فاضلي: هل صادق ابن كيران على اتفاقية سيداو، ردا على خالد البكاري

منذ المهرجان الخطابي الذي نظمه حزب العدالة والتنمية قبل أيام خصوصا كلمة عبد الإله ابن كيران خلاله لم تتوقف حملات الهجوم على بنكيران والحزب، وقد كانت إحدى وسائل الهجوم على ابن كيران هي اتهامه بمحاولة استغلال النقاش حول مدونة الأسرة للعودة للمشهد السياسي واتهامه “بالنفاق” وبالمصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”.
فأما العودة لتصدر المشهد السياسي فتؤكدها التفاعلات مع كلمة ابن كيران ليس فقط بعد المهرجان الوطني الأخير حول مدونة الأسرة بل منذ إعادة انتخابه أمينا عاما للحزب، وما الهجوم على ابن كيران مؤخرا إلا دليل على تلك المكانة، كما إنه لا حرج بالنسبة للحزب أن يعود لتصدر المشهد السياسي بسبب دفاعه عن مرجعية الدولة والمجتمع، فهذا شرف للحزب وليس تنقيص منه، فالصراع اليوم دوليا هو صراع مرجعيات بالأساس.
ليست المرة الأولى التي يتهم فيها ابن كيران بالمصادقة على اتفاقية سيداو، بل تم تكرارها طيلة الفترة السابقة من قبل خصوم الحزب وابن كيران، حتى تحولت “لمسلمة” لدى البعض، تطبيقا لقاعدة “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”، لكن أن يسقط خالد البكاري في ترديد الأكذوبة نفسها فهو عنوان على مدى الجهل الذي يعتري جزءا من الجسم الحقوقي الذي من المفترض فيه أنه على علم واطلاع على أساسيات الممارسة الاتفاقية للمغرب فيما يخص الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
ليس المجال في هذه المقال مناقشة مضمون مقال خالد البكاري التبسيطي والاختزالي بشكل لافت، خصوصا فيما يتعلق بتغييب السياقين الداخلي والخارجي في تفسير توجه الدولة المغربية فيما يخص المصادقة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وقد كان يكفيه تتبع المسار المغربي فيما يخص اتفاقية سيداو، بل كان يكفيه فقط مجرد اتهامه لحكومة ابن كيران بالمصادقة على اتفاقية سيداو حتى لا يسقط في تلك القراءة الاختزالية والتبسيطية، وكذلك فيما يخص مواقف العدالة والتنمية لاسيما مع ابن كيران والمرجعية الحاكمة لمواقفه تجاه القضايا الهوياتية.
يقول خالد البكاري في مقال في موقع “صوت المغرب” “تصالح إخوان ابن كيران مع المهرجانات الفنية، وصادقت حكومتهم على اتفاقية سيدياو (اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) التي كانوا يعتبرونها “الشر المطلق”، والأداة الغربية لتخريب المجتمعات”.
وهنا فقد وقع خالد البكاري في خطأ فادح، خطأ يدفع أي باحث أو ناشط حقوقي ليسأل عن مدى إلمامه بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان والممارسة الاتفاقية للمغرب في هذا الباب.
والحقيقة أن لا حكومة ابن كيران أو العثماني صادقت على اتفاقية سيداو، بل انضم المغرب للاتفاقية سنة 1993 –قبل تأسيس العدالة والتنمية-، وتم نشر الاتفاقية سنة 2001 خلال حكومة عبد الرحمان اليوسفي، مع إعلانه عن التحفظ على مجموعة من المواد (2/9/ 15/16/ 29)، والتي اعتبرها المغرب تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية (المساواة في الإرث)، وولاية العرش…
وفي أبريل 2011 أعلنت حكومة عباس الفاسي عن رفع تحفظات المغرب على الاتفاقية باستثناء المادة 2، والفقرة الرابعة من المادة 15، والفقرة الأولى من المادة 29. مما يعني أن المغرب رفع تحفظاته عن المادتين 9 و16، وهذه الأخيرة متعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة وكثير من أحكامها متوافقة مع مدونة الأسرة.
.ويقول خالد البكاري “بل وصادقت “حكوماتهم” حتى على بعض من بروتوكولاتها الاختيارية”، وهذا كلام غريب حقا ويطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى إلمام الحقوقي خالد البكاري بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بحيث لا وجود “لبروتوكولات اختيارية” لاتفاقية سيداو، بل يوجد بروتوكول واحد، وهو المتعلق باختصاص اللجنة الخاصة بالقضاء على التمييز ضد المرأة في تلقي البلاغات، وقد صادق عليه المغرب سنة 2015 في عهد حكومة ابن كيران، وكما هو معلوم لكل دارس للقانون الدولي فلا يمكن فصل الملحق عن اتفاقية سيداو، ولا يمكن فصله عن التحفظات والتفسيرات التي قدمها المغرب بخصوص تلك الاتفاقية.
وقد نسي البكاري أنه وفي سياق اختراع تهمة ضد ابن كيران وحزبه ان نسف كل كلامه حول العودة إلى “المحافظة”، كما نسي أو تناسى البكاري الإشارة إلى مصادقة المغرب خلال حكومة ابن كيران في الوقت نفسه على البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد، وقبلها على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وهما من الاتفاقيات الرئيسة التي كانت تطالب بهما الحركة الحقوقية، فهل تلك المصادقة هي الأخرى تدخل في إطار العودة “للمحافظة”!؟

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.