أي تقييم لتجربة التعليم عن بعد بالجامعات المغربية؟

وصف محمد خلفاوي، الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي- قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، تجربة “التعليم عن بعد” التي تم اعتمادها بالجامعات على إثر تفشي وباء كورونا “كوفيد-19″، ب”الإيجابية والمحفزة جدا”.

وقال خلفاوي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه التجربة كانت إيجابية بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بتجربة غير مسبوقة تمت أجرأتها في وقت قياسي، مبرزا أن هذه الوضعية المستجدة على منظومة التعليم العالي، طرحت تحديا يتمثل في ضمان الاستمرارية البيداغوجية في ظروف تضمن سلامة الجميع.

وسجل أن دراسة تقييمية يقوم بها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي بتنسيق مع الجامعات، لتجربة التعليم عن بعد خلال فترة الحجر الصحي، أظهرت نتائج أولية جد مُرضية.

وأشار إلى أن الجامعات المغربية تمكنت بفضل المجهودات الجبارة لهيئات التدريس والفرق الإدارية والتقنية للجامعات من توفير ترسانة مهمة من الموارد الرقمية والسمعية البصرية والعديد من الدعامات البيداغوجية لتمكين الطلبة من الاستمرار في التحصيل الأكاديمي، حيث تم إنتاج أكثر من 111 ألف من الموارد الرقمية المتنوعة، تشمل دعامات رقمية وأخرى مرئية ومسموعة، وقد همت هذه الموارد الرقمية بين 70 و100 بالمئة من المضامين البيداغوجية المبرمجة.

التعليم عن بعد..

ولفت إلى أنه حرصا على ضمان الاستمرارية البيداغوجية وتمكين الطلبة من التحصيل الدراسي والعلمي في أفضل الظروف الممكنة، تم التنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي والوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، لتيسير ولوج الطلبة مجانا إلى المواقع والمنصات الالكترونية للجامعات والمؤسسات العمومية المخصصة للتعليم والتكوين عن بعد.

وحسب خلفاوي، عملت الوزارة بشراكة مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة على تقديم 736 من الدروس والمحاضرات المصورة على قناة الرياضية، ما بين 26 مارس و26 يونيو 2020؛ حيث شملت هذه الدروس مختلف الحقول المعرفية التي يتم تلقينها بمؤسسات الاستقطاب المفتوح، ولاسيما تلك الخاصة بسلك الإجازة في الدراسات الأساسية التي تستقطب ما يفوق 90 بالمئة من العدد الإجمالي للطلبة.

كما تم وضع منصة خاصة بالموارد الجامعية الرقمية للولوج المباشر والحي، وذلك بعد بثها عبر قناة الرياضية (run.enssup.gov.ma) إضافة إلى ذلك، عمد الأساتذة إلى استخدام عدة منصات عن بعد لضمان تفاعل أكبر مع الطلبة، من بينها (Google classroom, Moodle, Microsoft Teams, Google Meet, Zoom,)، كما تم توفير الولوج لعدة موارد رقمية في إطار اتفاقيات تعاون مع عدد من الدول الشريكة (بريطانيا، فرنسا، سويسرا… (.

استكمال الامتحانات..

وبخصوص استكمال امتحانات السنة الماضية والإعلان عن النتائج بالنسبة لجميع الامتحانات بالمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المحدود، والإجازات المهنية والماستر بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح باعتبار الولوج إليها وطنيا، قال المسؤول التربوي إن الجامعات عمدت، ابتداء من شهر يوليوز 2020، إلى اعتماد الامتحانات والتقييم عن بعد، وذلك حسب البرامج التي تم الإعلان عنها.

وأشار إلى أنه تم إجراء الامتحانات الجامعية بالنسبة للمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح، حضوريا ابتداء من شهر شتنبر المنصرم اعتبارا لكون الولوج إليها جهويا ومحليا من جهة، ونظرا للأعداد المرتفعة للطلبة ولصعوبة تدبير تنقلهم واستفادتهم من الخدمات الاجتماعية من جهة أخرى، في ظل ظروف حالة الطوارئ الصحية.

وأضاف أن الجامعات عملت على خلق العديد من مراكز القرب لاجتياز الامتحانات، حيث تم توزيع عدد الطلبة على المراكز حسب الفصول الدراسية وحسب المؤسسات، كما عملت الجامعات على إعداد روابط الكترونية خاصة بالتسجيل أو إعادة تغيير مركز الامتحان بالنسبة للطلبة الراغبين في ذلك.

بحوث نهاية الدراسة..

وفي ما يخص بحوث نهاية الدراسة والأطروحات، أكد خلفاوي أنه تم منح الطلبة إمكانية مناقشتها عن بعد، وموازاة مع ذلك، عملت الجامعات ومؤسسات التعليم العالي على تعزيز الوقاية والسلامة الصحية، من قبيل إجبارية ارتداء الكمامات داخل الفضاءات الجامعية، وإقرار التباعد الجسدي بين الطلبة عن طريق تفويج أو تقليص الأعداد في المدرجات والقاعات ومراكز القرب، وتطهير اليدين بشكل منتظم، وتعقيم فضاءات التكوين والتعليم بشكل مستمر.

وسجل أنه تم أيضا اتخاذ إجراءات استثنائية همت ظروف اجتياز امتحانات الدورة الربيعية المؤجلة قصد استكمال السنة الجامعية 2019-2020، وعملية تسجيل الطلبة الجدد وانطلاق الدراسة برسم السنة الجامعية 2020-2021، مبرزا أن هذه الإجراءات تواكب مجموعة من التدابير الاحترازية بغية تعزيز الوقاية والسلامة الصحية للجميع.

   وبهذا الخصوص، أبرز أن الدراسة برسم السنة الجامعية 2020-2021 انطلقت منذ منتصف شهر أكتوبر الماضي، وشملت جميع المؤسسات الجامعية منتصف شهر نونبر الجاري، مع إعطاء الإمكانية للطلبة لاختيار إحدى الصيغتين التاليتين أو كلتيهما (التعليم عن بعد، التعليم الحضوري في مجموعات صغيرة(.

صلاحيات رؤساء الجامعات..

وأشار إلى أنه تم إعطاء الصلاحيات لرؤساء الجامعات من أجل تكييف النموذج البيداغوجي المعتمد على مستوى كل جامعة أو مؤسسة للتعليم العالي، في أي فترة من الموسم الجامعي 2020-2021، تبعا لتطور الحالة الوبائية والتغيرات التي قد تطرأ على مستوى كل جهة، وذلك بتنسيق تام مع الوزارة الوصية والسلطات العمومية المختصة.

وتم في هذا الصدد، يضيف المسؤول التربوي، اتخاذ مجموعة من الإجراءات على مستوى كل الجامعات العمومية ومؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات ومؤسسات التعليم العالي الشريكة، ومؤسسات التعليم العالي الخاص، وذلك في إطار استقلاليتها واحترام تام لقرارات هيئاتها التقريرية، قصد إجراء الامتحانات المؤجلة وإنجاح الدخول الجامعي الحالي مع مراعاة تطور الحالة الوبائية محليا وإقليميا وجهويا.

تدبير الزمن الدارسي..

وبخصوص سيناريوهات تدبير الزمن الدراسي لتفادي المشاكل التي واجهتها الجامعة الموسم الفارط، أوضح السيد خلفاوي أن الوزارة عملت بتنسيق تام مع ندوة رؤساء الجامعات والهياكل التقريرية بمختلف المؤسسات الجامعية، في إطار مقاربة استباقية، حيث انكبت منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية على الاشتغال على كل السيناريوهات الممكنة لتدبير الموسم الجامعي 2020-2021، وضمان إنجاح هذا الدخول الجامعي.

فمنذ شهر يوليوز، يضيف الكاتب العام لقطاع التعليم العالي، اشتغلت الأطر التربوية والإدارية بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي الفارط على إعداد برامج ومضامين رقمية للدروس الخاصة بالدورة الخريفية.

وقد تم في هذا الإطار، اعتماد نظام التفويج والتناوب بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، وذلك من خلال توفير ترسانة مهمة من الموارد البيداغوجية الرقمية لتمكين الطلبة من الاستمرار في التحصيل الأكاديمي؛ واستخدام منصات عن بعد من طرف الأساتذة لضمان تفاعل أكبر مع الطلبة، بالإضافة إلى توفير الولوج لعدة موارد رقمية لعدد من الدول الشريكة، ووضع منصة خاصة بالموارد الجامعية الرقمية.

وأضاف أنه يتم تعزيز البنى التحتية عبر الشروع في إحداث استوديوهات على مستوى الجامعات لتسجيل الدروس الرقمية، وذلك في إطار اتفاقية للشراكة بين قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، ومؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، وجامعة محمد السادس متعددة التقنيات، تروم إحداث “المركز الوطني للرقمنة والتعليم عن بعد”، انطلاقا من الخبرة والتجربة اللتين راكمتهما جامعة محمد السادس متعددة التقنيات في هذا الميدان.

مسار الإصلاح الجامعي..

وبخصوص ما ستفرضه أزمة “كورونا” من مداخل جديدة في مسار الإصلاح البيداغوجي الجامعي، الذي تم الشروع في التشاور بشأنه مع هياكل وأجهزة المؤسسات الجامعية قبل الجائحة، أبرز خلفاوي أنه بناء على الوضعية المستجدة التي عاشتها منظومة التعليم العالي بكل مكوناتها خلال هذه الفترة المصاحبة للجائحة، يتبين جليا مدى أهمية تطوير التعليم عن بعد كمكمل للتعليم الحضوري وتشجيع التعلم الذاتي للطلبة.

وأكد أن النظام الجديد يضع ضمن مرتكزاته تقوية الكفايات الرقمية للطالب على مستويين، يتمثل الأول في تعزيز القدرات الرقمية للتعلم بما فيها استعمال الرقمنة كوسيلة بيداغوجية للتعلم، ولاسيما التكوين عن بعد من خلال تطوير طرق تدريس مبتكرة؛ ويرتكز المستوى الثاني على القدرات الرقمية للاندماج المهني أي إدماج لغة الرقمنة في التعلمات باعتبارها ضرورة ملحة لمهن المستقبل وسوق الشغل، بالإضافة إلى تنمية الكفايات الحياتية والذاتية للطلبة، حيث يدرس الطالب لزوما 6 وحدات في المهارات الحياتية والذاتية (وحدة خلال كل فصل) طيلة مسار التكوين، مما سيمكن الطالب من تنمية عدة مهارات، بما في ذلك، قدراته على التعلم الذاتي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.