كشف المندوب السامي لمندوبية التخطيط أحمد الحليمي ، عن معطيات مقلقة تؤكد أن الاقتصاد الوطني ليس على ما يرام، إذ أكد أن التضخم اليوم أصبح حقيقة هيكلية للاقتصاد المغربي ويجب التعايش معه، وذلك بسبب نقص العرض ولا سيما المنتجات الفلاحية.
التضخم محلي وليس مستوردا
وقال الحليمي في حوار مع موقع “ميديا 24”، إن “التضخم يجب أن يؤخذ على أنه حقيقة هيكلية ومحلية، وعلينا أن نعتاد على التعايش معه”، مستشهدا في هذا الصدد، بالجفاف الذي أصبح اليوم بالمغرب عاملا هيكليا في السنوات الأخيرة، ليؤكد بذلك أن التضخم ليس مستوردا بل هو محلي، وبأن سببه هو نقص الإنتاج أي العرض الداخلي وليس الطلب ، مردفا” لذلك لم نعد في حالة تضخم مستورد، لأن الغذاء، وخاصة الفواكه والخضروات، يتم إنتاجها محليا في المغرب..”.
وعلى عكس النهج الذي ذهب إليه “المخطط الأخضر” الذي أعطى الأولوية للزارعات التصديرية على حساب الزراعات المعيشية والتي دمرت الثورة المائية للوطن وقتلت الفلاح الصغير، شدد الحليمي، على أنه من الضروري العمل على حل جذور المشكل أي الإنتاج من خلال إحداث ثورة من أجل تغيير نظام الإنتاج الوطني، والتحرك نحو السيادة الغذائية وإنتاج ما نستهلكه في المقام الأول، مع الاعتماد بشكل كبير على التقدم التقني والتكنولوجي لتحسين “الغلة”، مردفا “علينا أن ندرك أننا في وضع يجب أن تمر فيه الزراعة بثورة من أجل تغيير نظام الإنتاج”.
مصارحة المغاربة
لذلك يرى المندوب السامي، أن التضخم سينخفض عندما “سننفذ الإصلاحات المتعلقة بتحسين الإنتاج الداخلي مع العمل على “تنظيف” دوائر التوزيع”.
وخلافا لما تروج له الحكومة، بأن الأمور بخير وبأنها سنت إجراءات وتدابير ستنقذ الاقتصاد الوطني وستحد من ارتفاع الأسعار والتضخم، شدد المندوب السامي، أنه يجب التعامل مع الرأي العام المغربي باحترام باعتباره ناضجا وإخباره بالحقيقة، حتى يكون على دراية بالإصلاحات التي يجب القيام بها، قبل أن يضيف “ما أراه هو أننا نفعل العكس تماما بالقول إن كل شيء على ما يرام وأن مشكل التضخم سيحل من خلال الآليات النقدية، لسبب بسيط هو أن هذا يسعد المنظمات الدولية..”
هذا وخلص المتحدث ذاته، إلى أن الرافعة المالية ليست هي الحل لخفض التضخم، وإنما الإصلاحات الهيكلية لسياسات الإنتاج، لأن لدينا مشكل العرض وليس الطلب، يقول الحليمي، مؤكدا أن تنمية البلاد اليوم وإنقاذها تعتمدان على زيادة الأسعار، وأن التضخم جزء من فترة إصلاح، ونقلة نوعية في السياسات الاقتصادية، مضيفا “هذه هي الطريقة التي تطورت بها العديد من البلدان، يجب أن نواصل جهودنا لتنمية البلاد والتعود على التضخم”.
سوء التدبير والتخطيط
ومن جانبه يرى الإعلامي يونس مسكين، أن المعطيات التي كشف عنها المندوب السامي، تؤكد أننا، بصدد “الانتقال من مرحلة الخصاص التنموي والتفاوت الطبقي، إلى مرحلة جديدة عنوانها الاندحار الجماعي لجميع الفئات الاجتماعية (باستثناء الفئة الناجية العليا)”.
واعتبر في تدوينة على صفحته بـ”فيسبوك”، أن الأزمة التي نعيشها حاليا “ليست عابرة ولا ظرفية، وما نسميه اليوم تضخما سوف يصبح أمرا واقعا دائما، أي أن مستوى الاسعار الحالية مستمر وليس عابرا، والسبب ليس الأزمات الدولية ولا الجائحة، بل سوء التدبير والتخطيط الذي قادنا إلى تجفيف مواردنا المائية وتحويل نموذجنا الإنتاجي في الفلاحة إلى مجرد حديقة خلفية للأجانب، مقابل تراجع الإنتاج الوطني الموجه لتلبية الحاجيات الداخلية”.
حكومة كاذبة
إننا أمام إعلانات صريحة، قام بها مجلس المنافسة قبل الانتخابات الأخيرة، ويقوم بها بكثير من الصعوبة بنك المغرب، ويعلنها اليوم صريحة المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي ، يؤكد مسكين، مفادها “أننا أمام تدبير مناقض للمصالح الوطنية العليا، بل تدبير مخرّب ومدمّر للقدرات الوطنية، ومهدد للاستقرار والسلم الاجتماعيين، خاصة أن هذه الخرجات تؤكد أننا أمام حكومة تمارس الكذب الفاضح علينا وبشكل ممنهج”.
وشدد على المغاربة، أن يستيقظوا قبل أن يتسع الخرق على الراقع، مردفا “بلادنا ليست بخير ولا تتجه نحو خير. وما تبقى من أدوات المقاومة من داخل الدولة تبدو اليوم أضعف من أن تواصل الصمود، ولننظر إلى ما يحصل مع بنك المغرب وصرخة مندوبية التخطيط”، مشددا على رجالات الدولة ومتنوري المجتمع، أن يكسروا صمت القبور ويبادر كل من موقعه وبأدواته إلى المساعدة في تثبيت السفينة