محمد عصام يكتب: متى سيرفعون أيديهم عن كرة القدم؟
محمد عصام
ما الذي يجمع واقعة اليوتوبورز البريطاني الذي جاء من مونديال كرة القدم بقطر إلى مراكش، ليتعرض لعملية نصب بطلها سائق سيارة أجرة صغيرة بالمدينة الحمراء، ويقوم بنشر فيديو عملية النصب والذي حصد مليون مشاهدة بمجرد وضعه على قناة اليوتوب ؟
ما الذي يجمع تلك الواقعة بالفضيحة التي كان بطلها مسؤول جامعي بجامعة كرة القدم ونائب برلماني رئيس فريق كرة القدم بالمغرب، بالاتجار في تذاكر مباريات المنتخب المغربي وبيعها في السوق السوداء بما 12 ألف درهم للتذكرة، أو المن بها على الأصدقاء والصديقات من المنعم عليهم بالقرب من هؤلاء المسؤولين الفاسدين؟ مما دفع سلطات قطر إلى إلغاء 7 رحلات من الدار البيضاء على الدوحة !!!
إن الواقعتين وغيرهما للأسف كثير ترجعاننا إلى نقطة البدء التي أبدع وليد الركراكي في توليد مفهوم خاص بها، هو “نديروا النية” ، فما وقع هو في الحقيقة دليل على قلة النية بل انعدامها، وحضور الشيطان وحظوظه وحظوظ النفس ووسوستهما العاتية.
إن أهم خلاصة في تجربة الأسود التاريخية بقطر، هي أنه حين يحضر الجد والمثابرة واليقين في نصر الله، وحين تتوحد السواعد والقلوب على هدف واحد، فإن النصر سيأتي بلا شك ولا ريب، وحين تحضر النية التي تعني جماع قيم من قبيل الصدق والجد والعمل المثابر واليقين في موعود الله، فإن كل العقبات وكل الإكراهات بإذن الله ستزول وسيتم التغلب عليها.
لقد حصر الركراكي هو مجموعته اهتمامه على أداء ما عليهم من واجب، لم يخلطوا عملهم بأي شيء آخر قد يؤثر على مردوديتهم وأدائهم، فكانت النتائج مبهرة والنهايات جد مشرفة.
في حين عندما زاغ أعضاء من الجامعة عن وظائفهم وتحولوا على تجار تذاكر، كانت الفضيحة بحجم الانحراف، ولولا أن نتائج المنتخب الوطني غطت على الفضيحة، لكنا حديث العالم بأسره.
لو أن سائق الطاكسي بمراكش أدى واجبه في حدود ما يتيحه القانون، لما عرض بلده في لحظة انتشاء تاريخي غير مسبوقة، لهذه البهدلة والتشويه الذي لن يغسله الزمن بسهولة، وكل العمل الذي قام به الأسود للتعريف ببلدهم والترويج له على أعلى مستوى، تم التشويش عليه بمثل هذه الخرجات غير محسوبة العواقب.
المغاربة اليوم وفي كل مواقعهم عليهم أن يعووا أنهم يحملون اسما يوزن بالذهب اسمه المغرب، وأنه لا مجال للخطأ أو التهاون في حمل هذا الاسم بما يستحق من جدارة، والانتباه لكل ما من شانه أن يخدش هذه الصورة الرفيعة التي صنعها أبطالنا وأمهاتهم للمغرب في كل المحافل الدولية.
على كل واحد أن يقوم بواجبه كما يجب، فعلى السياسي أن يبقى سياسيا لا تاجرا يلهث وراء الربح ويطوع السياسة والمؤسسات والقوانين لصالح أطماعه وطموحاته، ويتلبس كما هو الحال اليوم بتضارب المصالح، فيجني على السياسة والتجارة معا من حيث يريد خدمة أهدافه الضيقة وطموحاته الجامحة.
السياسي عليه أن يبتعد عن كرة القدم، لأن لها ربا يحميها ورجالات يصونونها، وأن زمن الحجر على الرياضة من طرف الساسة، يجب أن ينتهي، وأن يصير هذا المجال حصريا على أهله من ذوي الكفاءات وأصحاب العطاءات، وأن يبتعد عنه السياسيون الذي مرغوا سمعته في التراب، وجعلوا منه لعقود من الزمن سوقا للنخاسة السياسية بالسيطرة على الأندية وعلى مؤسسات الكرة، وكأن هذا المجال عقيم ولا يستطيع تسيير نفسه بنفسه بدون دعم أهل السياسة أو قل تدقيقا تجار الانتخابات؟؟؟
حينما ينكب كل أهل مجال على مجالهم دون خلطه بما سواه، ويخلصون “نيتهم” لأداء واجبهم صدقا وعدلا وبذلا للوسع إلى المنتهى، آنذاك فقط ستتكرر معجزة الأسود في كل المجالات، وسيدبر الفشل والهزيمة رغما عنهما، لأن في ذلك أخذا بأسباب النصر والتفوق، وإلى ذلكم الحين”حفظ الله الوطن” !!!!