حكومة الارتباك المبين

منذ البداية قلنا عن هذه الحكومة وأغلبيتها “إنه من الخيمة خرج مايل!”، لكن لم نتوقع بتاتا أن يكون السقوط بهذه السرعة، وأن يقع الإنكشاف بهذا الوتيرة الدرامتيكية.

فبعد الارتباك الواضح، في إعفاء وزيرة الصحة التي “لم تسخن بلاصتها”، وبذلك استحقت هذه الحكومة تحطيم كل الأرقام القياسية ربما في العالم بتوقيع أسرع تعديل حكومي؛

ها هي الحكومة الموقرة اليوم تقرر لوحدها -ويا سبحان الله- تعطيل موعد دستوري، بدون أن تكلف نفسها، ووزارتها في العلاقة مع البرلمان والتي تجمع معها أيضا ولسخرية الأقدار موقع الناطق الرسمي باسم الحكومة، شرف أو بالأحرى واجب تفسير قراراها بعدم عقد جلسة عامة للأسئلة الشفهية لمجلس النواب اليوم، وتقديم مبررات مقنعة لهذا القرار، الذي لا تسعفه معطيات واقعية ويخالف الدستور روحا ونصا، ويعطل الأدوار الرقابية لمؤسسة البرلمان.

ما الذي يجعل هذه الحكومة التي أغرقتنا في سيل جارف من البروباغاندا حول الكفاءات و”تستاهل أحسن” و”هبط تخدم” عاجزة إلى درجة عدم قدرتها الخروج للناس بتوضيح أو حتى مجرد بيان في الموضوع؟

ثم أيضا ما الذي يمكن أن يمنع من عقد جلسة دستورية عادية، بعد أن تم استكمال البناء المؤسساتي سواء للحكومة أو البرلمان؟!

ثم لماذا الإصرار على هذا الكتمان أو الصمت المريب في زمن أصبح فيه الحق في المعلومة حقا دستوريا مكتمل الأوصاف؟!

وهل الصمت والانكفاء على الذات والارتباك والتردد، كل ذلك أصبح من مقومات الكفاءة التي بشر بها القوم وأسالوا بها بحارا من الدجل والتضليل الإعلامي والسياسي؟!

قد نتفهم تأجيل جلسة عرض مشروع قانون المالية، ربما لإدخال بعض التعديلات، وإن كان ذلك يزيد الشك في كفاءة واضعيه، إلا أنه لا نستوعب بتاتا هذا التكتم غير المبرر والاستنكاف عن التواصل والتوضيح لعموم المغاربة.

فالمغاربة يستحقون حكومة تقدرهم وتفي بالتزاماتها الدستورية تجاههم، ولا تتعالى عليهم وتسلب حقهم الدستوري في المعلومة!!

يبدو أن شعار الكفاءات كان له وقع سلبي على أصحابه، فبعد أن كان مظنة للتباهي، تحول اليوم إلى مسوغ للاستعلاء على المواطنين وعلى المؤسسات والدستور.. ولله في خلقه شؤون.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.