محمد عصام يكتب: دفاع البام عن بنسعيد.. استنجد غريق بغريق!
آخر الحضيض الذي يمكن توقع سقوط السياسة في قاعه بهذا البلد، هو أن يخرج حزب الأصالة والمعاصرة وعبر بيان رسمي لمكتبه السياسي للدفاع عن وزيره في الثقافة، بعد فضيحة مهرجان الرباط والاستياء العارم الذي عبر عنه المغاربة باختلاف انتماءاتهم السياسية ومنطلقاتهم الايديولوجية، وحُق لهم الاستياء والغضب بعد الجرأة والوقاحة في استباحة المال العمومي في الترويج للمخدرات وتدوير الكلام النابي في منصة يتحمل مسؤولية ما يقال فيها قطاع حكومي يدبر شأنا استراتيجيا من شؤون المغاربة وبتمويل يُستخلص من الضرائب التي يدفعونها.
من حق هذا الحزب الذي تلبست ولادته بالشبهات، أن يقيم ما يشاء من التظاهرات وأن يتبنى ما شاء وما طاب له من أصناف الثقافة والفن ولو كان ولوغا في الآسن من العفن، فذاك شأن يعنيه لوحده، ولكن الشأن الثقافي للمغاربة ليس شأنا مستباحا ليعيث فيه البعض بالابتذال والتفاهة، والانحدار إلى القاع السحيق بدعوى الانفتاح على العصر أو ما أسماه البلاغ الشارد للمكتب السياسي بالثقافات المعاصرة، وكأن التباهي بتدخين الحشيش ومعاقرة الخمر ثقافة !!!!!
ثم ما محل هذا البلاغ في ميزان “الانسجام الحكومي” المفترى عليه، وهو على النقيض التام مما صرح به الناطق الرسمي باسم الحكومة من كون ما اقترف في مهرجان الرباط مرفوض وغير مقبول، فهل يتعلق الأمر هنا بقطاع فوق الحكومة وليس مشمولا بمسؤولية رئيس الحكومة ؟ أم أن هذه الحكومة هي حكومة “كلها يلغي بلغاه”؟ أم أننا أمام “جزر” حكومية تعكس ترهلا في جسم الأغلبية المشكلة لها وعدم انسجام بين مكوناتها على النقيض مما يلوكه أقطابها ليل نهار من ادعاء الانسجام والوئام، وهم إلى حدود الساعة عاجزون عن مجرد تفعيل التزام بسيط يؤشر على هذا الانسجام، والمتعلق بعقد لقاء شهري لقيادة التحالف كما نص عليه ميثاق الأغلبية الذي طُبل وزُمر له طويلا.
فما هي الرسالة التي يريد أن يوجهها حزب الأصالة و المعاصرة للمغاربة بدفاعه هذا عن وزيره الشارد؟ هل يريد أن يقول لهم موتوا بغيظكم فإننا مصرون على الدفاع عن الابتذال، وأن كل صنوف الاحتجاج لن تثنينا عن مواصلة مواجهة اختيارات المغاربة ومصادمة شعورهم وذوقهم العام؟
للأسف هذا ما حرص عبد اللطيف وهبي الأمين العام على التلبس به بكل الإصرار والترصد، في خرجته الإعلامية الأخيرة، بمحاولة تبرئة وزيره من مسؤولية تلويث الفضاء العام للمغاربة بالابتذال والتحريض على الانحراف والرذيلة، بل ذهب به الهذيان إلى درجة محاولة تسويغ ما صرح به المدعو “طوطو” بدعوى أن هذا الأخير يتابعه 40 مليون شخصا على التواصل الاجتماعي وأن سهرته استقطبت أزيد من 150 ألفا، كلهم يقول الوزير “كانوا ناشطين”.
فأي قاع وأي حضيض بعد هذا؟ !!!!
هذا الحزب الذي استنبت في المغرب على حين غفلة، وأنيط به القيام بمهام قذرة لم يفلح في إنجازها في سياق كان الهدف من تأسيسه كما أعلن بعض مؤسسيه هو استئصال تيار مجتمعي يدافع عن القيم الأصيلة للمغاربة، كان دوما في صدام مع تلك القيم ومع من يحملها، ولنتذكر في هذا الصدد كيف صدم هذا الحزب المغاربة سنة 2015 على عهد أمينه العام بنشماش، باستقباله للمدعو سيد القمني الذي يجاهر بعدائه للبنية الفكرية الإسلامية وبالطعن في رموزها، والذي اعتبر في كتابه (انتكاسة المسلمين:158) أن القول بإله غيبي ميتافيزيقي تصور وهمي وأنه لما جاء العلم الإنساني الحديث «خرج الربّ وأنبياؤه وكهنته من الموضوع. وحل العلماء محل الأرباب بعد أن أثبتوا بالآيات البينات الواضحات مساندتهم الحقيقية لبني الإنسان في مواجهة الطبيعة القاسية التي ظلوا رهن نزواتها وكوارثها وجوائحها وأوبئتها طول الأزمنة الخوالي». وخَلْق الله للكون ليس إلا أسطورة. (الأسطورة والتراث:155)
فماذا ننتظر من حزب يحمل مثل هذه الخلفية ويقوم بمثل هذه الوظائف القذرة !!!!