رغم حالة الطوارئ الصحية.. المؤسسة التشريعية في قلب الحدث

رغم حالة الطوارئ الصحية بسبب جائحة كورنا، واصلت المؤسسة التشريعية النهوض بمهامها الدستورية خاصة في الشقين التشريعي والرقابي، سواء من خلال الجلسات الأسبوعية للأسئلة الشفوية أو الجلسات الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة، أو عبر التصدّي للنصوص (مشاريع ومقترحات) المطبوعة بطابع الاستعجال من قبيل مرسوم بقانون الخاص بحالة الطوارئ الصحية.

مصطفى إبراهيمي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أكد أن البرلمان يمارس مهامه قبل دخول المغرب في فترة الحجر الصحي، مردفا أنه استدعى لهذا الغرض وزير الصحة وساءله عن مختلف الإجراءات والاستعدادات المتخذة في سبيل التصدي للوباء بكفاءة وفعالية.

وأبرز إبراهيمي، في حديثه خلال لقاء مباشر بُثَّ على صفحة حزب العدالة التنمية الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يوم الجمعة 29 ماي، خصص للحديث عن المبادرات التشريعية والرقابية في ظل الجائحة بمجلس النواب، أن “جميع اللجان البرلمانية قامت بأدوارها كاملة خلال مرحلة الجائحة، واشتغلت مع القطاعات المعنية، سواء تعلق الأمر بالتشريع وطلبات اللجان الدائمة، ومساءلة الحكومة من خلال الجلسة الشهرية مع رئيس الحكومة ومتابعة الوضع الوبائي”.

وشدد إبراهيمي، على ضرورة تطوير الأنظمة الداخلية والقوانين التنظيمية لمجلس النواب من أجل ملاءمة العديد من الإجراءات التي تم اتخاذها أثناء وبعد فرض الطوارئ الصحية، مع النظام وحتى تستجيب لمختلف المستجدات والتوقعات المستقبلية مع القوانين والأنظمة.

وأبرز إبراهيمي، أهمية تعديل القانون الداخلي الذي يحكم عمل المجلس والنواب، حتى يستجيب لأحداث ووقائع قد تكون مشابهة مستقبلا، مضيفا أن واضعي القوانين والأنظمة الحالية لم يضعوا في حسبانهم حدوث وضعية صحية كالتي نعيشها اليوم، ولم يتم اعتماد التصويت بواسطة تقنيات التواصل عن بعد كآلية لأداء أدواره التمثيلية والرقابية والتشريعية.

قوة اقتراحية متواصلة

من جهتها، أكدت لبنى الكحلي عضو فريق للعدالة والتنمية بمجلس النواب، أن المؤسسة التشريعية تفاعلت بمسؤولية وجدية وحس وطني عالٍ، رغم السياق الصعب الذي انخرطت فيه بلادنا ودخولها في معركة مواجهة انتشار جائحة كورونا، من خلال القيام بالدور التشريعي وممارسة الاختصاصات الدستورية بالوتيرة التي تتطلبها المرحلة وبالسرعة والجدية اللازمتين.

 وأضافت الكحلي، في تصريح لـ”مجلة العدالة والتنمية” في عددها الصادر نهاية الأسبوع، أن البرلمان استأنف عمله في الآجال الدستورية التي ينص عليها الفصل 65 من الدستور وفق ترتيبات خاصة وأيضا من خلال عقد اجتماعات اللجان الدائمة والجلسات العمومية التشريعية بحضور ممثل عن كل فريق ومجموعة نيابية في التزام تام بالإجراءات والتدابير الاحترازية، من أجل المصادقة على مجموعة من مشاريع مراسيم بلجنتي الداخلية والمالية تتعلق بمشروع مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية.

وأشارت الكحلي، إلى أن البرلمان لم يتهاون في تفعيل دوره الرقابي، رغم ظروف الحجر الصحي، وانشغال الجميع في مواجهة الجائحة، وذلك بالحرص على عقد جلسات عمومية خصصت لأسئلة السياسات العامة الموجهة لرئيس الحكومة إضافة إلى جلسات أسبوعية خصصت للأسئلة الشفهية ومناقشة كل قطاع على حدة.

وتأكيدا على الدور التشريعي والرقابي، قالت الكحلي، إن مجموعة من اللجان الدائمة قدمت مذكرات اقتراحية تضمنت توصيات مختلف الفرق النيابية لتجاوز الآثار الاقتصادية والمالية والاجتماعية لانتشار الجائحة ببلادنا.

نجاح البرلمان في التمرين الديمقراطي

بدوره، اعتبر عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، أن الإيجابي في هذه المرحلة هو أنه “على الرغم من الطوارئ الصحية استمر النواب والمستشارين في العمل إحقاقا لمبدأ دستوري مهم ورد في  الفصل 59 من الدستور والمتعلق بحالات الاستثناء، حيث إن البرلمان واصل انخراطه في العمل التشريعي والرقابي واستمر في التعبير عن قضايا المواطنين وانشغالاتهم والدفاع عنها بما يتيحه العمل البرلماني في إطار احترام المقتضيات التي تنص عليها الأحكام الخاصة بحالة الطوارئ الصحية، حيث ثبت دوره وموقعه الدستوري حتى في هذه المرحلة”.

وأبرز اليونسي، في تصريح لـ”مجلة العدالة والتنمية”، أن البرلمان المغربي بغرفتيه كسلطة تشريعية، خاض هذا التمرين الديموقراطي بنجاح، إلى جانب باقي المؤسسات الدستورية الأخرى، رغم الصعوبات المسجلة، معتبرا أن شرعية المؤسسات الدستورية الوطنية مترابطة فيما بينها، وأن أي محاولة للمساس بإحداها هو في الحقيقة مساس بشرعية كل مؤسسات الدولة التي وجب تدعيمها وتقويتها خصوصا خلال مرحلة الأزمات.

وأفاد اليونسي، أن هناك حرصا من المؤسسات السيادية في الدولة على احترام واستمرار دور المؤسسة التشريعية، إلى جانب وجود إجماع وطني حول أهمية دور المؤسسات الدستورية في تحقيق آمال وطموحات الشعب المغربي، مضيفا أن أي محاولة بغض النظر عن مختلف الملاحظات التي يمكن أن توجه للمؤسسة التشريعية للمساس بوظيفة السلطة التشريعية أو تجاهلها أو الإمعان في تهميش دورها يمس بشرعية القرارات المتخذة وينم على فقر في الثقافة الديموقراطية لمن ينادي بمثل هذه الدعوات.

ودعا اليونسي، نواب الأمة للدفاع عن أدوارهم وعلى أدوار المؤسسة التشريعية بكل الوسائل والسبل، وأن لا يسمحوا بتسويق صورة سلبية عن المؤسسة التشريعية، والوقوف في وجه من يعمل ليل نهار على الإساءة للبناء المؤسساتي ولهذا التراكم الديموقراطي الذي يحظى به المغرب، على اعتبار أن تبخيس دور المؤسسة التشريعية يساويه التوجه نحو التقليل من مفعول الديموقراطية في مختلف بنيان الدولة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.