إعداد الحكومة للانتخابات بلوائح انتخابية مطعون فيها فشل في الاختبار الديمقراطي

16 ـ 05 ـ 2011

تضع الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بلادنا أمام امتحان حقيقي بالنسبة إلى مصداقية وشفافية هذه الانتخابات، وهو ما يفرض إعداد لوائح انتخابية جديدة، وإلغاء اللوائح القديمة، غير أن ما تواتر من أخبار من جهات ومصادر متعددة تتحدث عن إمكانية إجراء انتخابات سابقة لأوانها، ومن ذلك الموقف ما عبر عنه حزب الاستقلال في شخص أمينه العام عباس الفاسي، الوزير الأول، والداعي إلى إجراء انتخابات مبكرة، فضلا شروع وزارة الداخلية في عجلة من أمرها لمراجعة جزئية للوائح الانتخابية، مما يدعو إلى القلق من طبخ استحقاقات العهد الجديد بآليات العهد القديم، وفي هذا السياق، طالبت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في بيان لها صدر عقب اجتماعها العادي المنعقد يوم الاثنين 9 ماي 2011، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية، والتدابير السياسية والإجراءات التنظيمية ذات الصلة بالإعداد الجيد للانتخابات عبر تعيين لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات منعا لأي شكل من أشكال تدخل الإدارة والعمال والولاة الذين تم تعيينهم في سياقات تتنافى مع سياق الإصلاح الديمقراطي الذي يسعى المغرب إلى إنجازه بعد إنجاح الاستحقاق الدستوري، فضلا عن إعادة النظر في التقطيع الانتخابي وبنائه على أساس معطيات موضوعية تضمن حقيقة تمثيلية القوى السياسية الوطنية، وليس على أساس اعتبارات التحكم في الخريطة السياسية.

وشدد ذات البيان، على ضرورة القطع مع كل مظاهر الفساد الانتخابي، والممارسات التي تسببت في بلقنة الحياة السياسية، على المستوى الوطني والمحلي، وما ارتبط بذلك، وما تبعه من تدخل سافر في تشكيل المجالس على مقاس بعض المتنفذين، كما حصل في وجدة وطنجة، وسعى لتدمير الأغلبيات المشكلة لبعضها، وما نجم عن ذلك، من حالة شلل في عدد من مجالس المدن، كما هو الحال اليوم في سلا والدار البيضاء، ما تسبب في ضياع مصالح السكان بتلك المدن.

وفي هذا السياق، قال عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، “إنه لامشكلة لدى حزب العدالة والتنمية في إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، شريطة الإعداد الجيد لها، عن طريق أخذ الوقت الكافي لإعداد جيد يأخذ بعين الاعتبار التشاور مع الأحزاب السياسية، ومتطلبات مرور العملية من البرلمان، وهو ما يشاطره فيه لحسن الداودي، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي دعا إلى إعداد جيد للانتخابات المقبلة، معبرا عن تخوفه من التسرع في التحضير للانتخابات المقبلة بطريقة “كوكوت مينوت”، مما سيكون له أثر سلبي على جودة العملية الانتخابية برمتها، موضحا: “لاتخيفنا الانتخابات السابقة لأوانها، شريطة أن ترتبط بالتحضير الجيد على مستوى إعداد اللوائح والقوانين الانتخابية التي ظهر أنها تعرف مشاكل كبيرة عبرت عنها الاحتجاجات خلال الانتخابات السابقة”، مشددا على ضرورة إشراف القضاء على العملية الانتخابية، ورفع يد وزارة الداخلية عن يوم الاقتراع، بالإضافة إلى اعتماد البطاقة الوطنية في عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية، والاستناد إليها- بالنسبة إلى جميع المواطنين الذين وصلوا إلى سن التصويت-خلال عملية التصويت بدل بطاقة الناخب.

وفي السياق ذاته، لم يخف جامع المعتصم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، توجسه من يتم طبخ الاستحقاقات في العهد الجديد الذي ينتظره الجميع بآليات العهد القديم، مُضيفا أن الإصلاح الدستوري المرتقب ينبغي أن يكون عميقا مجسدا في مؤسسات جديدة، وفق رؤية واضحة للشعب المغربي وللأحزاب تكون مبنية على فتح المشاورات مع الأحزاب السياسية، محذرا من خطورة بقاء الأمور بيد وزارة الداخلية تحركها كيف ومتى شاءت، لأن في ذلك “غياب إرادة حقيقية في الإصلاح”.

ومن جانبه، قال عبد الله بووانو، عضو لجنة الداخلية والبنيات الأساسية بمجلس النواب، “إن تنظيم انتخابات السابقة لأوانها، معناها عودة وجوه الفساد التي كانت، وعدم محاسبة الذين دبروا المرحلة السابقة، لذلك نتخوف من أن تأتي الحكومة بقوانين وتمريرها عبر المؤسسات الموجودة، والتي عليها علامة استفهام بطريقة لا يتم إخضاعها للنقاش الحقيقي”، وحول حديث وزارة الداخلية بأن الانتخابات ستتم بعد التصويت على الدستور الجديد، يعلق بووانو قائلا:”هذا حق أريد به باطل، حيث إن الهدف من ذلك هو تمرير مجموعة من الأمور بطريقة (كوكوت مينوت)” مضيفا :”إن اقتراح عباس الفاسي، ومعه الحكومة، إمكانية إجراء انتخابات قبل الأوان فيه محاولة الهروب من المحاسبة”.

وبدوره، اعتبر نور الدين قربال، النائب البرلماني، عن فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب أن الحكومة رسبت في المرحلة الأولى في الاختبار الديمقراطي من خلال تبنيها مراجعة استثنائية، لاتؤشر على إعادة المصداقية للعملية الانتخابية، ولاترفع من نسبة المشاركة، ولا تفرز مؤسسات ذات شرعية، ولا توفر تنافسا انتخابيا نزيها، ولا تُتيح تمثيل القوة السياسية في الهيآت المنتخبة حسب حجمها الحقيقي في المجتمع، وأبرز في تدخله خلال مناقشة مشروع قانون رقم 12.11 يتعلق بتنظيم مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية العامة، يوم الثلاثاء 3 ماي 2011 بمجلس النواب، أن مشروع قانون رقم 12.11 مشروع ترقيعي لايتوافق وحجم انتظارات الشعب المغربي، لينضاف إلى الفشل الذي ينتاب الحكومة في سياستها الاقتصادية والاجتماعية وفتح أوراش الإصلاح كالقضاء والإدارة وغيرها، مشيرا إلى أن “إقرار المراجعة النهائية والتفصيلية للوائح الانتخابية ضمانة حقيقية للقطع النهائي مع الفساد الانتخابي الذي كرسته اللوائح السابقة، وإلا سيستمر الوضع على كما هو عليه والذي من شأنه أن يعيق شريحة كبيرة من الشباب والسياسيين والمثقفين والمتتبعين وعامة الشعب”، مؤكدا بأن لوائح اليوم، تعتريها عدة عيوب تتمثل في التكرار وتسجيل فاقدي الأهلية والوفيات “والإنزال” والتشطيب غير المستند إلى قانون إلى غير ذلك من الشوائب التي كانت موطن طعن سياسي وقانوني ودستوري.

وفي موضوع متصل، كان حزب العدالة والتنمية، أكد في المذكرة التي أعدها بشأن القوانين الانتخابية، على ضرورة وضع لوائح انتخابية جديدة، تتم على أساس التسجيل التلقائي لجميع المواطنين الذين تتوفر فيهم شروط الناخب، وذلك باعتماد بطاقة التعريف الوطنية وشرط الإقامة للتقييد في الدائرة الانتخابية، مطالبا بضرورة إسناد مهمة الإشراف على الانتخابات المقبلة إلى القضاء، باعتباره سلطة مستقلة عن الجهاز التنفيذي الذي يتولى تدبير الانتخابات، مشددا على ضرورة التنصيص أن يكون “تحديد معايير التمثيلية والتقطيع الانتخابي من صلاحيات السلطة التشريعية”. كما أكد في المذكرة المذكورة على ضرورة إقرار معيار عادل ومتوازن للتمثيلية بمجلس النواب، يعالج حالة التفاوت الكبير بين الدوائر الذي يستخدم للتحكم في الخريطة السياسية، كما طالب أيضا بأن يتم إعادة تقطيع الدوائر الانتخابية بما يتطابق مع الإقليم أو العمالة، في إطار تقسيم متوازن للإقليم والعمالات، مع تخصيص مدينة الدار البيضاء بوضعية ملائمة، وذلك بمقتضى قانون.

الموقع: حسن الهيثمي

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.