أوردت مصادر إعلامية مختلفة، أن عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ووزير ما “تبقى من العدل”، في حكومة عزيز أخنوش، اقترف تصريحات “مستفزة” في حق حزب العدالة والتنمية في معرض كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر حزبه الجهوي بجهة سوس ماسة.
ومما اقترفه وهبي أن حزبه هو الأقرب إلى الله، وأن العدالة والتنمية تحولت إلى معارضة صغيرة !!!
وبخصوص القرب أو البعد من الله، فلسنا في حاجة إلى تذكير وهبي وهو الذي لا يمل من تكرار أن حزبه حزب حداثي، أنه ليس مطلوبا من الأحزاب أن تكون قريبة أو بعيدة من الله، بقدر ما هو مطلوب منها أن تكون قريبة من المواطنين فيما يرضي الله وعباد الله، وأن تجتهد في خدمة الوطن ومن فيه، كما أنه لا أحد يملك وحدة لقياس القرب والبعد من الله سوى الله سبحانه وتعالى.
أما بخصوص المعارضة الصغيرة، فلسنا في حاجة إلى تذكير الرجل بسياق ولادة حزبه، وأن لعنة تلك الولادة ستلاحقه دوما وإلى الأبد، وستجعله دوما صغيرا في عين التاريخ وفي عين المغاربة، لأنه وبكل بساطة حزبه لم يولد ولادة طبيعية تجعل منه حزبا طبيعيا كغيره من الأحزاب، بل ارتبط مولده بسياق هيمني، الجميع يعرفه ولا داعي من التنصل منه مطلقا.
الصغر والكبر لا يقاس بحجم المقاعد أو المواقع، بل يقاس بحجم التجذر داخل المجتمع، وبحجم حاجة المجتمع للبديل أو العرض السياسي الذي يقدمه ذلك الحزب، وبحجم مساهمة الحزب في إنماء الوطن وتجذير الوطنية، والتموقع الصحيح من قضايا الوطن والمواطنين، والتاريخ يخبرنا خبر اليقين، أن كثيرا من الأحزاب التي دُللت أمامها الفرص في سياقات معينة وولدت في محاضن مشبوهة اندثرت واختفت من الساحة بإطلاق، ولم يعد يتذكر وجودها أحد كأنها لم تكن في يوم من الأيام.
وكم من حزب أو تيار أقيمت في طريقه كل أساليب العرقلة والتحجيم الناعمة والخشنة، ونصبت له المكائد والمصايد، لكن حاضنته الاجتماعية زودته بأسباب الحياة وجعلته عصيا على محاولات المحو مهما اشتدت ضرباتها وتعمقت جراحاتها، ولنا في هذا أيضا في التاريخ من العبر ما نظن أن وهبي في غنى عن تذكيره بها.
وحزب العدالة والتنمية من هذا الصنف الأخير، فهو ليس فقاعة سياسية سريعا ما يختفي أثرها، إنه حزب بامتداد مجتمعي لا يمكن أن تخطئه العين، وهو حزب بمرجعيات ومنطلقات واضحة وبرجالات ومناضلين ينافحون عنها اقتناعا وطواعية، وليسوا مجرد مياومين في دكان سياسي يفتح أبوابه حين الحاجة فقط ويغلقها فيما دون ذلك، إنه باختصار حزب حي لا يضيره في شيء أن يفقد في جولة معروف سياقاتها بعضا من حجمه التمثيلي في المؤسسات… وإلا فليتفضل وهبي وليشرح لنا، كيف لحزب لا يملك إلا 13 مقعدا في البرلمان ويتذيل ترتيب الأحزاب، أن يكون هو الموضوع الأساسي للإعلام وللسجال السياسي في البلد، وأن تكون أخباره ومواقفه ملح السياسة في هذا البلد، بل إن كلمة وهبي في المؤتمر الجهوي بسوس لم يُهتم بها إلا في سياق ما اقترفه في حق العدالة والتنمية من “تنقيص” لا يليق إلا بمن صدر عنه؟ !!!!
بل هل له أن يفسر لنا كيف لحزب صغير أن يرفض ثلاثة مقاعد لا يستحقها في مجلس المستشارين قدمت له كرشوة؟
إنها الأحزاب الكبيرة بمبادئها وتاريخها ومناضليها وامتدادها المجتمعي فقط من يستطيع ذلك، في وقت الأحزاب الصغيرة في مبادئها وبمن فيها، هي من يقبل الرشاوي وتطيب بها نفسا، ولنا في تاريخ حزب وهبي دلالة وعبرة، لكن شرط أن يمتلك وهبي الشجاعة ويفسر لنا كيف استطاع حزبه أن يكوٍّن فريقا من 70 نائبا بمجلس النواب مباشرة بعد تأسيسه سنة 2008 ؟ في الوقت الذي لم يكن يملك إلا ثلاثة نواب دخلوا المجلس كمستقلين عن لائحة الرحامنة الشهيرة التي فازت بالمقاعد الثلاثة المكونة للدائرة، في واحدة من أغرب النتائج التي لا يمكن تصديقها ولا يمكن حدوثها إلا مرة واحدة في التاريخ!!!!!
ثم وفي ذات الفترة 2008/2011، أليس من الصغر بل من الحضيض، أن يكون حزب وهبي معارضا وفي نفس الوقت يكون أحد قادته عضوا في الحكومة التي يعارضها حزبه، ويتعلق الأمر بوزير التربية الوطنية خشيشن؟
ثم أليس من الصغر البين والحضيض الفاضح، أن يستغل وهبي حضوره لنشاط رسمي بصفته وزيرا للعدل، حيث قام أمس الأحد بزيارة رسمية لتفقد امتحانات المنتدبين القضائيين بأكادير، ويقوم في ذات الوقت بتأطير المؤتمر الجهوي لحزبه في نفس المدينة وفي نفس التنقل!؟؟؟
لنذكره بأن حزب العدالة والتنمية الكبير بتاريخه ورجالاته ومبادئه ومناضليه، يوم كان يتحمل المسؤولية الحكومية قد حرم على وزرائه الخلط بين المهام الرسمية والحزبية، ومنع عليهم استغلال تنقلاتهم الرسمية لتنشيط اللقاءات الحزبية بشكل لا يقبل النقاش.
لدى نهمس في أذن وهبي ونفسه الأمارة بالتبخيس واللمز، أن العدالة والتنمية ليس حائطا قصيرا، ورحم الله عبدا عرف قدر نفسه، ومن كان بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجر.
[ After Header ] [ Desktop ]
[ After Header ] [ Desktop ]
رابط المشاركة :
شاهد أيضا