محمد عصام يكتب: من هم نجوم سنة 2022؟

جرت العادة في نهاية كل سنة، كنوع من النوستالجيا التي ألف الناس أن يدفنوا فيها خيباتهم، أن يبحثوا في أرشيف أيامهم على من يتوجوه نجم السنة التي يودعونها.
وبطبيعة الحال تختلف الزوايا التي ينطلق منها ومن خلالها كل واحد في اختيار رجل السنة أو حدث السنة، لاعتبارات شتى منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اجتماعي… ولهذه تكون النتائج متباينة أو متناقضة.
وقبل الولوج لهذه اللعبة مع ما يكتنفها من المجازفة، لابد من الإشارة إلى أن ملحمة المنتخب المغربي في مونديال قطر، ستغطي على كل الأحداث الأخرى، وستنسج على الخيبات والانكسارات التي شهدتها السنة غطاء سميكا سيحجبها عن الأنظار، وهذه هي عادة الانتصارات التي من فرط ما تبثه من أفراح وانتشاء، تطوي الأحزان في غيابات النسيان والتجاهل.
ما حققه المغرب من انتصارات في المونديال الأخير، وما حملته انتصاراته من رسائل حضارية كبيرة، مؤكد أنها ستبقى استثنائية، وستظل “جاثمة” بنشوتها وفخارها على المخيال الجمعي للمغاربة زمنا طويلا، لأنه ليس من السهل تحقيق مثل هذه الانتصارات وتكرارها، إلا أن يشاء الله أمرا كان مفعولا.
وبعيدا عن الرياضة وكرة القدم، فإنه يبدو أن نجم هذه السنة بلا منازع هو “الغلاء” الذي لم يترك بيتا مغربيا إلا طرقه بقوة وقسوة، و لا قسمات مغربي كيفما كان وضعه الاجتماعي إلا ترك فيها أخاديد ورسم عليها أحزانا وقلقا باديان لكل من ألقى السمع والبصر وهو شهيد.
لقد أصبحت الأسر المغربية طيلة هذه السنة، في مواجهة مفتوحة مع هذا “الغلاء” الذي لم ينج منه مجال دون آخر، في غياب كامل لحكومة جاءت محمولة على أجنحة وعود منفوخة، وشعارات غليظة سرعان ما سقطت منذ الاختبارات الأولى لها في مواجهة أزمة الغلاء، حيث ترك المواطنون لمواجهة مصيرهم لوحدهم، دون تدخل ممن يهمهم الأمر للتخفيف من وطأة “الغلاء”، وإبداع حلول تشعر المواطنين بأن الحكومة جزء منهم، وأنها تبذل الوسع والجهد لمساعدتهم والتخفيف عنهم.
والأرقام التي لا تحابي أحدا تقول، على لسان المندوبية السامية للتخطيط، أن 81،5 في المائة من الأسر صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال سنة 2022، وأن 2،8 في المائة فقط تمكنت من الادخار خلال نفس الفترة، كما أن 52،6 في المائة من الأسر صرحت بتدهور وضعيتها المالية، و 99،1 في المائة أكدت أن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا كبيرا خلال هذه السنة، وأن 2،8 في المائة فقط من ينتظر انخفاضها، مع العلم أن التضخم قد ارتفع حسب المندوبية بنسبة 5،5 في المائة سنة 2022، أي بزيادة تفوق خمس مرات المعدل المسجل بين 2017/2021.
هذه الأرقام تلخص كل شيء، وتعبر بما لا مزيد عليه عن كيف عاش المغاربة سنتهم2022، وكيف تُركوا لمصائرهم دون تدخل أو دعم من طرف الحكومة، التي في مشروع قانون مالية سنة 2023 الذي تمت المصادقة عليه، كشفت عن وجهها الحقيقي في استهداف الطبقات الهشة والمتوسطة، حيث لم يسلم من إجراءات التضريب المجحفة حتى “المقاولون الذاتيون”، في حين لم تستطع الحكومة الاقتراب من شركات المحروقات ورفع نسبة الضرائب عليها، كما فعلت مع قطاع الأبناك، والتأمين، وشركات الاتصالات، رغم أنه أصبح معلوما في الاقتصاد والسياسة بالضرورة، أن شركات المحروقات راكمت أرباحا غير أخلاقية طيلة المدة الماضية، وهو الأمر الذي كشف عنه أولا تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية، وزكاه مجلس المنافسة في صيغته الأولى مع ادريس الكراوي، قبل أن يجد نفسه ضحية لجرأته في تغريم شركات المحروقات لتواطؤها وربحها غير الأخلاقي، ثم نهاية يتقرير المجلس الحالي الذي كشف عن غياب المنافسة وإبطالها من طرف شركات المحروقات.
في ظل هذه الوضعية نطرح سؤالا، من من وزراء حكومة تضارب المصالح سيذكره المغاربة في هذه السنة، في ظل العجز البين عن مجابهة الغلاء، أو حتى مجرد التواصل مع المواطنين بشكل يحترم ذكاءهم ويستجيب لمواصفات التواصل السياسي الفعال والناجع.
بكل تأكيد لن يتذكر المغاربة من وزرائهم أي واحد، بمن فيهم رئيس الحكومة التي تتلبس به شبهة “تضارب المصالح” حتى أخمص قدميه، وهو طبقا لذلك عاجز عن الإقناع بشكل مزمن، ومرورُه في البرلمان رغم عدم احترامه للجدولة الدستورية لجلسات السياسة العامة، لا يقدم شيئا للمغاربة، وهو ما تدل عليه نسبة المشاهدة المتدهورة، لأن المغاربة ينتظرون أجوبة فعلية يرصدون أثرها في قفتهم المعيشية، كما أنه يصعب عليهم تصديق أي كلام ينتجه من تضاعفت ثروته في عز أزمتهم، كما أعلنته مجلة فوربس المتخصصة في رصد ثروات أغنياء العالم.
فالذي سيتذكره المغاربة من سنة 2022، بعد فرحة المونديال، أن حكومتهم خذلتهم بسبق الإصرار والترصد، وجعلتهم فريسة سائغة لــ “غلاء” ينهش جيوبهم بلا رحمة ولا شفقة، وغير هذا مجرد تفاصيل مملة تذروها الرياح ولن يتذكرها أحد !!!!

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.