمر الخامس يردف خليل، تحت شعار “الديمقراطية التزام و مسؤولية”، وتميز هذا المؤتمر بانتخاب الدكتور سعد الدين العثماني أمينا عاما للحزب خلفا للزعيم عبد الكريم الخطيب رحمه الله ، “كما أن هذا المؤتمر جاء بعد سنة 2003 التي شهدت وقوع أحداث 16ماي الإرهابية، التي كادت أن تعصف بالحزب لولا عناية الله سبحانه وتعالى، وحكمة صاحب الجلالة نصره الله ، حيث طالبت بعض الأحزاب بحل الحزب”.

أما المؤتمر السادس يضيف المتحدث، انعقد في يوليوز 2008 تحت شعار “لا سياسة بدون ديمقراطية وتم فيه انتخاب عبد الإله بن كيران أمينا عاما للحزب، وفي يوليوز 2012  انعقد المؤتمر السابع، تحت شعار “شراكة فعالة من أجل البناء الديمقراطي” وتم فيه تجديد انتخاب ابن كيران أمينا عاما للحزب.

السياق والأهداف

المحلل السياسي عبد الحفيظ اليونسي، أوضح في تصريح لpjd.ma [1]، أن “رهانات المؤتمرات السابقة” لحزب العدالة والتنمية، كانت ترتبط دوما بالسياق الذي تنعقد فيه، وكانت فرصة (أي
المؤتمرات)، لتقديم أجوبة للمعطيات الخارجية  من قبيل ترسيخ الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، ولم تكن “الإشكالات التنظيمية الداخلية” تطرح بتاتا في هذه المؤتمرات، يؤكد اليونسي.

رهانات هذه المؤتمرات كانت مرتبطة كذلك ب”طموح الحزب وأهدافه” يقول المحلل السياسي إدريس قصوري، حيث كان طموح الحزب في بداياته الأولى التعريف بنفسه وذاته والخروج إلى الساحة السياسية، بعد ذلك عرف هذا الطموح دينامية متصاعدة وصل إلى رغبته في تصدر المشهد السياسي المغربي وقيادة الحكومة، وهو ما تحقق فعلا.

التماسك الداخلي

وأبرز قصوري في تصريح لpjd.ma [1]، أن العدالة والتنمية نجح إلى حدود مؤتمره الأخير في تحقيق كل الأهداف التي رسمها، والرهانات التي حددها لمؤتمراته، بفضل تماسكه الداخلي وانضباط أعضائه سواء القيادة أو القواعد وانتصاره للديمقراطية.

سياق المؤتمر الرابع

وفي الوقت الذي اعتبر فيه قصوري، أن مؤتمر العدالة والتنمية الرابع الذي انعقد في نونبر 1999، أتى في سياق “الانفراج والانفتاح السياسي”، بفضل عدة عوامل أهمها انتقال الحكم في البلد من الملك الراحل الحسن الثاني إلى الملك محمد السادس، وبعد إقرار دستور جديد (دستور 1996)، وحكومة التناوب التي اقترحت على العدالة والتنمية الدخول إلى الحكومة، إلا أنه فضل البقاء في المعارضة والقيام بالمساندة النقدية، يرى اليونسي أن هذا المؤتمر أتى في سياق كانت فيه السلطوية “تتمدد في البلاد”.

دور المقاوم

وتابع المتحدث، مما دفع بالعدالة والتنمية منذ هذا المؤتمر، إلى لعب “دور المقاوم” لهذه السلطوية، وذلك من أجل الحفاظ على الحد الأدنى للديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، من موقع “المعارضة البرلمانية”.

ولا شك أن مصداقية العدالة والتنمية، وقوة خطابه السياسي، وانحيازه للهموم الحقيقية للمغاربة وللديمقراطية، جعلت المغاربة يمنحونه ثقتهم في أول انتخابات في ظل دستور 2011، التي أتت بعد هبوب رياح الربيع العربي على عدة دول عربية، وتراجع القوى النكوصية والاستبدادية، لكن يبقى السؤال إلى أي حد كانت مهمته سهلة في تدبير الشأن العام؟

جوابا على هذا السؤال، قال قصوري مهمته بالتأكيد لم تكن سهلة، لأن عدد من الأطراف لم تستسغه، بل في الأصل قبلت به في المشهد السياسي المغربي على مضض، وقامت بكل الوسائل المتاحة لإزاحته من المكانة التي يحتلها إلا أنها باءت كلها بالفشل.

مؤتمر مختلف

المحللان السياسيان اتفقا معا على أن المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية الذي سينعقد نهاية هذا الأسبوع، سيكون مختلفا عن كل المؤتمرات السابقة، “وذلك لأن له رهانان أساسيان، أولهما الإجابة لأول مرة على الإشكالات الداخلية المرتبطة باختلاف وجهات النظر في الولاية الثالثة، وثانيهما الإجابة على المعطيات الخارجية المرتبطة أساسا بالمرحلة القادمة التي تتسم بقيادة العدالة والتنمية للحكومة”، يقول اليونسي.

فيما يرى قصوري، أن العدالة والتنمية لن يكون بنفس القوة والتماسك التنظيمي اللذان تميز بهما في المؤتمرات السابقة، وذلك نتيجة ضريبة قيادته للحكومة التي لم تظهر في نتائجه الانتخابية وإنما على ذاته الحزبية، داعيا الحزب إلى الحفاظ على ذاته موحدة لأن ذلك ما ينتظره منه الرأي العام.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.