نورالدين قربال
من الإشكالات المقلقة المحيرة ظاهرة الاقتصاد غير المهيكل. وقد ركز النموذج التنموي الجديد على هذه المعضلة. وقد تعهدت الحكومة الحالية بوضع مقاربة جديدة لهذه الآفة. عنوانها الأكبر إدماج الاقتصاد غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الطبيعي، بناء على مبادئ التحفيز والتدريج، والملاءمة مع استحضار البعد الاجتماعي.
إن الاقتصاد غير المهيكل له انعكاس سلبي على جوانب متعددة أهمها الاقتصادي والمالي والاجتماعي. وللخروج من هذا الإشكال طرحت الحكومة ما يلي: التغطية التأمينية، وتعزيز الحوار الاجتماعي، وصياغة مقترحات عملية قابلة للتطبيق، وتأهيله للاندماج في البرامج التنموية والمخططات الاقتصادية.
من خلال هذه الوصفة الجاهزة يبدو أن الحكومة تطرح حلولا حالمة مرتبطة بمشاريع لم ترالنور في قضايا عادية فما بالك بقضايا شائكة كالذي نحن بصدده. إن مشروع التغطية الصحية مشروع ملكي سيسد مآسي اجتماعية سادت ردحا من الزمان لكن من الواجب على الحكومة إدماج هؤلاء في اقتصاد مهيكل مبني على التوازن بين الحق والواجب. لأنه لا يعقل أن نظل بين خطين غير متوازنين: أولهما إيجابي بتعليمات سامية وهو التغطية الاجتماعية وبنية اقتصادية غير مسايرة للمشروع الملكي بعجز حكومي بارز.
ومن أجل تفعيل ما سطرت الحكومة نظريا من الواجب الالتزام بما صاحبته من أمور ولكن بمرونة كبيرة تراعي الفئات المستهدفة نحو شروط عقود التكوين من أجل الإدماج، ووضع تعديل على مستوى مدونة الضرائب تراعي هذه الفئات، واعتماد الديمقراطية التشاركية في وضع البرامج والإجراءات. ونتمنى ألا يكون المستوى الدراسي سببا في إحداث البون الشاسع بين فئات هذا القطاع. والاجتهاد في تطبيق المكتسبات المتراكمة في هذا المجال بحكامة وموضوعية وعدل وإنصاف.
وفي تقديري إن الحكومة مطالبة بالاجتهاد الأكبر في وضع منظومة مندمجة للتشغيل الذاتي المتعلق بالمشتغلين بالقطاع غير المهيكل. وتبسيط مساطر إحداث المقاولات، وتوفير الدعم للمشاريع الصغرى والمتوسطة. وتبسيط طرق التمويل خاصة في صفوف الشباب.
ومن الواجب ملاءمة ما ذكر مع برامج التكوين المهني. ويبدو أن القطاع غير المهيكل في حاجة إلى ثورة تشريعية وتنظيمية واجتماعية للوصول إلى الوضعية الطبيعية لهذا القطاع. خاصة في مجال النساء التي وعدت الحكومة بالرفع من نشاطهن إلى 30 في المئة في أفق 2024. ولن يتم هذا إلا بتبسيط معضلة التمويل للمشاريع المقترحة وترشيدها وعقلنتها. وإذا كانت الحكومة تراهن على برنامجي أوراش وفرصة فالسؤال المطروح: إلى أي حد استطاعت هذه البرامج أن تحقق تقدما على مستوى التشغيل المؤجر، والتشغيل الذاتي؟
إذا كان الاقتصاد غير المهيكل قد حير الحكومة وجعلها تطرح برامج قد تبدو ناضجة من حيث الطرح فإنها غير مقنعة من حيث التنزيل والمساهمة في الحل، فإن مواقف الحكومة أكثر تشاؤما فيما يتعلق أسعار البنزين والغازوال. كيف ذلك؟ صرحت الحكومة بأنها لن تدعم المحروقات معرجة على شركة سامير بأنها لن تحل مشكل ارتفاع الأسعار. والسؤال الجوهري هل المطلوب من الحكومة أن تجد حلولا للمشاكل المطروحة أم تقف عاجزة عن البحث عن الحلول؟ إن التعامل الحكومي مع هذه الزيادات تربطه بثمن النفط على المستوى الدولي، وترى بأن ثمن البرميل عندما يصل إلى 200 دولار سيتجاوز ثمن كل من البنزين والكازوال 20 درهما إذن أين دور الحكومة في إطار السيادة الطاقية ومراعاة المصالح العليا للدولة؟
إن المطلوب هو الاجتهاد في البحث عن معايير لطاقة وطنية، في علاقتها طبعا بالمتغيرات الدولية. لكن بلمسة السيادة الطاقية الوطنية والمساهمة في الأمن والاستقرار ومراعاة القدرة الشرائية للمواطن المغربي، وذلك بتفعيل المراقبة وضمان العقلنة في الأرباح، وفتح تحقيق فيما سبق وإدخال تعديلات ضريبية في هذا المجال.
إن ارتفاع الأسعار يتسبب في التضخم، ويمس المستهلك وصاحب الإنتاج كما يصرح بذلك الخبراء الاقتصاديون. ويجب أن تستحضر الحكومة أن انعكاس التضخم سيكون خطيرا، ويتسبب في القلق الاقتصادي والاجتماعي، وفي الحياة العامة. لقد بلغت نسبة التضخم 5 في المئة، وهذا يضر بالقدرة الشرائية ويتنج عن هذا مشاكل على جميع المستويات. وينعكس هذا على المقاولة مما يؤشر على الركود الاقتصادي لا قدر الله.