محمد عصام يكتب: عقدة أخنوش ومن معه!!

في كل مرة يتجرأ فيها رئيس أخنوش على اجتراح التواصل على تخوف وتوجس معهودين عليه، إلا ورجع إلى عشر سنوات الماضية محملا إياها كل أوزار المغرب ومشكلاته، بل إنه في افتتاح المجلس الوطني الأخير للحزب الذي أوتي به على عجل لترؤسه بعد أن أحرق سفن العودة إليه، قال بأن ما أنجزته حكومته في سنة واحدة يفوق ما أنجز في عشر سنوات الماضية.
لن أناقش أخنوش في حكمه و لا على ما بناه وأسسه، فقد كفاني رئيس المجلس الوطني الدكتور ادريس الأزمي الرد عليه بما يفي بالغرض ويزيد، لكن دعونا نحلل هذه العقدة التي يحملها أخنوش ومن خلفَه ممن أتوا به على عجل لينصبوه “بطل” بلوكاج شهير كاد يعصف بالوطن كل الوطن، فقط لإيقاف تجربة لا تجري على هوى من يمسك بزمام المشهد من وراء حجاب.
نقول هذا الكلام، لأن العودة “المرضية” بمناسبة وبدونها إلى عشرية العدالة والتنمية وتحميلها ما لا تطيق، رغم ان أخنوش كان جزء أساسيا في تلك التجربة، بل إن حزبه كان يهيمن على قطاعات استراتيجية ذات أولوية في المالية العمومية، لا يمكن تفسيرها إلا على وجه واحد، أن أخنوش ومن معه ومن أتى بهم جميعا، عقدتهم الأبدية هي العدالة والتنمية، وغصتهم هي العشرية التي دبرت فيه العدالة والتنمية الشأن العام وما حققته من إنجازات، لن يستطيع أحد محوها.
فهل يستطيع أخنوش ومن معه ومن يقف خلفهم جميعا، أن ينكر استراتيجية إصلاح المقاصة مثلا، وأنه لولا جرأة ووطنية حكومة العدالة والتنمية، لتكبدت الحكومة حاليا ثقبا في ميزانيتها يقدر بما يفوق 74 مليار درهم سنويا، على حد تعبير وزير الميزانية وزميل أخنوش في الحزب فوزي لقجع.
هل يستطيع أخنوش أن يتنكر لما قامت به حكومة ابن كيران في إصلاح التقاعد، وأنه لولا ذلك لما وصلته تلك الصناديق معافاة، مع ضرورة التدخل السريع لاستكمال الإصلاح.
إن عقدة أخنوش ومن معه تتعلق بفاعل سياسي يراد محو أثره بكل السبل في المخيال العام للشعب المغرب، وهي عقدة يزداد وطأها على هذه الجبهة بمرور الأيام وتوالي فشل الحكومة الحالية، لأن المواطنين وبعد انجلاء غبار التضليل وذهاب سطوة الإرشاء وشراء الذمم، بدأو ا في عقد المقارنات، ورويدا رويدا بدأت الكفة تميل إلى جهة العدالة والتنمية وتجربتها وهو الأمر الذي تكشفه تصريحات المواطنين في الأسواق والمنتديات، بعد أن أُحرقت جيوبهم بنار الأسعار، وبعد أن خذلتهم الحكومة واصطفت في جنب الرأسمال والشركات الكبرى.
العقدة تتعلق هنا بفاعل سياسي، تريد جهات نافذة إغلاق قوس تجربته بكل الطرق، بما فيها العبث بالإرادة الشعبية كما وقع في استحقاق 8 شتنبر، وقبلها بصناعة “البلوكاج” بعد هزيمة 7 أكتوبر 2016 التاريخية في الانتخابات التشريعية وفشل الوصفة “الزروالية” في تلافي تلك الهزيمة، إننا نعيش بكل اختصار مرحلة الانتقام من تلك الهزائم والانتقام أيضا ممن ساهم فيها.
هذه الجهات لم يعد يكفيها كل ذلك بل تسعى جاهدة لمحو كل أثر لتلك التجربة في المخيال العام للمغاربة، لذلك سلطت آلتها الإعلامية بالطوع أو بالإكراه لشيطنة هذا الفصيل وتبخيس إنجازاته، ومن تمرد على محاولات التنميط والاحتواء فتنصب في طريقه شتى أنواع التطويع الناعم والخشن مما يعرفه الجميع.
إنها حرب قذرة  مفتوحة على صورة الحزب يتسابق ساسة الحضيض وإعلامُهم على تقديم خدماتهم فيها للجهات إياها، لكن وكما كان يقول الراحل سي عبد الله باها : “الفاعل الأول في السياسة هو الله”، فمقاديره سبحانه شاءت أن تحكم بسقوط الأقنعة بسرعة خيالية لم يكن يتوقعها أحد، فأصبحت الحكومة ونخبها في أقل من سنتين عارية بالكامل أمام المواطين، وانفجر الغضب عند كل الفئات التي “طحنها” الغلاء بتعبيرات متعددة، لعل أحد تجلياتها اليوم يكمن في تلك المقارنات التي يقيمها المواطنون بين تجربة العدالة والتنمية وتجربة هذه الحكومة بدون أن يطلب منهم ذلك أحد، وهم يرددون قول أبي فراس:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم                          وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.