بالأرقام والوقائع.. الصغير يكشف تدليس بايتاس على المواطنين في قضية الغاز الروسي

عادل الصغير


في جوابه عن أسئلة الصحفيين حول ما بات يعرف بقضية النفط الروسي في الندوة التي أعقبت اجتماع مجلس الحكومة لهذا الأسبوع، وفي محاولته الدفاع عن الشركات أو بالأحرى الشركة في مواجهة هذه الفضيحة الجديدة، أورد الوزير بايتاس معطيين:
المعطى الأول مرتبط بحجم استيراد النفط الروسي من طرف الشركات المغربية، والثاني مرتبط بسعر النفط الروسي في السوق الدولية.
في المعطى الأول قال إن استيراد الغازوال من روسيا كان دائما في حدود 10 في المائة، وتراوح بين 5و9 في المائة خلال سنوات 2020/ 2021/ 2022، وذلك أن الاستيراد حر حسب تصريحه، ثم ذهب ليعوم بالناس في ملف بعيد هو الفحم الحجري.
الوزير يحاول التدليس على الناس من خلال السعي لتصوير عملية الاستيراد بأنها مجرد عملية تجارية عادية في وضع عادي، وليس في وضع استثنائي، كون روسيا في حرب وتخضع للحصار الغربي، متناسيا أن هذه هي مبرراتهم التي استندت عليها الحكومة لتبرير غلاء المحروقات والمواد الغذائية.
لكن بالعودة إلى تقرير مجلس المنافسة الأخير حول ملف المحروقات، نجد أن روسيا غائبة عن قائمة الدول المصدرة الغازوال إلى المغرب، حيث يؤكد التقرير على أنه في المعدل (بين سنتي 2018 و2021) فإن المغرب يستورد 56 في المائة من حاجياته من أوروبا، وأن آسيا تساهم ب 27 في المائة فقط وذكر التقرير ثلاث دول في أعلى القائمة الأسيوية وهي المملكة العربية السعودية والهند وماليزيا، فكيف بدولة نستورد منها 9 في المائة أي ثلث ما نستورده من دول آسيا بما فيها دول الخليج لم تصنف ضمن الثلاث الأوائل، ويؤكد المجلس أيضا أن المغرب يستورد كامل حاجياته من البنزين من أوروبا.
لكن وجب الانتباه إلى أن معطيات مجلس المنافسة مستقاة من مكتب الصرف المكلف بتوفير الإحصائيات الخاصة بالمبادلات الخارجية وميزان الأداءات، بينما لا نعلم مصدر معلومات السيد الوزير.
أما إذا صحت معطيات الوزير -ويجب أن نصدقه حتى لا يكون خصيما لنا يوم القيامة- فإنه بذلك يؤكد مشروعية وجدية وملحاحية السؤال الذي طرحه النائب المحترم عبد القادر الطاهر (الفريق الاتحادي) في سؤاله الكتابي والذي كشف من خلاله عن وجود تلاعب في شواهد إقرار المصدر من طرف الشركات المستوردة للمواد النفطية التي تقتني النفط الروسي بسعر أقل ب70% من الثمن الدولي، وتدخله للمغرب على أساس أنه نفط خليجي او أمريكي، كما اتهم الشركة المسيرة لمخازن الوقود بميناء طنجة المتوسط بالتواطئ في هذا الملف.
وإذا تأكدت قضية تزوير وثائق الاستيراد فإنها ستعيد طرح أسئلة لم تطرح بمناسبة صدور تقرير مجلس المنافسة الأخير، منها مثلا كيف يمكن لشركة صغيرة مثل وينكسو التي تملك حصة 5.6 في المائة من السوق أن تحقق هوامش أرباح أكثر من شركة إفريقيا المستحوذة على ربع السوق تقريبا (24.1 في المائة) وذلك راجع حسب معطيات المجلس -وبكل غرابة عن منطق السوق- إلى أن تكلفة شراء إفريقيا التي تحقق أكبر حجم للمبيعات هي أكثر من تكلفة شراء شركة تبيع أقل منها ب80 في المائة تقريبا.
هذا معطى واحد فقط يبين أن إعادة الاشتغال على ربط موضوع الغازوال الروسي وغازوال السوق السوداء عموما (لأنه سبق وأن طرحت أسئلة تتعلق باقتناء شركات المحروقات بالمغرب للنفط من الجنرال الليبي المجرم خليفة حفتر) وملف تزوير الوثائق المرتبطة بالاستيراد بالمعطيات الواردة في تقرير مجلس المنافسة وتقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول ملف المحروقات من شأنه طرح أسئلة عريضة حول ما يحدث في هذا الملف.
وفي المعطى الثاني، قال السيد الوزير إن أثمنة المحروقات في السوق متقاربة لأنها تخضع للعرض والطلب، وهنا يؤكد الوزير على ما ذهبت إليه أسئلة المواطنين بعد شيوع خبر النفط الروسي والمتعلقة بهوامش الربح الضخمة التي تحققها الشركات المستوردة للنفط الروسي على حساب القدرة الشرائية للمواطن، لأن منطق السوق ومنطق العرض والطلب يؤكد أن النفط الروسي يجب أن يكون رخيصا جدا لأن العرض فيه أكثر من الطلب بكثير بفعل الحرب وبفعل الحصار والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا وعلى صادراتها البترولية على وجه الخصوص.
إوا دابا بماذا يحب السيد الناطق الرسمي باسم الحكومة أن نصفه مادام يكره أن يصفه الناس بالكذاب.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.