يبدو أن تفنيد خبر تسريب قرار وقف استيفاء رسم استيراد اللحوم، قد استبد بعقل واهتمام الناطق الرسمي للحكومة، ولهذا عاد إلى الموضوع أمس في الندوة الصحفية عقب انعقاد مجلس الحكومة.
الناطق الرسمي اقتحم الموضوع بوثوقية زائدة، مطمئنا إلى الأرقام التي بحوزته، والتي قذف بها دليلا على عدم وجود شبهة التسريب و تضارب المصالح، حيث قال إنه منذ فبراير وبعد مرسوم وقف استيفاء رسوم الاستيراد وقرار تعليق تحصيل الضريبة على القيمة المضافة، فإن حصيلة استيراد اللحوم لم تتجاوز 3000 رأس إلا بقليل، و10384 رأس منذ أكتوبر إلى اليوم.
هذا يعني حسب الوزير انتفاء شبهة التسريب، لأن لو كان الأمر صحيحا لكان الرقم أكبر من ذلك، بل إنه طالب من الصحفيين أو المواطنين بما أسماه “بتعميم التسريب”، حتى تنتعش عملية الاستيراد وتنعكس على العرض وبعد ذلك على أثمنة البيع للمواطنين.
لكن السؤال الذي لا يجيب عنه الوزير ولن يجيب عنه أبدا، هو والحكومة “براسها”، هو لماذا بالضبط كان المنسق الجهوي لحزب الأحرار بجهة بني ملال خنيفرة ونائب رئيس الجهة ذاتها، هو أول من استطاع إدخال أول شحنة من الأبقار قادمة من البرازيل ؟؟؟ ثم كيف استطاع هذا الشخص أن يقوم بهذه العملية مباشرة بعد اتخاذ الحكومة لقرار وقف استيفاء الرسوم على اللحوم المستوردة يوم 26 يناير، وذلك يوم 9 فبراير أي بفارق 15 يوما لا تزيد ولا تنقص شيئا؟ كيف سيفسر لنا الوزير والحكومة هذه القدرة الفائقة بل والمعجزة على القيام بكل العمليات المتعلقة بتدبير مصادر التمويل والوصول إلى اتفاق معها، واستكمال عمليات الشراء، وتسريع عمليات الشحن والتخليص الجمركي، ثم قطع البحار في هذا الوقت الوجيز جدا؟ !!!!
هذه هي الأسئلة التي نحن متأكدون إلى درجة العقيدة أنها لن يجيب عنها الناطق الرسمي ولا الحكومة، لأنه ببساطة شديدة هذه الحكومة ومنذ ولادتها متلبسة إلى أخمص قدميها بجريرة “تضارب المصالح”، ورئيسها هو كبير القوم في اقتراف تلك الجريرة والغرق في وحلها.
سيستمر الناطق الرسمي في عقد ندواته بلا كلل، وسيكرر الهروب من جحيم مثل هذه الأسئلة الحارقة، وسيمارس لعبته المفضلة في “تبياع العجل” إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، لكن هل يعتقد هو ومعه الحكومة وتحالفها، أن ذلك ينطلي على المواطنين، وأن الفدلكة والفهلوة قادران إلى ما لانهاية على حجب الحقائق وتزوير الوقائع؟؟
بالتأكيد لا، وذلك أيضا لسبب بسيط، فعندما لا يستطيع المواطن أن يشتري المواطن اللحم ب 75 درهما كما يفعل الناطق الرسمي، فإنه لن يصدق كل الندوات ولو استعرض فيها الناطق الرسمي كل الأرقام الكائنة والممكنة والمستحيلة.
وعندما يكون سعر النفط في السوق الدولية في حدود 80 دولارا للبرميل، والمواطن يقتني الغازوال بما يقارب 13 درهما أو يزيد، فأنه حتما سيكفر بالحكومة وأرقامها، وبالناطق الرسمي ورئيسه إلى يوم الدين.
وعندما يكون وزير في الحكومة لم يسبق للناس أن علموا له شغلا ولا وظيفة، مالكا بين عشية وضحاها لـــ 50 % من أسهم شركة سيارات قيل إنها أول شركة ستصنع سيارة مغربية المائة بالمائة، ويقوم وزير آخر باستغلال الحكومة والبرلمان للدعايه له ولشركته، فحتما لن يخطئ مواطن واحد في أننا أمام حكومة شركات ومصالح، تزكم فضائحها الأنوف.
عندما يكون الأمر هكذا، فإن لسان حال المغاربة هو ما قاله سيدي عبد الرحمن المجدوب ذات يوم قبل خمسة قرون:
تخلطت ولا بغــــــــــات تصفـــــــــــــــــــــــــــى
ولعب خزْهــــــــــــــــــــا فوق مـــــــــــــــــاهـــــا
رياس على غيــــــــــــــــــــر مرْتـــــــــــــــــبـــــــة
هـــــــــمــــــــــا سبــــــــــــاب خلاهـــــــــــــــــا
[ After Header ] [ Desktop ]
[ After Header ] [ Desktop ]
رابط المشاركة :
شاهد أيضا