كيف يمكن إنعاش سوق الشغل بعد أزمة كوفيد-19؟

أكد عمر إيبورك، أستاذ المناهج الكمية والاقتصاد الاجتماعي بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن تأثير أزمة جائحة “كورونا” على نشاط سوق الشغل هو متغير مستتر، بمعنى أنه يعتمد، من بين أمور أخرى، على مدة الصدمة التي لا تزال غير مؤكدة.

وأضاف إيبورك، في تصريح نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن كوفيد-19 يعيد بالفعل كتابة مستقبل العلاقات [أي علاقات العمل] بطرق مختلفة، وذلك على غرار التأثير على السلوك الحالي والمستقبلي، والتأثير على سلاسل القيمة العالمية، وبالتالي، من بين أمور أخرى، على التكاليف والشغل، والتأثير على أنماط التعاون بين المقاولة وبيئتها، لا سيما اللامركزية في مكان العمل، والتأثير على ثقافة المقاولات وعقلية المنظمات بشكل عام، وغير ذلك من الأمور.

وأكد الأستاذ الجامعي أنه في مثل هذه الظروف، قد تكتسي الصدمة السلبية على سوق الشغل طابعا هستيريا، وقد تتفاقم البطالة التي من الممكن أن تكون مؤقتة مبدئيا، موضحا أن هناك العديد من الأسباب التي تدعم امتداد تأثير الصدمات الحالية على ظروف سوق الشغل في المستقبل.

وبخصوص دور برامج الشغل في تأهيل وإعادة التكوين المهني للشباب والعاملين النشطين، لا سيما في سياق الأزمة الصحية، قال إيبورك، إنه من المرجح أن تستغرق الصدمة السلبية على سوق الشغل بعض الوقت قبل أن تنعكس، مردفا أن هذا يعني أن سرعة التقاء نتائج سوق الشغل إلى مستويات ما قبل كوفيد-19 قد تكون بطيئة، وهو ما من شأنه أن يعزز درجة خطورة بعض الظواهر مثل البطالة طويلة الأمد، وبطالة الإقصاء، والإدماج الأولي، والإحباط، وغيرها. وبالتالي، فقد تظهر على السطح قابلية التشغيل، وانخفاض قيمة رأس المال البشري، وتقادم الكفاءات، وغيرها من التحديات المتعلقة بجودة اليد العاملة.

من جهة أخرى، يضيف الأستاذ الجامعي، فإن التغييرات التي أحدثها كوفيد-19 سيكون لها لا محالة تداعيات على أنماط التعاون بين المقاولة وبيئتها، وكذلك على ملاءمة كفاءات العمال.

علاوة على ذلك، فإن تراجع زخم نموذج النمو القائم على الطلب الداخلي، لا سيما الاستثمارات العمومية وتركيز المبادلات التجارية يستدعي اليوم التنويع، والانتقال، والانفتاح، والإنتاجية/التنافسية. وهذا ما يضع الابتكار والمهنية وقابلية تأقلم اليد العاملة في صلب أي مشروع وأي محاولة لبناء نموذج تنموي جديد.

واسترسل، بالإضافة إلى هذه القضايا، ألقت جائحة كورونا الضوء على الحاجة إلى نموذج أمان مرن يتكيف مع واقع مناصب الشغل بالمغرب. والعنصر المحوري لذلك هو نجاح التوازن العادل بين مرونة سوق الشغل، والحماية الاجتماعية، والسياسات النشطة لسوق الشغل، وتكوين اليد العاملة، لا سيما من خلال منظور التعلم مدى الحياة، مما يسمح، من بين أمور أخرى، بالتنقل وإعادة التكوين.

وبالتالي، يمكن أن يضطلع التأهيل وإعادة التكوين المهني للشباب والعاملين النشطين بدور محوري، وبعد ذلك ستتم دعوة البرامج النشطة للشغل لتجاوز مجالاتها المعتادة من حيث الأدوات والأهداف، وكذلك من حيث الحجم والنطاق.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.