خديجة أبلاضي*
13.04.25
على إثر مسودة القرار المقدمة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص توسيع صلاحيات المينورسو عبر فرض آليات لمراقبة حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية، حصل إجماع وطني بين كل القوى الحية في البلاد جسدت حالة الاستنهاض والاستنفار في كل المؤسسات الرسمية، ونخص هنا بالذكر المبادرة التي قادها صاحب الجلالة من خلال إجراء عدة اتصالات مع شخصيات وازنة ومؤثرة في القرار الدولي، يضاف إلى ذلك الخطوة النوعية التي جسدتها وزارة الخارجية بخصوص تشكيل خلية الصحراء التي تعتبر سابقة تاريخية تحسب للفعل الدبلوماسي الجديد. وإذا أضفنا إلى ذلك مجموع الأنشطة التي قامت بها الأحزاب السياسية الوطنية وجمعيات المجتمع المدني وكل الفعاليات الغيورة على سيادة البلد، نكون أمام نتيجة مفادها أن الضغط السياسي عبر آلية الإجماع الوطني حقق هدفه الرئيسي وهو تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن قرارها، ونحن نستشرف المستقبل القريب للمنطقة لابد أن نطرح سؤالا يتبادر إلى ذهن الجميع وهو ماذا بعد صدور القرار الأممي؟ وحتى تتضح الصورة أكثر ألم يحن الوقت للقيام بنقد ذاتي نسائل فيه أنفسنا عن أسباب تغول المقاربة الأمنية ذات البعد السلطوي/ التحكمي داخل أقاليمنا الجنوبية ؟ إلى متى سنبقى مشدودين بقرارات تصدر عن جهات لا نعلم مصدرها ترهن مستقبل المنطقة والسيادة الوطنية وفق أجندات و مصالح دولية؟
إننا اليوم مطالبون بأن ندشن مرحلة نقاش عمومي جديد يكون منطلقها من الصحراء ومادته الأساسية هي الجواب عن السؤال المركزي: إلى أين نسير؟ لابد من تحديد معالم مستقبلنا ونحن نستشرف مرحلة قادمة شعارها الرئيسي: ” لا بديل عن الخيار الديمقراطي” في تناغم تام مع ضروريات التنمية المحلية، و في هذا الإطار لابد للنخبة الصحراوية أن تخرج عن صمتها و أن تشارك بشكل فعال وقوي ضمن ورشات هذا الحوار، ولابد للجامعة ومراكز البحث والدراسات أن تقوم بدورها في التأسيس الفكري وتوضيح الرؤية والتصور العام لمعالم المرحلة القادمة، فهي مطالبة اليوم بالتقعيد لمشروع جهوي حقيقي يستحضر الإشكاليات الكبرى من قبيل: السيادة الوطنية وسؤال الهوية، والنخبة المحلية والرهانات المنتظرة، والمبادرة السياسية وسؤال المصداقية.
إن طرحنا لهذه الأسئلة يستوجب التعبير عن إرادة سياسية صادقة تؤسس لثقافة الحوار والنقاش العمومي وتقطع مع كل مقاربة أمنية تنزع نحو التحكم، وهي مناسبة لأن نؤسس لثقافة جديدة تقطع مع كل أساليب التجاوز والاختلال في الوطن ككل، وهنا سأسرد مثالين عن تجربتين أحدهما كردستان العراق والآخر كردستان تركيا، التجربة الأولى انتهت بحصول أكراد العراق على استقلال بلادهم، والثاني انتهت بإعلان زعيم كردستان تركيا بوضع السلاح والدخول في مفاوضات سلمية والاستعداد للاندماج في تركيا الجديدة. السؤال هنا كيف وصلنا إلى النتيجتين معا؟
الجواب بكل بساطة في تجربة العراق استقل إقليم كردستان لأن الدولة كانت ضعيفة جدا بسبب ما وقع بعد الاجتياح الأمريكي وفتنة الحروب الداخلية، أما الثاني فمرده إلى ما وصلت إليه تركيا التي أصبحت قوة عالمية اقتصاديا وسياسيا، وأبعدت العسكر عن الحكم والسلطة ومصدر القرار فكانت النتيجة أن اقتنع أكرادها بضرورة العيش في كنفها.
فالعبرة إذن بقوة الجبهة الداخلية وتلاحمها ووحدتها، ولن يتحقق ذلك إلا بتوضيح الرؤية والجواب عن الأسئلة المركزية التي ستؤدي حتما للوصول إلى نتيجة مفادها أننا نريد كسب الرهان، ليس فقط بالسيادة الوطنية وإنما بالاندماج المغاربي والتكتل الاقتصادي والانفتاح بشكل مطمئن على كل القوى الدولية والمؤسسات العالمية.
** برلمانية عن حزب العدالة و التنمية