تصريحات وهبي حول “تأديب القضاة” تجر عليه الغضب والاستهجان

ما تزال التصريحات الأخيرة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، بخصوص إقرار إجراءات تأديبية في حق القضاة بدعوى “التماطل” في البت في الدعاوى القضائية، تثير المزيد من الاستنكار من قبل قضاة المغرب آخرها ما قاله رئيس نادي القضاة في تدوينة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، حيث أورد أن “تأخير البت في الملفات سببُه معضلة التبليغ التي تتحمل مسؤوليتها وزارة العدل وليس القضاة”.
ومن جانبه، يرى عبد السلام زوير، الكاتب العام لنادي قضاة المغرب، أن تحميل القضاة مسؤولية تأخير البت في القضايا، تبقى من الأحكام الجاهزة والسهلة ومن أحكام القيمة، مادام أنها لا تستند على دراسات أو إحصائيات علمية وموضوعية، كما أنها محاولة للقفز على الأسباب الرئيسية المسببة للتأخير، وتجاوز المسببات الحقيقية لتأخير البت في القضايا والملفات.
وفي هذا الصدد، أكد زوير في تصريح معمم على الصحافة، أنه يتعين احترام اجراءات مسطرية منصوص عليها قانونا واحترام حقوق الدفاع وضرورة استدعاء الأطراف والحرص على توصلهم طبقا للقانون، بالإضافة إلى الحاجة في بعض الاحيان لإجراء بحث في الملف والاستماع إلى الأطراف شخصيا أو للشهود، أو الحاجة لإجراء خبرة تقنية أو معاينة أو الوقوف بعين المكان، أو الاستعانة بترجمان وإجراءات أخرى، وهي بطبيعة الحال كلها لا يتحمل مسؤولية التأخير الناتج عنها القاضي يؤكد المتحدث.
واعتبر ضمن التصريح ذاته، أن مسألة تحديد آجال للبت في مختلف القضايا المعروضة على أنظار القضاء، هي في عمقها تفصيل للقاعدة الكلية المنصوص عليها في الفصل 120من الدستور، والتي تفرض على المحاكم إصدار أحكام داخل أجل معقول.
كما أن البت في أجل معقول يعتبر بحسبه مبدأ دستوريا إجرائيا، وبالتالي، فمجال تنظيمه هو القانون الإجرائي بشقيه، الجنائي والمدني. ومعلوم أن الفصل 71 من الدستور نص على أن السلطة التشريعية (ممثلة في البرلمان) هي صاحبة الاختصاص بالتشريع في ميدان المسطرتين المدنية والجنائية، “مما لا يجوز معه لا للحكومة ولا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، من الناحية الدستورية، أن يحددا الآجال المذكورة التي تندرج ضمن الاختصاص الحصري للسلطة التشريعية”.

وعليه يقر الكاتب العام لنادي قضاة المغرب، أنه لا يمكن القول إن القاضي هو المسؤول عن جميع حالات تأخير البت في القضايا، وبالتبعية فإن الحكم عليه بعقوبة تأديبية أو إحالته على التأديب لهذا السبب، ورغم أنه ليس المسؤول عنه حقيقة، يجعل استقلال القضاء والقضاة مهددا فعلا، وبالتالي لابد من إعادة النظر فيما جاء بشأن هده المقتضيات في مشروع القانون التنظيمي رقم 14.22 المتعلق بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.

وكان وزير العدل وهبي قد قدم بحر هذا الأسبوع عرضا حول مشروع قانون تنظيمي يرمي إلى تغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي تضمن مقتضى يعطي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية صلاحية تتبع أداء القضاة بالمحاكم ومراقبة مدى التزامهم بالأجل الاسترشادي للبت في القضايا وتحريرهم المقررات القضائية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.