الشرقاوي يفكك “المسرحية الأخنوشية

محمد الشرقاوي


ثمة عشر مفارقات يُستثنى بها تلويحُ الرباط بالاستثناء المغربي كما هو الحال كلما كان الفشل عنوان المرحلة:
1. بعد خمسة عشر شهرا من وعود “تستاهلو أحسن” لاستمالة أصوات الناخبين المغاربة للتتويج الأخنوشي برئاسة الحكومة، انقلبت رومانسية التغيير وآمال الإصلاح المرتقب إلى تراجيديا الفقر والمعاناة نتيجة التضخم في الأسعار والاحتكار في سوق الوقود وتعنت الرأسمالية المغربية بشمّاعة تداعيات الحرب في أوكرانيا.

2.تقلّص سعر النفط العالمي في نهاية نوفمبر بنسبة ؜35 ٪؜ عما كان عليه في يونيو الماضي. وعندنا تبقى أسعار الوقود مرتفعة في المغرب، يحتار خبراء الطاقة والاقتصاد في سؤال جوهري: هل المغرب جزء من عولمة اقتصادية تتشابك فيها تقلبات الأسواق، أم أنه “جزيرة منعزلة” في “كوكب تائه” أو في “مجرة تدور على نفسها”؟

2. زعيم حزب “المعقول” وشيخ الزاوية التي تبنّت بسملة “أغراس، أغراس” لا يقرّ بحقيقة أن الحزب ومن معه في حكومة التعثرات المتتالية لم يكرّسوا “إدارة تنصت للمغاربة وتسهّل لهم الأمور”، كما وعد في حشد انتخابي في الدار البيضاء العام الماضي.

4. بين المرشح أخنوش ورئيس الحكومة أخنوش، يتضح الزيف الخطابي بين تسويق وعود انتخابية عابرة في الأساس والخرص على تنفيذها كعقد سياسي مع الناخبين، كما هو حال حكومات البرامج المسؤولة في الدول الغربية.

5. مرت الأيام المئة الأولى، وحلّت الأيام المئة الثانية، والثالثة.. ولا تزال مسرحية الانتظار تحاول أن تكسب الوقت في حقبة لا تسمح بالتسويف. ويسأل المغاربة عن مآل “تعميم الحماية الاجتماعية، عبر المصادقة على قوانين ستمكن 11 مليون مغربي من الاستفادة من التغطية الصحية والمعاش”، كما صرّح بذلك عبد الودود خربوش، عضو المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار.

6. وعود إيجاد “مليون وظيفة” جديدة وتعويض رواتب المعلمين بمبلغ7.500 درهم كأجرة صافية شهريا، عوض 5000 درهم حاليا وأيضا تخصيص مبالغ شهرية للمسنين. هل كان أخنوش يقصد تحقيق هذه الوعود في ظل الحكومة الحالية أم الحكومة المقبلة، أم عند نهاية تطبيق النموذج التنموي عام 2035؟.

7. انتهى بريق السردية التي كانت تحاكي السردية الترمبية بأن رجال الأعمال سيحققون “النجاح” في السياسة. وتوصل الرأي العام المغربي إلى أن حنكة أخنوش تقتصر على خدمة مصالحه المالية ومصالح من يظلّلونه بظلالهم، فتم تتويجه بلقب “أفضل لاعب” في بطولة برميل العالم التي تستضيفها محطات الوقود، بعد أن رفع رصيد أهدافه من الأرباح وتقليص القدرة الشرائية للمغاربة.

8 . لو كانت هناك نسخة ثانية من أخنوش في دولة ديمقراطية، لواجه جلسات تحقيق عسيرة في البرلمان أو الكونغرس بمقتضى قوانين منع الاحتكار لقطاع الطاقة وقوانين تنازع المصالح بالجمع بين الثروة والسلطة.

9. ثمة نظرية عالمية تسمى نظرية الاحتياجات البشرية الأساسية، وتعتد بها دراسات التنمية وعلم النفس الاجتماعي وتسوية الصراعات الاجتماعية. واليوم، لا تخرج مطالب المغاربة عن نطاق الاستجابة لحاجيات الأكل والمسكن وفرصة العمل والأمن والاعتراف بحقهم في تحقيق ذواتهم ماديا ووظيفيا وثقافيا. ولا تخرج أي منظومة حكم رشيد في العالم اليوم عن هذه الاستراتيجية. ولم يعد من الممكن تركيب شمّاعات جديدة أو التلويح باعتبارات الاستثناء المغربي، لأن المغالاة في إيجاد الاستثناء في منطق الاستثناء سفسطة عقيمة.

10. كما كتبت في يوليو الماضي، في زمن “الجباية الأخنوشية” وكيف تدبّرها حكومة “التكنوقراط” أو ” وحزب “تَتْسَاهْلُو أكثر… تستحقون أكثر!”، تستمر الجدلية بين تضارب المصالح وتعالي الاحتجاجات، ويؤكد أخنوش أنه من فصيلة الحيوانات السياسية المشاكسة، وليس من رجال الدولة بعيدي النظر وذوي الشهامة السياسية والأخلاقية في الإقرار بوجود أزمة، والإقدام على بلورة حلول عملية كما تفعل العواصم المتنورة بمنطق احتوائها والتعجيل بآليات الخروج منها.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.