محمد عصام يكتب: البام يطلق رصاصة الرحمة على التحالف الحكومي
ماذا ننتظر عندما نقرأ في بلاغ رسمي للمكتب السياسي لحزب مشارك في التحالف الحكومي، أن رئيس هذه الأخيرة لا يتواصل بشكل فعال مع وزراء الحكومة المنتمين لهذا الحزب.
هذا ما كشفه بلاغ المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الحكومة حين دعا بالحرف رئيس الحكومة إلى”الحرص على تكثيف التواصل الداخلي الناجع بين القطاعات الحكومية، وكذلك الحوار الفعال مع وزراء البام”.
معنى هذا، أن أي حديث عن الانسجام داخل بيت التحالف الحكومي يعتبر تضليلا وتزييفا للواقع الذي لا يرتفع، وأن هذا الانسجام الذي يتغنى به رئيس الحكومة هو كذبة كبرى، من سلسلة الأكاذيب التي بلا نهاية، والتي رافقت هذه الحكومة منذ ولادتها إلى اليوم.
البلاغ يقول بين سطوره، إن هناك تفضيلا لوزراء على وزراء والتواصل مع ذوي القربى والرحم الحزبي الواحد دون غيرهم، وترك الآخرين “يتشمسون” وتلفحهم “صحراء “التهميش المحرقة، وهذا يعني أن الفصل 93 من الدستور الذي يتحدث عن التضامن الحكومي، لا أثر له في سلوك رئيس الحكومة بشهادة “شاهد من أهلها”.
فإذا كان الحال الحكومة من الداخل بهذا السوء الذي لا يسر الناظرين، والمحسوبية والقرابة السياسية هي العملة المعتمدة في دواليب الحكومة، فكيف يمكن لنا أن نتصور علاقة الحكومة بالمواطنيين وببقية الفرقاء السياسيين.
إن حكومة بهذه البشاعة، والعجز المبين عن تنزيل التضامن الحكومي هي أعجز بالضرورة عن التضامن مع المواطن في أزمته مع الغلاء والتضخم، بل إنها اختارت تموقعها مع الذين “يحلبون” المواطن بشراهة، بسبب القرابة المصلحية، وتضارب المصالح.
فلقد قلنا ومنذ اليوم الأول، إن ولادة هذه الحكومة تلبست بداء عضال اسمه تضارب المصالح، وأن ذلك لا يؤهلها أن تكون حكما وهي طرف أساسي في مأساة المواطنين، وبالتالي لا يمكن أن ننتظر منها شيئا ذا بال.
وكشفت الأيام، خصوصا في مجال المحروقات، حيث إن رئيس الحكومة بشحمه ولحمه، هو الفاعل الأول في هذا القطاع، كيف تركت الحكومة المواطنين فريسة سائغة تنهشها شركات المحروقات، في وقت تداعت حكومات أعرق في الليبرالية واقتصاد السوق إلى الضرب بيد من حديد على شركات المحروقات وألزمتها بحد أدنى من المواطنة والتضامن مع المواطنين.
برامج هذه الحكومة التي تتباهى بها بمناسبة أو غيرها، من قبيل أوراش أو فرصة، ومنذ انطلاقتها شابتها رائحة المحسوبية والحزبية، لأن هذا المنطق هو المهيمن على الحكومة، ولهذا نفهم لماذا تم سحب مشروع “فرصة “من وزارة التشغيل وإعطاؤه لوزارة السياحة التي لا علاقة لها بالشغل، فقط لأن وزيرة هذا القطاع تنتمي للأحرار، ووزير التشغيل ينتمي للبام.
لم نكن في حاجة لبلاغ المكتب السياسي لنصل إلى هذه النتيجة، فالوقائع على عدم انسجام الحكومة كثيرة، لكن هذه المرة هي نيران صديقة تفضح ما يحاول البعض عبثا إخفاءه، لكن الله يشاء أمرا كان مفعولا، وإن غدا لناظره لقريب.