ستة أخطاء سياسية لأخنوش خلال 2022

المحجوب لال


في عامه الأول، تورط عزيز أخنوش، من موقعه كرئيس للحكومة، في أخطاء سياسية عديدة، دالة على أن الرجل يفتقد الكثير من الصفات الضرورية في من يشغل موقع رئاسة الحكومة.
ففي شهر أبريل 2022، اتهم أخنوش حزب العدالة والتنمية القائد للائتلاف الحكومي السابق بإخفاء خبر إيقاف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوربي، قائلا إن هذا سيهدد السوق الوطنية.
والحق أن كلام أخنوش يتناقض مع الخطاب الرسمي للبلد، المؤكد بأن الدولة وضعت ترتيباتها الضرورية لضمان عدم تأثير توقف الخط على السوق المحلية، فضلا أن كلامه، وإن كان يريد استهداف العدالة والتنمية في إطار السعي للمناكفة السياسية، إلا أن فيه إساءة للبلد، حيث يُظهرها وكأنها متناقضة وغير صادقة.
كما صرّح أخنوش في جلسة برلمانية، في الشهر نفسه، أي أبريل 2022، بأن حزب العدالة والتنمية القائد للحكومتين السابقتين هو الذي تسبب في ارتفاع الأسعار وخاصة أسعار المحروقات، بعد أن حرر السوق، وأخرج المادة من صندوق المقاصة.
وتوجه أخنوش بالخطاب لعبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بالقول إن كان رئيسك -قصده الأ ستاذ عبد الإله ابن كيران- يقبل إرجاع المحروقات للمقاصة فسأفعل، وفي كلامه ثلاثة أخطاء متداخلة؛ أولها أن ابن كيران لم يعد رئيسا للحكومة أو رئيسا على أخنوش حتى يكون رأيه ملزما، وعلى أخنوش أن يعي هذا. والثاني، أنه غير صادق في تحديه المرفوع أو المعلن، ذلك أن ابن كيران وإن وافق على ما قال أخنوش، لما كان بمقدور الأخير الوفاء بتعهده، ودليل ذلك تصريح وزير الميزانية، بل تصريح لاحق من أخنوش ذاته، بأن الأمر غير مقدور عليه، دون أن يكلف نفسه عناء الاعتذار لعموم المغاربة الذين غالطهم وأوحي لهم بأشياء غير حقيقية.
وفي شهر شتنبر 2022، خرج أخنوش على المغاربة بتصريح غريب جدا، قائلا فيه إن المغاربة عاشوا خلال الفترة الماضية 10 سنوات من التعطيل التنموي. وتصريح من هذا القبيل، موجب منه، على الأقل، أن يعتذر للمغاربة عن مشاركته في الحكومتين السابقتين، حيث كان عضوا مساهما في هذا التعطيل المتحدث ذاته، لاسيما وأن حزبه كان مشاركا فيهما بوزارات القطب المالي والاقتصادي والصناعي والتجاري والسياحي.
غير أن وعيه السياسي وفهمه للأمور لم يسعفه ليفعل، فضلا، أن في تصريحه خطأ على مستوى “الأخلاق السياسية”، يتعلق بالوفاء للشركاء وتحمل المسؤولية، ألم يتعهد ابن كيران لعضو حزب رئيس الحكومة، راشيد الطالبي العلمي برئاسة مجلس النواب، وأوفى بعهده رغم كل الظروف، بل أوفى الحزب بتعهده لدعم شركائه في الأغلبية في الحصول على رئاسة عدد من الجهات، رغم عدم وفاء عدد منهم لمرشحي العدالة والتنمية، وهو ما وقع أساسا بجهتي طنجة تطوان الحسيمة والدار البيضاء سطات.
وخلال سنة 2022 وما شهدته من ارتفاع كبير في الا سعار، لاسيما أسعار المحروقات، كان المغاربة ينتظرون من رئيس حكومتهم المبادرة، بصفته رئيسا للحكومة، إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية للتخفيف عن المواطنين، كما كان جزء عريض منهم، ينتظرون منه التشبه بكبير الفاعلين في القطاع بفرنسا، والمبادرة إلى خفض الأسعار ذاتيا، من باب المسؤولية الأخلاقية والوطنية.
غير أن لا شيء من هذا وقع، فلا هو انتصر للمواطنين كمسؤول حكومي، ولا هو فعل ذلك كتاجر وفاعل اقتصادي، وهذا خطأ كبير، أفقده ما تبقى من رصيد مصداقيته، وأكد لعامة المواطنين، بما لا يدع مجالا للشك، بأن المزاوجة بين المال والسياسة خطأ، وأنها أيضا خطر على الدولة المغربية، اقتصادا وسياسة وبنيات مؤسساتية.
ومن أخطاء أخنوش السياسية أيضا، ذلك الشح التواصلي الذي يتعامل به مع المواطنين وانشغالاتهم وقضاياهم، فلا يكاد ينبس بما يشفي الغليل في الوقائع التي يتعرض لها المجتمع، بل يلوذ إلى جدار من الصمت، غير الحكيم، متناسيا أن السياسة في أحد تعاريفها هي كلام، إن كان يحمل أحلام الناس فهو كالحسام، مباشر وقوي، بتغير شيخ إمام.
ومن أخطاء أخنوش أيضا، وقوفه كالمتفرج على الاختلالات الكبيرة التي يقوم بها أعضاء حكومته، وكأن بمعيتهم، يشتغلون في جزر معزولة، لا يربط بينها شيء، أو ميثاق أو التزام، اللهم إلا إن كان ميثاق الصمت على أخطاء بعضهم البعض.
فكانت مخصصات وزيرة سياحته للمؤثرين والإشهار ب 2.3 مليار سنتيم موجبة للتدخل، إنْ القبلي منه أو البعدي، وكان اختيارها لمؤسسة عمومية موصى بحلها من لدن المجلس الأعلى للحسابات لقيادة برنامج “فرصة”، موجبا أيضا لتدخله، وكان تحويل وزيرة الشؤون الاجتماعية لديوانها وتفويض اختصاصات وزارتها لزوجها، مدعاة للتدخل، كما كان تدخله ضروريا في ما شاب امتحانات الأهلية لمزاولة المحاماة، لاسيما بعد التصريحات المستفزة وغير المسؤولة من وزير العدل بخصوصها، فضلا عن تصريحات الوزير نفسه بخصوص تعديل وإصلاح مدونة الأسرة، والتي فيها الكثير من الإشارات المستفزة للمغاربة وثوابتهم الدينية والدستورية، والمتعارضة مع تأكيدات جلالة الملك بخصوص ضوابط وحدود أي تعديل أو اصلاح منتظر أو مطلوب، دون أن يكون لرئيس الحكومة كلمة في الموضوع، تعيد النقاش الحكومي إلى جادة الصواب، عبر الالتزام التام بمقتضيات الدستور، واحترام التوصيات الملكية في المسألة.
إن الحديث عن الأخطاء التي ارتكبها أخنوش تكاد لا تنتهي، مما يجعلنا نصل لخاتمة عامة، تعزز ما ذهب إليه المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، والقائل بأن تصحيح هذا الوضع، وتلافي تبعاته الراهنة والمستقبلية، وتحقيق شروط تحصين البناء الداخلي أمام التحديات الإقليمية والدولية المتعاظمة، يستوجب منا العودة من جديد للمواطنين، عبر صناديق الاقتراع، لاختيار حزب وشخص يقود الحكومة، يحظى بثقة المواطنين ويحمل معهم الألم ويشاركهم الأمل، لكن قبل ذلك، وجب تصحيح قواعد وقوانين الانتخاب، بما يعزز مصداقية المواطنين في العملية الانتخابية، ويدفعهم إلى المشاركة المكثفة، تلقائيا وبكل مسؤولية ووطنية، ورغبة قائمة تدعو للتغيير والإصلاح.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.