حزب العدالة والتنمية واستعادة المبادرة (1)
المحجوب لال
يتردد كثيرا مطلب استعادة المبادرة من لدن حزب العدالة والتنمية، سواء من قيادات بالحزب أو من بعض الأعضاء، في الوهلة الأولى يبدو المطلب مغريا، كما يبدو في الآن نفسه ضرورة واقعية يفرضها السياق العام الذي يعيشه الوطن، على مستوياته المتعددة، وتفرضه الفكرة الإصلاحية التي يؤمن بها الحزب، لكن..
“لكن” هذه تعني أنه من الواجب علينا اليوم التدقيق في المفهوم والمطلب، ذلك أنه قد يوحي بأشياء لا يصح أن تُفهم منه أو تشير إليه، وعلى رأسها الاعتقاد أو الظن أن الحزب لم يخطو بعد في مسار استعادة المبادرة ، أو أن واجب الوقت يستدعي التفكير في المطلب، بناء على هذا الاعتقاد المشار إليه.
إن الحقيقة الساطعة والكبرى التي يجب أن تؤطر أي تفكير من أعضاء الحزب أو أي نقاش بين أعضائه، بخصوص المطلب المذكور، هي أن الحزب وضع نفسه في سكة استعادة المبادرة، بشكل لا لُبس فيه ولا غموض، منذ إعادة انتخاب الأستاذ عبد الإله ابن كيران، بنسبة تصويت قاربت 82 بالمائة، خلال المؤتمر الاستثنائي للحزب لعام 2021.
وهذا يعني، مما لا يحتاج إلى كثير استدلال وبرهان، أن قواعد الحزب، قد أعلنت عن رؤيتها لاستعادة المبادرة، وعلى رأس هذه الرؤية، يوجد الأمين العام المنتخب، وأكدت هذه القواعد، بما لا يدع مجالا للشك، أننا لسنا بحاجة للنقاش حول استعادة المبادرة من باب البدايات أو الاحتمال القادم في الفترات الآتية، ذلك أن الحزب يمضي منذ مؤتمره الاستثنائي في تحقيق المطلوب.
والمطلوب تحديدا من لدن أبناء الحزب، جميعا، ثلاثة أمور؛ أولها الإيمان بالديمقراطية، قولا وفعلا، والقصد هنا، أن الحزب اختار بديمقراطية، وأعطى بصمة اتفاقه التامة، مع الرؤية التي أفرزها المؤتمر الوطني والنهج المعلن لاستعادة المبادرة، وعلينا جميعا، احترام هذه الإرادة وعدم التشويش عليها بأي شكل من الأشكال.
وأما المطلب الثاني، وهو تمثل معاني المرجعية، سلوكا وتفكيرا، والقصد منه، أن المرجعية لا قيمة لها إن لم تتجسد في التفكير والسلوك معا، وهذا يعني أن من متطلباتها الوفاء بالوعود والعهود والصدق والوضوح والصراحة، ومنها أيضا التواضع الفكري، الدافع إلى الاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها، سواء أكانت أخطاء في المنهج أو السياسة، ثم عدم تكرار تجربة نفس المسار المؤدي إلى هذه الأخطاء.
وأما المطلب الثالث، وهو تفويت الفرصة عن المتربصين، وقصده، ضرورة الوعي بأن ما يتعرض له الحزب من استهداف وتشويش منذ مؤتمره الاستثنائي، بتكرار ادعاءات باطلة، مرامها تعطيل المسار الذي دخله فعلا لاستعادة المبادرة، ودليل الأخير، هذا الحضور الوازن للحزب في نقاش قضايا الشأن العام الوطنية والترابية، بما يتجاوز المتاح له إعلاميا والمتوفر له بالمؤسسات المنتخبة.
والخلاصة الجامعة لكل ما سبق، أن حزب العدالة والتنمية منذ المؤتمر الاستثنائي، قد وضع نفسه في مسار استعادة المبادرة، بوعي واستقلالية ومسؤولية، بعد أن مر من سنوات طَرح فيها مناضلون صادقون سؤال “واش حنا هوما حنا”، والقصد هنا، أن من مقتضيات المرحلة ومن متطلبات “الرجلة” كذلك، دعم الرؤية السياسية الواضحة التي أفرزها مؤتمر الحزب لاستعادة العدالة والتنمية لعافيته، حتى لا نذوق مرة أخرى مرارة ما عشناه في 2021، حين طُرد الحزب دون أن يلتفت له عامة الناس أو يتأسفوا لهذا التعسف الذي لحق به، وكأن قوى التحكم والإفساد قد تيقنت أن العطب قد حل بذاتنا التنظيمية وبرؤيتنا الإصلاحية وبعلاقتنا مع المجتمع.