[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

هل نحن حقا في حاجة إلى حكومة إنقاد وطني؟

المغرب تميز باستثنائه وتميزه وحكمة قيادته وتبصرها في عدد من المنعرجات التاريخية التى ضلت فيها أفهام وزلت فيها أقدام عدد من القائمين على شؤون بلدان أخرى في المنطقة في ظل ما سمي بالربيع العربي .

 كان الربيع المغربي مزهرا ومثمرا بدستور متقدم ومحطتين انتخابيتين متتاليتين قدم فيها ملك البلاد درسا بليغا في احترام المنطق الديمقراطي الذي حبل به دستور 2011 ، في ثلاث محطات: حين تم تكليف الأستاذ ابن كيران بتشكيل الحكومة عشية انتخابات  2011 وتكليفه ثانية عقب انتخابات السابع من أكتوبر سنة 2016 ، ثم حين تم تعيين الدكتور سعد الدين العثماني الشخصية الثانية في الحزب عقب تعثر تشكيل الحكومة من قبل رئيس الحكومة المعين آنذاك .

تأكد الاستثناء المغربي وتميزه من جديد في ظروف الجائحة من خلال تبصر جلالة الملك ورؤيته الحكيمة التي انبنت على اختيار استراتيجي يقوم على أن صحة المواطن في المقام الأول، مما جعل المغرب يبادر في وقت مبكر إلى إقرار حجر صحي مع اتخاذ عدد  من التدابير الاقتصادية والاجتماعية  المصاحبة، بتوجيهات وتتبع مباشر ومتواصل من قبل جلالة الملك أمير المؤمنين، واصطفاف الحكومة وكافة مكونات المجتمع المغربي من فاعلين اقتصاديين واجتماعيين ومجتمع مدني، مما مكن من إقامة التوازن المطلوب بين متطلبات مواجهة الجائحة والتحكم في انتشار الوباء واحتوائه على العموم وتجنب الأسوإ.

هذا الالتفاف الوطني وراء القيادة الحكيمة لملك البلاد،  فبفضل ما تتمتع به الدولة المغربية من أصالة تاريخية ضاربة في أعماق التاريخ ، كان دائما استثناء في مواجهة الظروف الصعبة أو الظروف الطارئة.

 وكما أنه لم يفقد البوصلة الاستراتيجية  في التعاطي مع أحداث ما سمي بالربيع العربي بل كانت مناسبة كي يطلق دورة إصلاحية جديدة من خلال الإعلان عن دستور جديد والدخول في إصلاحات مؤسساتية، لم يفقد البوصلة في ظروف الجائحة وفي تدبيره لإكراهات الخروج منها في التأكيد على أن الأولوية لصحة المواطن، مع السعي للتغلب على تداعياتها من أجل الإقلاع الاقتصادي والعودة إن شاء الله أكثر قوة وثباتا في مسار بناء صرح نموذجه التنموي الجديد الذي سيكون تعزيز صرح البناء الديمقراطي أحد أهم مداخله.

بعض المهووسين بالحسابات السياسية الصغيرة في هذه اللحظة التاريخية التي تقتضي استجماع الجهود لمواصلة مواجهة الجائحة وتدبير الخروج منها، سرعان ما رجعوا إلى ردود أفعال سياسوية بعيدة عن منطق اللحظة وروحها وراحوا يحصون حسابات الربح والخسارة ،

 وقع ذلك، يا للغرابة مباشرة  بعد الخروج الناجح  للسيد رئيس الحكومة أمام البرلمان،  متناسين أننا لم نربح المعركة نهائيا ضد كورونا، وأن الأشواط الأخيرة فيها هي الحاسمة أو بلغة رياضة العاب القوى: إننا دخلنا فيها الخط المستقيم، وأن التعالي عن الحسابات السياسوية خلال هذه المرحلة ينبغي أن يكون في أوجه وفي أبهى صوره.

 خرجوا في وقت متزامن وكأنهم تواصوا به،  فمنهم  منهم  داع إلى حكومة “إنقاذ وطني” وليس “حكومة إئتلاف” وأننا في زعمهم في حالة الطوارئ وليس في حالة انضباط حرفي لـ”النهج الديمقراطي الشكلي”، وكأن المغرب يعيش أزمة تهدد استقرار مؤسساته وتهدد استمرار الدولة في القيام بمهامها.

 ومنهم من ادعى أن البلد قد دخل نفقا مظلما بعد كورونا وأن حزب العدالة والتنمية لم يعد  في جعبته ما يعطيه وهلم جرا .

نأسف حقا أن يكون هذا هو سقف وأفق تفكير البعض في “مغرب ما بعد كورونا”، ونحن لا زلنا نحتاج إلى مواصلة التعبئة وتركيز الجهد في محاصرتها نهائيا.

يتعين على هؤلاء أن يتذكروا أن أي كسب تحقق في مواجهة كورونا إنما كان بالالتحام الوطني وراء قيادة متبصرة، وعائده على الوطن كله والمواطنين كلهم، كما كان التعامل مع ما سمي ب “الربيع العربي” تعاملا متبصرا من قيادة متبصرة ومن شعب متبصر غير متهور .

فهذا البلد الآمن بإذن الله، قد ارتضى طريق الخيار الديمقراطي منهجا ونص عليه في الدستور كركن من الأركان الذي تقوم عليه هذه الامة، ولا تراجع أبدا عن هذه الطريق مهما كانت الظروف والوقائع.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.