هكذا أصبح المغرب رائد إنتاج وصناعة السيارات بإفريقيا

تحوّل المغرب خلال سنوات قليلة، إلى منصة صناعية إقليمية وقارية محورية في مجال تصنيع السيارات، مما انعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني ووفر فرص شغل، وذلك في إطار إستراتيجية وضعت نصب عينيها إنتاج مليون سيارة بحلول 2023.

تحول متسارع

شهدت صناعة السيارات نموا متسارعا مع استقرار شركات عالمية بالمملكة، حيث تعززت إستراتيجية المغرب الخاصة بالقطاع بإطلاق 26 استثمارا صناعيا في قطاع السيارات بكلفة مالية تجاوزت قيمتها 13.78 مليار درهم، مما ساهم في إحداث أكثر من 11 ألف منصب شغل مباشر.

وهكذا انتقل إنتاج المغرب من السيارات، من 23 ألف سيارة سنة 2009 إلى 288 ألف سيارة برسم سنة 2015، قبل يقفز إنتاج المملكة بفضل الجهود الحكومية، إلى 402 ألف سيارة سنويا عند نهاية سنة 2018، ليصل إثر ذلك، إلى إنتاج 700 ألف سيارة عند نهاية 2019، متجاوزا بذلك مصر وجنوب إفريقيا، ليصبح أول مصدر ومنتج للسيارات بالقارة السمراء.

التزام حكومي

التزمت حكومة العثماني، بموجب برنامجها بإرساء نسيج اقتصادي قوي، من خلال مواصلة تفعيل ودعم مخطط التسريع الصناعي بوتيرة أكبر، بهدف جعله قاطرة للتنمية الاقتصادية وتحسين إسهامه في الناتج الداخلي الخام، باعتباره يرتبط بتطور إنتاجية وتنافسية القطاعات الاقتصادية الأخرى ذات القيمة المضافة العالية.

ولتحقيق هذه الأهداف، تم الاعتماد على مجموعة من الإجراءات، منها  إحداث صندوق التنمية الصناعية، الذي رصد له غلاف مالي يقدر ب 20 مليار درهم في أفق سنة 2020، إضافة إلى التزام القطاع البنكي بالدعم الفعلي للصناعة، بالإضافة إلى إحداث منظومات صناعية فعالة، وذلك عبر إحداث دينامية وعلاقة متينة بين المجموعات الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة.

وفي السياق نفسه، جرى اعتماد الموازنة الصناعية،  في إطار المشاريع الكبرى من أجل تحسين انعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن تخصيص 1000 هكتار كمناطق صناعية موجهة للإيجار من أجل التخفيف من كلفة الاستثمار، وتحسين تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة من خلال تسهيل عمليات الولوج إلى التمويل والأسواق، بالإضافة إلى تنشيط مجال التصدير على المستويين الكمي والكيفي، وذلك من خلال دعم التوجه الإفريقي للمملكة.

دينامية صناعية قوية

ويعد قطاع صناعة السيارات، من أهم أقطاب مخطط التسريع الصناعي، حيث عرف مستويات نمو متواصلة على مدى العقد الأخير، مما مكن المغرب من التموقع كقطب صناعي جهوي في مجال صناعة السيارات وأجزائها، بإنتاج يتجاوز 402 ألف سيارة سنة 2018، ليصبح المغرب أكبر منتج للسيارات بإفريقيا، مقابل 376 ألف سيارة سنة 2017.

وقد أحدث هذا المخطط دينامية قوية حول منظومات صناعية فعالة، حيث تم وضع 10 منظومات صناعية في قطاع السيارات، وتتعلق بتخصصات “الأسلاك الكهربائية للسيارات” و”مقاعد السيارات” و”ختم الألواح المعدنية” و”بطاريات السيارات” و”الوزن الثقيل وهياكل الـسيارات الصناعية” و”محركات ونظام نقل الحركة ومنظومتي RENAULT وPeugeot Citroën بالإضافة إلى منظومتي DELPHI  وVALEO

وتهدف هذه الاستثمارات، إلى إحداث شركات جديدة أو إنجاز مشاريع توسعية تزاول مهنا متنوعة ومكملة لسلسلة القطاع، كما تهم مهنا جديدة مثل لوحات القيادة والأجزاء الإلكترونية وتصنيع إطارات العجلات من الألومنيوم وأنظمة الإضاءة والأنظمة الحرارية وأنظمة التنقيل بالإضافة إلى أنظمة التحكم الكهربائية.

مؤشرات رقمية دالة

وبخصوص الإنجازات التي حققها القطاع مقارنة مع الأهداف المسطرة، فقد تمكن هذا القطاع، من إحداث حوالي 117 ألف وظيفة مباشرة إضافية ما بين عامي 2014 و2018، وهو ما تجاوز الهدف المحدد لـه (90 ألف منصب شغل في سنة 2020(.

كما تمكن قطاع السيارات، من توفير طاقة إنتاجية صناعية تبلغ 700 ألف سيارة سنويا، متجاوزا الهدف الأولي المتمثل في 600 ألف سيارة سنويا، فضلا عن الرفع من معدل الإدماج المحلي ليصل إلى 60 في المائة، وهو ما مكن من نقل التكنولوجيا وإدماج عدد الشركات الوطنية في سلاسل القيمة العالمية، فضلا عن تحقيق حجم معاملات مخصص للتصدير يبلغ 72  مليار درهم في عام 2018 مقابل 40 مليار درهم في عام 2014.

رؤية مستقبلية للتصنيع

ولئن كانت حصيلة مخطط التسريع الصناعي إيجابية على العموم، فإن التغيرات البنيوية التي تشهدها سلاسل القيم الصناعية على المستوى العالمي، تستدعي ضرورة تجديد التصنيع بناء على قواعد مبتكرة لرفع التحديات في سياق تنافسي حاد على المستويين الإقليمي والدولي.

وفي هذا الإطار، أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، مطلع الأسبوع الجاري، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، أن الرؤية الجديدة للتصنيع الوطني ترتكز على ترسيخ المكتسبات المحققة، واعتماد مقاربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحديات المستقبلية والتحولات الهيكلية للصناعة العالمية.

كما تقوم الرؤية الحكومية، بحسب العثماني، على تحقيق اندماج أقوى وأوسع وأكثر استدامة في سلاسل القيمة العالمية، لا سيما من خلال تقوية المحتوى التكنولوجي وتطويره، فضلاً عن استباق التحولات المترتبة عن الثورة الصناعية الرابعة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.