عادل الصغير يكتب: أخنوش تاجر.. والتاجر تجده حيث توجد مصلحته

أخنوش “كنا دائما مع الدعم المباشر مادامت لا تحكمه خلفية سياسية أو انتخابية”

قبل 3 أيام اطلعت على تصريح مستفز لرئيس الحكومة يعتبر فيه أن هجرة الأدمغة تعكس جودة تكوين الأطباء والمهندسين بالمغرب، كما لو أن المغرب والمغاربة لا يستحقون الاستفادة من هذه الجودة التي أنتجوها وأنها وجدت ليستفيد منها “البراني”.

وهممت أن أتفاعل معه لكن اكتشفت أنه لا خبر في ارتباطه بهوية قائله ذلك أن بعض العاملين في الصحافة والإعلام يقررون أنه “إذا عض كلب رجلا، هذا ليس خبرا، الخبر هو أن يعض الرجل كلبا”.

فاعتبرت أن هذه القولة تنطبق على هذا التصريح، رأسمالي تم تمكينه من السلطة أو جزء منها على الأقل، ماذا ينتظر منه في هذا الشأن؟

إنه منسجم مع خلفيته الرأسمالية التي تؤمن أن كل شيء قابل للتجارة ولكل شيء ثمن في سوق البيع والشراء، ابتداء من شراء البرامج والناخبين والمواقع والإعلام والنخب وصولا إلى بيع الأمن الغذائي والثروة البشرية… أليس هو صاحب مقولة السوق هو هذا.

القضية وإن ارتبطت بأخنوش باعتباره رئيسا للحكومة، فإنها تسري تقريبا على جميع من على شاكلته.

أخنوش تعامل مع العقول المهاجرة وهو رئيس للحكومة كما تعامل مع معطيات الأمن الغذائي عندما كان وزيرا للفلاحة، وهو الذي اشتغل على استبدال الزراعات الأساسية بزراعات أخرى مستنزفة للفرشة المائية ولا تشكل جزء أساسيا من تغذية المغاربة (الدلاح ولافوكا …) فقط لأنها ذات قيمة تصديرية أعلى، ثم جاءت الأزمة الأوكرانية والجفاف… وبقية القصة نعيشها جميعا.

ولا خصوصية للإنسان وفق هذا التصور

لكن هناك خبر

اليوم قال رئيس الحكومة في مجلس النواب “كنا دائما مع الدعم المباشر مادامت لا تحكمه خلفية سياسية أو انتخابية”.

وبغض النظر عن أضحوكة التبرير، من الناحية الديمقراطية، ومن ناحية أن البرنامج الانتخابي لحزب التجمع الوطني حمل عدد من الإجراءات في هذا الشأن لكن يبدو أن مكتب الدراسات الذي أعده لم يطلع السيد رئيس الحزب على محتواه.

فإن التصريح فيه تأكيد ضمني على صدق ما صرح به ابن كيران بأن أخنوش جعل وقف الدعم المباشر ومشروع توسيعه أحد أهم شروطه لوقف البلوكاج الذي مورس عن طريقه خلال تشكيل حكومة بنكيران لسنة 2016،

وقد كان أخنوش آنذاك أكثر انسجاما مع خلفيته الرأس مالية.

ذلك أن الطبقة والتيار الذي ينتمي إليه أخنوش يعتبرون كل دعم اجتماعي كلفة زائدة تثقل ميزانية الدولة  وهدر لها، لا تنتج غير تكريس اتكالية الطبقات الفقيرة  على دعم الدولة وتفاقم كسلها على الانخراط في سيرورة الإنتاج،  كما أن من آثارها التخفيف من وطأة الفقر وتحسين الوضعية الصحية والتقليل من نسبة الوفيات وتشجيع الفقراء على الإنجاب بشكل أكبر ما يعني فقراء جدد خاصة في ظل دولة نامية  السلم الاجتماعي فيها شبه معطل، وهي الوضعية التي ستكلف الشركات والأغنياء مساهمات أكبر عبر الضرائب المختلفة  في إطار مفهوم إعادة توزيع الثروة التي تعتبر أحد أهداف منظومة الحماية الاجتماعية، وأن الحل هو إلغاء الدعم الاجتماعي والاستعاضة عنه بدعم الشركات التي  ستزيد أرباحها وتتسع أنشطتها ثم ستعمل على توفير فرص شغل إضافية للمواطنين ..

على العموم هي رؤية لها أنصارها من الباحثين وتناقش، طبعا في سياق مختلف عن السياق المغربي

لكن الشاهد أن أخنوش غير صادق في تصريحه ولا يؤمن بهكذا إجراءات، لكنه سيكون مضطرا للإيمان قسرا بل والحديث عن الدولة الاجتماعية والدعاية لها وكل هذه الشعارات ما دامت الإرادة الملكية والمطلب الاجتماعي هو هذا.

هكذا هو عالم التجارة وهكذا هو التاجر تجده حيث توجد مصلحته

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.