أطلقت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ما أسمته بـ”المشاورات الوطنِية لتجويد المدرسة”، وذلك تحت شعار: “تعليم ذو جودة للجميع”، وحددت لها غاية هي “إرساء خارطة طريق تتضمن تدابير محددة وملموسة من أَجل بلوغ مدرسة الجودة والانفتاح وتكافؤ الفرص”، والمتتبع لسلسلة الإصلاحات والرؤى والإستراتيجيات التي تباناها وزراء التربية الوطنية سابقا سيجدها تتفق في تشخيص واقع التعليم بالمغرب، وتُجمع جميعها إن لم نقل كلها على أن التعليم بالمغرب معطوب ويحتاج إلى هزة كبيرة وحلول واقعية وليس البدء من الصفر أي من الشخيص وتضييع الوقت في المشاورات والدخول في الدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح، إلى ما لا نهاية، كما قال جلالة الملك محمد السادس.
قطاع مصيري
وفي هذا السياق، ما فتئ يؤكد جلالة الملك في خطبه، على أن هذا القطاع المصيري يجب أن يخضع لإصلاح جوهري بما يُعيد الإعتبار للمدرسة المغربية ويجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب، مضيفا في خطابه بمناسبة الذكرى 16 لعيد العرش سنة 2015، أنه لفهم ما ينبغي أن يكون عليه الإصلاح، نطرح السؤال: هل التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا اليوم، في المدارس العمومية، قادر على ضمان مستقبلهم ،وهنا يجب التحلي بالجدية والواقعية، والتوجه للمغاربة بكل صراحة يقول جلالته، لماذا يتسابق العديد منهم لتسجيل أبنائهم بمؤسسات البعثات الأجنبية والمدارس الخاصة، رغم تكاليفها الباهظة.
تكريس لنفس المسار
في هذا الصدد، يرى حسن عديلي عضو لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب سابقا، أن إطلاق وزارة التربية الوطنية لمشاورات جديدة حول المدرسة المغربية، هو تكريس لنفس المسارات السابقة، مُلفتا إلى أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تعيش منظومة التربية والتكوين مثل هذه المبادرات.
وأشار في تصريح لـpjd.ma، إلى أن منتديات الإصلاح سابقا ومشاورات حول قضايا المنظومة والميثاق الوطني للتربية والتكوين والرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم، والقانون الإطار، كل هذه المُخرجات يقول عديلي، نتيجة للمشاورات والحوارات أيضا.
التشخيص موجود
ومن وجهة نظره، يعتقد عديلي، أن قضية النقاش والحوار والتشاور حول قضايا المنظومة في المغرب أصبحت متجاوزة لأن التشخيص موجود، مبينا أن تقارير المجلس الأعلى للتربية والتكوين موجودة ومتوفرة وترصد كل الأعطاب و”وصفات” الإصلاح متوفرة والرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم حددت مداخل الإصلاح وأولياته وغاياته وطرقه، ومشيرا إلى أن هذه الرؤية اليوم هي الإطار والمرجعية للإصلاح وهي التي أقرها جلالة الملك وحظيت بتوافق واسع من قبل كافة الفاعلين، وأكثر من ذلك تحولت هذه الرؤي إلى قانون ملزم وهو القانون الإطار رقم 51.17 الذي يُحدد كل مداخل وقضايا الإصلاح التي ينبغي الإنكباب عليها.
وقوع في المحظور أو إصلاح الإصلاح
لذلك يبرز عديلي، أن وزارة التربية الوطنية بهذه الخطوة “تكون قد وقعت في الخطأ وتُكرر نفس التجارب السابقة”، مضيفا “ربما أخشى أننا قد نعيش أو قد نرتكب نفس المحظور الذي نبه إليه جلالة الملك حينما دعا إلى القطع مع سياسة الإصلاح وإصلاح الإصلاح، التي لا تنتهي”.
هذا وبيّن أن إقرار القانون الإطار في يوليوز 2019 شكل مرحلة جديدة في مسار اصلاح منظومة التربية والتكوين ببلدنا، مؤكدا أنه كان على الوزارة اليوم أن تنكب على تفعيل مقتضيات هذا القانون، وهي مقتضيات مهمة جدا بحسبه، لأنها تمس كل جوانب المنظومة، مضيفا أنه كان على الوزارة أن تسارع الى إخراج المخطط التشريعي والتنظيمي لتفعيل القانون الإطار، وكان عليها أن تنكب أيضا على إنجاح المشاريع المنبثقة منه.
كما كان على الوزارة المكلفة، يضيف عديلي، أن تشتغل على القضايا المرتبطة بحكامة المنظومة، وأن تُعيد الإعتبار للمدرسة العمومية كمرفق عمومي من خلال إقرار آليات واضحة للحكامة لحكامة المنظومة، وللتقويم والإشهاد وللمناهج والبرامج، وكل ذلك مسطر ومنصوص عليه في القانون الإطار يؤكد المتحدث.
وتابع، “لذلك أخشى أن يكون هذا المسار الجديد فيه هدر لزمن الإصلاح وفيه وقوع في نفس الخطأ الذي طالما ارتكب بتعاقب الحكومات”، مضيفا “هذا الأمر ينذر بأننا ندور في حركة مُفرغة في الوقت الذي اعتقدنا أن إقرار القانون الإطار شكل مرحلة حاسمة للانطلاق نحو المستقبل وفق مرجعية قانونية واضحة ومتوافق حولها وملزمة للجميع”.
رابط المشاركة :
شاهد أيضا