[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

قربال يكتب: وقفات مع الحكومة 1

نورالدين قربال

تعتبر هذه القراءات اجتهاد ذاتيا لتقويم ما تقوم به الحكومة الحالية من أنشطة، وهي مساهمة في تتبع بعض الأعمال الحكومية، مساهمة منا في التقويم والتقييم، لذلك فهي مجرد وقفات لكن ليست كالوقفات.

تشكل الصحة أولوية كبرى في ظل المعارك الوبائية التي عمت العالم، وشغلت الناس. ومن المميزات للهندسة الحكومية ربط الصحة بالتغطية الاجتماعية، وهذا ربط منطقي نظرا للجدلية التي تربط المجالين. فكيف تعاملت الحكومة مع منظومة الإصلاح الصحية وكيف تم الاعتناء بالموارد البشرية خاصة على مستوى التحفيز والتشجيع والدعم والمساندة؟ هل وضعت استراتيجية من أجل جعل حد لهجرة الكفاءات الصحية التي أصبحت اليوم عملة صعبة عالميا أكثر مما كانت نظرا للدور الإنساني الذي تقوم به؟ ما نصيب التكوين والبحث العلمي من هذه المنظومة الإصلاحية؟

يبدو لي أننا ما زلنا نبحث عن الوظيفة الصحية وأبعاد الحماية الاجتماعية، لذلك هناك رهان على الاتفاق الذي وقع مع بعض الفاعلين الاجتماعيين من أجل النظر في كل ما ذكرناه، وخاصة على مستوى إنجاح الورش الملكي الكبير المتعلق بالتغطية الصحية من حيث انخراط الجميع.

وعلى ذكر اتفاق الحوار الاجتماعي الأخير، والذي اعتبرته الحكومة بالاتفاق التاريخي. فهل فعلا يمكن أن يحقق هذا الاتفاق تعزيز البعد التشاركي والتشاوري والمؤسساتي؟ وما هي الإجراءات غير المسبوقة التي تؤكد عليها الحكومة؟ لقد ركزت الحكومة في خطابها على قيمة النية، وهذا من حيث المبدأ متناغم مع المأثور”إنما الأعمال بالنيات”. إذن فما حظ الممكن من هذا الاتفاق؟ هل الاتفاق موقع من قبل كل الأطراف؟ وما حظ الجدية والمسؤولية من تنزيل التزامات الحكومة؟ جميل أن تضع الحكومة مذكرة تعتبر خريطة الطريق بينها وبين الأطراف الموقعة، لكن حبذا لو تم اتفاق الجميع على أجندة هذه المذكرة احتراما للعناوين الحكومية: التشاركية والتشاورية. ونتمنى ألا يفسر أي تأخير بالظرفية الصعبة، وإن كانت هذه الأخيرة عاملا محوريا في المعادلة. ولكن تعين الحكومات وتنصب من أجل تعبيد طرق إنزال المشاريع المقترحة حتى لا تبق حبرا على ورق.

لقد أصلت الحكومة للسنة الاجتماعية وهي حسب المنظور الحكومي خط ناظم للعمل الاجتماعي، مع اعتماد آليات التقييم كل ثلاثة أشهر. نتمنى أن تكون هذه العناوين واقعا ملموسا لأن الأمر يتعلق بتعاون الجميع، وقد سبق الحديث أن المشاورات مستمرة داخل قطاع الصحة من أجل اتفاق الجميع على إنجاح مشروع التغطية الصحية. والنموذج هل يمكن أن نعتبر الرفع من الحد الأدنى للأجور والذي حدد ب 10 في المئة على دفعتين 2022 و2023 من السنة الاجتماعية؟ وقس على ذلك القطاع الخاص والقطاع الفلاحي والمتضررين من جائحة كوفيد.19.

ومن أهم أعمدة الدولة الاجتماعية كما نصت عليه الحكومة الاهتمام بالطبقة المتوسطة، التي بدونها لا يمكن أن تتقدم الدولة كما أكدت على ذلك الحكومة، وإننا ننتظر الإجراءات التي ستتخذها الحكومة من أجل تحسين وضعية الطبقة المتوسطة. يبدو أن الحكومة فتحت جبهات متعددة يصعب مقاربتها في آن واحد. ولذلك ستظل دماؤها مشتتة بين القبائل كما يقال باحثة عن الدولة الاجتماعية والسنة الاجتماعية.

لقد قدمت الحكومة إرهاصات أولية لتوفير وضعية محترمة للطبقة المتوسطة نذكر منها: احترام القانون، وتوفير شروط عمل المقاولات، وترتيب الأولويات. أمام هذه الاقتراحات العامة نسائل الحكومة: كيف سيتم التوافق بين الأطراف على التعديلات المتعلقة بمدونة الشغل؟ وللإشارة الحكومة وضعت سقف 2023 آخر أجل لهذه التعديلات. ثم كيف نوفق بين حقوق الأجراء وإمكانات المقاولات؟

وأكدت الحكومة على إنهاء المشاورات المتعلقة بمشروع قانون الإضراب في السنة المقبلة. إذن كيف نوفق بين ضرورة وجود الفاعلين الاجتماعيين ومتطلبات المقاولة. وللإشارة فمنظومة الإصلاح هي التي تراعي ثلاثة مكونات: الدولة والمقاولة والمواطن. نتمنى دوما أن يكون التعاون والتوازن بين هذه المكونات.

ومن أهم إيجابيات الهندسة الحكومية ربط الانتقال الطاقي بالتنمية المستدامة، فما هي أهم التمظهرات لهذا الارتباط؟ نؤكد بأن أي انتقال لابد أن ينطلق من الانتقال الديمقراطي المنبثق من الاختيار الديمقراطي الذي يشكل ثابتا من ثوابت الأمة المغربية. وللإشارة فإن الاجتهادات الدولية تؤكد على ثلاثة مكونات للتنمية المستدامة: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. كما يشكل الأمن الطاقي جزءا مهما من الانتقال الطاقي، وله ارتباط بالسيادة الطاقية. إذن كل هذا يجب أن يراعى أثناء التنزيل لكل مشروع منتظر. لأن الحكومات هي التي تنفخ الروح السياسية في البرامج التقنية، ومن هنا تبرز البصمة الحكومية في أي فعل تقني. ويبدو لي أن هذه الحقيبة صعبة نظرا لارتباطها بالمتغيرات الدولية. إذن كيف تتعامل الحكومة الحالية مع هذا القطاع في ظل هذه الظرفية الدولية؟ كيف التعامل مع تذبذب أسعار الفحم الحجري والغاز الطبيعي الذي يوظف في الكهرباء؟ وانعكاس كل هذا على الفاتورة الطاقية وطنيا؟

ومن أجل تجاوز هذه الأزمة انطلقت الحكومة في خطة استعجالية تستهدف تأمين حاجيات البلاد من الغاز الطبيعي، لتوليد الكهرباء وتلبية حاجيات القطاع الصناعي. وهذا ما سيساهم طبعا في التحقيق النسبي للأمن الطاقي. ومن أجل إتمام هذا الهدف العام باعتبار الأمن الطاقي جزءا من السيادة الطاقية للبلاد، قررت الحكومة الانفتاح على السوق العالمي على مستوى الغاز الطبيعي المسال، وستلعب دول الجوار دورا مهما في هذا المجال خاصة إسبانيا والبرتغال.

صحيح أن التعامل مع القطاع الطاقي، خاصة الغاز الطبيعي المسال قضية معقدة في ظل تنافسية الأسعار المرتفعة دوليا. في هذا الإطار شكلت الحكومة لجنة متخصصة للاهتمام بهذا القطاع الحيوي، ومن تم لابد من تغليب روح المسؤولية والحكامة والتفاوض الذي يعتمد على المكانة المعنوية للدولة المغربية والرأسمال غير المادي الذي تتسم به عالميا. وهذا يحتاج إلى انخراط سيادي كبير من أجل التمكين من مادة سيادية مهمة.

وستعمل الحكومة كذلك على تحويل موانئ مغربية من حيث البنيات التحتية من أجل تبسيط تمرير وتحويل الغاز الطبيعي المسال إلى التراب المغربي. وهذا عمل كبير يطرح سؤال الموارد المالية والخبرة العالية. مما يحتم التعاون مع الكفاءات المؤسساتية العالمية ليتم التلقيح بين الخبرات المغربية والخبرات العالمية. كل هذا رهين بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في ظل العنوان الأكبر التنمية المستدامة في ظل السيادة الطاقية.

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.