محمد عصام يكتب: الأحرار و “تبياع العجل “..قصة عشق لا تنتهي !!

مرت أيام كثيرة بعد تفجر فضيحة استفادة مسؤول حزبي من ” تجمع المضاربة والمصالح” من معلومة تتعلق بوقف الحكومة استيفاء رسوم توريد اللحوم الحمراء، وقيامه بإدخال أول شحنة من اللحوم قادمة من البرازيل، دون أن تكلف الحكومة نفسها الخروج إلى المواطنين وتقديم الإيضاحات الكافية في الموضوع، واتخاذ ما يلزم من إجراءات في حال ثبوت الواقعة، واكتفاءها كما هي عادتها بالتطبيق الحرفي لمقولة: “وكم حاجة قضيناها بتركها”.
في التفاصيل يتعلق الأمر بخبر تداوله نشطاء التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، مفاده أن المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة بني ملال خنيفرة، وهو أيضا يشغل موقع نائب رئيس نفس الجهة، ومالك مقاولة تشتغل في سلسلة اللحوم الحمراء، قام بإدخال شحنة من اللحوم الحمراء يوم 9 فبراير، قادمة من البرازيل، مستفيدا من قرار للحكومة متعلق بوقف استيفاء رسوم استيراد اللحوم اتخذته يوم 26 يناير، أي قبل 15 يوما فقط من وصول الدفعة، مما يؤكد ويعزز وجود شبهة تسريب خبر اتخاذ القرار الحكومي بمدة طويلة، لتمكين المسؤول الحزبي من الظفر بهذا الامتياز قبل غيره من المنافسين.
هذه الواقعة التي فجرتها نشطاء التواصل الاجتماعي، تبين بالملموس خطورة تضارب المصالح الذي تتلبس به هذه الحكومة حتى أخمص قدميها، وتجريف السياسة وتحويلها إلى مجال لتبادل المصالح والمنافع بمنطق “عطيني نعطيك” ، و”تبياع العجل” للمغاربة، وتنضاف إلى سلسلة مترابطة من الوقائع، تثبت  أننا بصدد أسلوب ممنهج في ممارسة السياسة وتطويعها لقضاء المصالح والأغراض والمنافع.
فمثلا برنامجي “أوراش “وفرصة” ومنذ اليوم الأول لإطلاقهما، تلاحقهما لعنة المحسوبية والزبونية الحزبية.
وعجز الحكومة عن اتخاذ أي إجراء فعال لوقف لهيب أسعار الخضر وعلى رأسها الطماطم، والاكتفاء بحصص من “الشاو show” باستهداف حملات المراقبة للتجار والحرفيين الصغار، هو محاباة للوبي التصدير والمنتجين الكبار، وعندما قيل بأن الحكومة اتخذت قرار وقف التصدير نحو إفريقيا، فقرارها هو إمعان في “تبياع العجل” للمغاربة لأن الكبار يصدرون أساسا نحو أوروبا وبعض الأسواق الغربية.
“تبياع العجل” ابتدأ منذ إطلاق حملات التضليل المعنونة ب “تستاهل حسن” و “هبط تخدم ” و “الكفاءات” ليستفيق المغاربة على أضعف حكومة في تاريخهم، تجيد فقط التستر على الكبار وحماية مصالحهم، من قبيل رفضها رفع الضريبة على شركات المحروقات في قانون مالية 2023 كما فعلت في قطاعات أخرى، بالمقابل استهدفت الصغار ولم يسلم من جحيمها المقاولون الذاتيون، وهو في أغلبهم شباب اعتمدوا على أنفسهم وكفوا الحكومة كلفة التفكير وإيجاد الحلول لمعضلة بطالتهم.
“تبياع العجل” هو أن يفتح رئيس الحكومة فاه ليقترف بكل “وقاحة” ، ” أن ما حققه وحكومته في سنة ونصف أكبر مما تحقق في عشر سنوات الماضية”، وهو الذي كان جزء أساسيا في حكومتي العدالة والتنمية، وحزبه كان يسير المالية العمومية والفلاحة والصيد البحري، والصناعة والتجارة الخارجية، وهي قطاعات استراتيجية ولها ثقل في المالية العمومية.
“تبايع العجل” والضحك على الذقون هو ما صرح به الناطق الرسمين وادعائه أنه اشتراه ب 75 درهما، في وقت يعرف الجميع أنه لا يوجد لحم بأقل من 100 درهم في كل أسواق المملكة حضريها وقرويها.
هذا غيض من طوفان الوقائع، التي تجرف السياسة في هذا البلد وتعمق أزمتها، وتضر بالاقتصاد أيضا وتنافسيته، وتحول البلد إلى رهينة لدى أصحاب المصالح وتجار السياسة، إلى أن يحدث الله أمرا كان مفعولا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.