[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

قربال يكتب: الحكومة والتدبير المضطرب

نورالدين قربال

صرحت الحكومة بالبرلمان بأن خطتها المقترحة لإصلاح التعليم تكمن في تجديد المقررات والمقاربات البيداغوجية، وتقوية استعمال الأدوات الرقمية، وتمكين هيئة التدريس من الدلائل البيداغوجية، والعتاد الديداكتيكي من أجل التحصيل التربوي الناجح.

والتزمت بتعميم التعليم الأولي في أفق 2028. وأدخل كل هذا في خانات السلم الاجتماعي، والعدالة والتماسك. فهل هذا يعني أن كل ما ذكر يصنف في مضامين “الدولة الاجتماعية”؟ وإذا سلمنا بذلك ما موقع الرأسمال غير المادي من هذه الخطة؟ ثم ما نصيب وضعية هيئة التدريس من هذا الإصلاح؟ هل يمكن أن تنجح في تحقيق الأهداف المذكورة دون الاهتمام بالموارد البشرية من حيث العناية والدعم المادي وغيرها من الحقوق الطبيعية؟ هل فعلا المضامين المذكورة تشكل قواعد الدولة الاجتماعية؟ هل بهذه الآليات التقنية نبني التماسك والسلم والعدالة ذات الأبعاد الاجتماعية؟  إذن عن أي ارتقاء يتحدثون؟ ثم ما هو نصيب ما أنجز سابقا في الدفع بهذه الخطة؟ إنها خطة حالمة لا أقل ولا أكثر، وسنعيد تجربة البرنامج الاستعجالي الذي صرفت فيه أموال طائلة. والذي كشف المجلس الأعلى للحسابات تبخر 43 مليار درهم من هذا البرنامج.

إن الحكومة اليوم باضطرابها وكذبها في أكثر من تصريح والاشتغال “بالنميمة ” في الفترات السابقة كل هذا وغيره فقد الثقة في هذه الحكومة، إذن الأزمة أعمق من ترقيع لمنظومة استراتيجية للتربية والتكوين. لمجال وقطاع يتطلب التفاتة مهمة تأخذ بعين الاعتبار التحولات الجيو استراتيجية التي يعرفها العالم مع تطور جائحة كورونا. إن الخيارات متوفرة تحتاج من ينفخ فيها روح المصداقية والمعقولية والديمقراطية، أما المقاربات الصورية فلا نصيب لها من النجاح. وهذا ما نلمسه ونتحسسه.

الأزمة الخانقة للحكومة هو أنها تظن بأنها الأولى التي ستقدم مشروعا إصلاحيا متميزا، إذن أين مجهودات شرفاء الأمة المغربية منذ التحرر من معارك الاحتلال. وتناسوا أن هذا ورش مفتوح خضع للمد والجزر، وأبلوا فيه شرفاء هذه الأمة البلاء الحسن. فهل تتعظ الحكومة من هذه التراكمات التاريخية أنه شعور «النخوة على الخوة”؟

إن تعميم التعليم الأولي يحتاج إلى بنية مالية وتربوية وتشاركية صادقة مع المجتمع المدني، بدل ركوب صهوة الشكليات المزيفة بالتلاعبات غير المنتهية؟ ومما زاد الطين بلة هو إضافة الرياضة للوزارة الوصية على قطاع التربية والتكوين. والسؤال هل هذه وصاية على الرياضة عامة أم الرياضة المدرسية؟ إن الحضور الفعلي للوزير الوصي في مناسبات عدة رياضية يثير تساؤلات سيميائيا أولا وعلاقته بالموضوع ثانيا؟ إنه قمة الاضطراب الحكومي الذي تبين من خلال هذه السنة أنها توثر الشكل على المضمون والدال على المدلول والمبنى على المعنى، بل عفوا حتى المبنى لا تتقن له الحكومة الإخراج الفني.

إن الحكومة تتعامل مع توصيات المجلس الأعلى للحسابات في موضوع التربية والتكوين بانشطارية وبمنهجية مضطربة. أما ما سيصرف على التكوين المستهدف فيه أساتذة السلك الابتدائي والثانوي، فسيكلف 4 ملايير درهم. لمدة خمس سنوات. ولكن غيبت الحكومة سؤال الكم والكيف؟ متمنين ألا تتكرر تجربة البرنامج الاستعجالي، الذي كان بلغة المحللين إجهازا على الوظيفة العمومية، وتمكين القطاع الخاص، وتبديد أموال عمومية.

من خلال ما ذكر، يمكن للحكومة أن تقترح مشروعها بكل حرية، ولكن أن تدعي أنها المنقذ من الضلال، فهذا بهتان على الذاكرة وتطاول على تاريخ الشرفاء. لذلك وفي إطار المتابعة الموضوعية نطرح على الحكومة الأسئلة التالية:

-ما نصيب التوجيهات الملكية من هذه الخطة المطروحة؟

-كيف سيكون تكوين 50 ألف أستاذ كما رسمت خطة الحكومة وما هو الجديد في الموضوع؟

-هل الحكومة تعاملت مع التعليم كمنظومة أو جزر متفرقة؟

-هل سيتحقق الارتقاء بالتعليم الهادف إلى إعادة الجاذبية للتدريس؟

-هل الحكومة تملك مفاتيح كما تدعي لتقديم إصلاح حقيقي؟

-كيف سنتعامل مع الدخول المدرسي المقبل في ظل الزيادات الصاروخية التي تعرفها المواد والحركات الاحتجاجية التي تطالب الحكومة بالرحيل؟

-هل المداخل المطروحة من قبل الحكومة كفيلة ببلوغ ما ينتظره جلالة الملك والشعب المغربي من إصلاح التعليم؟

-ما نصيب الاختيار الديمقراطي والنموذج التنموي الجديد والجهوية المتقدمة من الخطة الحكومية المطروحة؟

نخلص مما سبق أن خطة الحكومة المتعلقة بإصلاح التعليم لا تحمل في طياتها شروط النجاح لأنها ضربت كل الاجتهادات السابقة عرض الحائط. ومن تم ستغتال جاذبية المهنة، وتعقد عملية التوافق، وسنفقد مراحل عدة على مستوى التعلم. إن ما قدم من قبل الحكومة يتجرأ على عمل المؤسسات من جهة والاجتهاد الأكاديمي من جهة ثانية.  ويطرح تساؤلات موضوعية حول جدوى المجهودات المبذولة على مستوى الرؤية الاستراتيجية للإصلاح. ونذكر أن الولايات المتحدة عندما أرادت أن تصلح منظومة التعليم رفعت شعار “أمة في خطر’ وليس “قطاع في خطر” وشتان بين المصطلحيين. إذن قصور الرؤية يقزم أفق التنظير الموضوعي والحضاري الذي يوحد بين الرأسمال المادي وغير المادي. “الحاصول الله يلطف ويرزقنا التواضع”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.