قال رضا بنخلدون رئيس لجنة العلاقات الدولية لحزب العدالة والتنمية، إن البيان المشترك الذي تم اعتماده في ختام المباحثات المعمقة بين جلالة الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الذي يقوم بزيارة رسمية للمغرب بدعوة من جلالة الملك، تاريخي ويؤسس لتحول حقيقي في علاقة البلدين.وأضاف في تصريح خص به pjd.ma، “لكي نعرف قيمة ما حدث ما علينا ببساطة إلا أن ننظر إلى موقف الجزائر باعتبارها الجهة الداعمة للانفصاليين وهي تستدعي سفيرها بمدريد وما له من دلالة كبيرة”، مبينا أن إسبانيا مع هذا البيان، تؤكد على مجموعة من النقط القوية، منها الحديث عن خارطة طريق، مؤكدا على أنه “نحن لسنا أمام تعاون ثنائي بمفهومه التقليدي والكلاسيكي المتعارف عليه في الأدبيات الدبلوماسية، فخارطة الطريق تنسجم مع ما جاء في خطاب جلالة الملك وتنسجم مع خطاب الملك الإسباني الذي تحدث عن علاقات تليق بالقرن الـ21”.
وهذه الخارطة يقول بنخلدون، تتضمن مجموعة من النقط، من قبيل روح الثقة والتشاور وهذه نقطة قوية بحسبه، وما يعطيها هذه القوة، هو حديث البيان المشترك عن الابتعاد عن أعمال أحادية، وأوضح أن الحديث عن أعمال أحادية يعني الطرفين اسبانيا والمغرب، فإسبانيا ترغب في أن يكون هناك تشاور في كل القضايا ومنها ترسيم الحدود البحرية، والمغرب يطلب ألا يقع ما وقع في قضية “بن بطوش” المعروفة.
وأضاف أن المجالات التي تحدث عنها البيان المشترك، هي مجالات معروفة في التعاون الثنائي كالتعاون في المجال الثقافي والاقتصادي والتعليم العالي والتجاري والطاقي، وأبرز أن البيان المشترك ركز على التعاون على إحياء وتفعيل اتفاقية الصداقة لسنة 1991 لحسن الجوار، التي في الواقع يمكن القول إن اسبانيا بمواقفها السابقة ابتعدت عن روح هذه الاتفاقية، فإسبانيا باعتبارها دولة مستعمرِة للأقاليم الجنوبية كان المفروض أن تتعامل بشكل آخر مع ملف الوحدة الترابية.
وأبرز المتحدث ذاته أن هذا البيان يؤكد بصفة نهائية أن إسبانيا دخلت ما يمكن أن نسميه بـ”منطق التاريخ” بإعلانها أن الحكم الذاتي هو الأساس لكل المفاوضات وأنه الحل الواقعي أو الأكثر واقعية، وهذا يعني بأن إسبانيا تعترف بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية في حين كانت سابقا تعتبر المغرب قوة إدارية بعد اتفاقية الثلاثي لـ 28 أبريل، وبهذا تنخرط إسبانيا في الحل الأممي الداعي إلى اعتبار الحكم الذاتي المغربي أكثر جدية”.
وحول آفاق العلاقة بين البلدين بعد البيان المشترك، يرى رئيس لجنة العلاقات الدولية لحزب العدالة والتنمية، أن آفاق التعاون بين البلدين سيظهر في مجموعة من الملفات، مشيرا إلى ما جاء في البيان عندما تحدث عن الهجرة وتناولها من مختلف الأوجه، وقال إن إسبانيا حريصة على أن يقع تعاون في الهجرة حتى لا يقع تدفق للمهاجرين بشكل يضر بمصالحها، وفي نفس الوقت المغرب غير مستعد أن يبقى دائما دركيا لإسبانيا ولأوروبا، فمن الطبيعي أن يبحث المغرب عن مصالحه حيث يصعب عليه أن يتعامل مع دولة لا تعترف له بحدوده التاريخية وبالسيادة على جزء كبير من أقاليمه وهذا إشكال، يقول بنخلدون.
المجال الثاني، يضيف بنخلدون، يتعلق بالتعاون الاستخباراتي وما يتعلق بالأمن وبالإرهاب، وأوضح أن إسبانيا تعترف بقدرة المغرب الكبيرة في هذا المجال وسبق أن اعترفت بذلك في مناسبات كثيرة.
واعتبر المتحدث ذاته، أن موقف إسبانيا في المنتظم الدولي اليوم على مستوى الأمم المتحدة سيكون موقفا قويا وفي مصلحة المغرب، وتتشابه في ذلك بشكل أو بآخر مع موقف ألمانيا إذا أضفنا إليه الاعتراف الواضح للولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر صاحبة القلم في قرارات مجلس الأمن، سنلاحظ أن المغرب يخطو خطوات سريعة في اتجاه الحسم النهائي لملف وحدته الترابية، فكل هذه المجالات يؤكد بنخلدون “تعد بمستقبل واعد على مستوى التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري والتبادل الثقافي والتبادل في مجال الطاقة وفي مجالات ممكنة بعد الأزمة التي عاشتها العلاقات المغربية الاسبانية”.