لعريشي يكتب: الانتقاد بين البناء والمكر

محمد لعريشي

  جميل جدا أن نتتبع آثار الحسنات والإيجابيات في الأشياء والأشخاص، أما أن نطيل التفكير والتدقيق فقط في العيوب والنقائص، ليس من أجل وضع حلول للمشكلات العالقة، بل قصد الانتقاد اللادغ المبني على السخرية والتهكم والتشهير بالغير، ووضع المنتقد في قفص الاتهام، هو  فعل مشين وليس من فطرة الإنسان، بل هو تطبع وألفة تعودت عليها بعض النفوس الخبيثة.

   كما لا يمكننا إلغاء وتهميش دور الانتقاد البناء، لأنه يمكنك من تحقيق رؤية أوسع وبداية التفكير في الآفاق المستقبلية، ومعرفة وضبط حقائق قد لا تدقق فيها التفكير، أو تمر بها مرور الكرام. ويبقى الانتقاد وسيلة لتقويم الاعوجاجات وملئ الفراغات ووضع اللبنات في مكانها السليم، دون ضرر ولا ضرار بالأشخاص. وهذه الطريقة تجعل المنتقد يعمل أكثر لإصلاح الثغرات، ومن جهة أخرى يصبح مستعدا لتقبل الرأي والرأي الآخر، بسعة خاطر وصدر رحب. وهذا هو منهاج المصطفى صلى الله عليه وسلم.

   فرسولنا الكريم نهج أسلوب الحوار والإقناع بالأدلة والقرائن الثابتة، وتعامل مع غير المسلمين بالحلم، وغلبت حكمته كل جبار متكبر، وأوصل رسالته بالتدرج دون مساس بعشيرة أو معتقد.

فاللسان الرطب الذي لا ينطق إلا خيرا، يساهم في شحذ الهمم والبناء، أما اللسان السليط الذي لا ينطق إلا ماكرا، لا يجني على نفسه سوى كراهية الناس له، حتى وإن لم يعلنوها له في الظاهر.

    فلنتريث عند عتبة ردات فعلنا، قبل أن نصدر أحكاما مسبقة، دون علم يقين بالشيء، وليس فقط من أجل مصلحتي، أو مصلحة شريحة ضيقة من أقراني، أو ذي شرائح واسعة من المجتمع، وأنعتهم بما ليس فيهم، وأكثر من ذلك أروج ضدهم مستغلا في ذلك ضحايا الجهل أو قليلي المعرفة بالشيء، الإشاعات الكاذبة الهدامة.

    وإذا أردنا حسن تدبير الاختلافات والاختلالات، فما علينا إلا بالحوار والانتقاد الإيجابي الهادف.

    وأمر بالغ الأهمية، هو أنه من يعمل كثيرا لابد له من الوقوع في الخطأ، لأنها طبيعة البشر والكمال لخالق الخلق، لهذا ما كان علينا التركيز فقط على ذلك الخطأ، إلى درجة تبخيس كل الأعمال الناجحة التي سبقته أو تلته، وتحويل تلك الهفوة إلى كارثة إنسانية لا تغتفر ولا ينجبر كسرها.

    وأمر آخر بالغ الأهمية كذلك، هو أن فاتر الهمة والناقد الدنيء، لا يخطئ  لأنه ببساطة لا يعمل وحتى وإن عمل فعمله يظل مجرد تقليد للآخر، وخاصة للشخص المقصود بالذات إحباط عزيمته. كل هاته تصرفات رعناء مآلها حتما الزوال.

    خذ البادرة، وساهم بحلول وإرشادات وبدائل، تحمل في ثناياها الائتلاف والتعايش وتبادل الاحترام، وقدم نقدا بناء يجعلك في عين أخاك بطلا تستحق أن يعلق على صدرك وسام الشهامة والرجولة.

     ولنتذكر دائما أنه من يزكي نفسه وينتقص من الآخر، هو إنسان أناني نرجسي لا محل له من الإعراب.

    وقد تمكر بالآخر، ويحفظه الله منك ويمكر بك ( والله خير الماكرين ) أما مسألة القبول والمحبة والشهرة، فلا يأتيان بسلاطة اللسان وبالادعاء بالقوة بل هي توفيق من الباري جل علاه، وكل ميسر لما خلق له.

 

محمد لعريشي، الكاتب المحلي لشبيبة العدالة التنمية بسيدي علال التازي

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.