محمد عصام يكتب: هل مطلوب من المغاربة أن يحبوا “لقجع” رغما عنهم !!؟؟
أثار تركيز مخرج مباراة المغرب ومالي، برسم دور نصف نهاية كأس إفريقيا لأقل من 23 سنة، على فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، والوزير المنتدب في الميزانية، بشكل ملفت، وفيه مبالغة كبيرة بل أكاد أقول مبالغة مقززة ومثيرة للقرف، أثار ذلك نقاشا واسعا بين المغاربة في منصات التواصل الاجتماعي، إلى درجة طرح كثير من علامات الاستفهام حول هذا التركيز، هل يتعلق الأمر بجهة ما تريد توصيل رسالة ما بهذا التركيز المبالغ فيه؟ أم ذلك كان برغبة وطلب من رئيس الجامعة نفسه؟
الذي يهمنا في الواقعة برمتها، والتي بدأت تتكرر بشكل مقرف جدا منذ مدة غير قليلة، ويبدو أنها ستستمر إلى أن يشاء الله أمرا كان مفعولا، وإلى أن يعود القوم إلى جادة الصواب، الذي يهمنا هو أن نهمس في أذن من تولى كِبر هذا الجنوح، أن كل شيء إذا زاد عن حده، انقلب إلى ضده، وأن الرسالة التي ربما أراد البعض إيصالها بذلك التركيز الشديد على لقجع في كل أحواله وانفعالاته وحتى تدخينه المرضي، سيبطل مفعولها وستحترق في الطريق، وهذا ما وقع بالضبط في هذه النازلة.
ونهمس ثانية في أذن هؤلاء، إننا لسنا مطالبين بأن نحب لقجع ولا أن نكرهه، فهو عابر كغيره من الناس، وأن التاريخ هو الوحيد الذي عنده ميزان الإنصاف الذي لا يخطئ، وبالتالي فلا داعي لأساليب الإدعان والإكراه الناعم والرمزي، الممارس بهذا الشكل الفج والمقيت، لأنه يسيء للقجع نفسه أكثر مما يحسن له ولصورته في المخيال العام للمغاربة.
ونهمس ثالثا، بأن الإنجازات الفارقة في التاريخ لا تكون فردية ولا يطيقها آحاد الناس إلا من أُسند بوحي أو إعجاز من عند الله، وكرة القدم لعبة جماعية، وإدارتها عمل جماعي بالضرورة والطبيعة، وأن “أسطرة الأشخاص وصناعة الأصنام” لا يخدمان مصالح رياضة من حجم كرة القدم بشعبيتها الطافحة، وتعقد إدارتها وحاجتها إلى فرق جماعية للاضطلاع بالمهام استشرافا وبرمجة وتنزيلا ومتابعة، إننا أما منظومة من المهام المتداخلة ما بين التقني والإداري والمالي واللوجسيتيكي والاستراتيجي، تفرض عملا جماعيا متكاملا يشد بعضه بعضا، ويبني بعضه بعضا.
ونهمس رابعا، بأن درس المونديال مع أبناء وليد الركراكي الذي رفع رأس المغرب في العالمين، كان في جوهره، درسا أولا في “النية” وهي النقيض الوجودي لهذا اللعب المقرف الذي يمارس الآن” لأسطرة”و “تصنيم” لقجع وربما حتى انتماءه السياسي، وثانيا هو درس في العمل الجماعي بروح الفداء والتضحية والتكامل، وبدونهما ما كان ليتحقق ذلك الحلم الذي بحجم المعجزة، فهل يعي القوم هذا الدرس؟
أم أنهم سيصرون على “تكريهنا” حتى في هذه اللعبة التي ما زالت تحتفظ بقدرتها على إسعاد المغاربة وخلق روح الانتشاء بالوطن إلى درجة الامتلاء؟
هل يتخلى هؤلاء عن أنانيتهم المفرطة، ويدعنوا لعفوية الفرح الذي يصنعه أبطالنا في هذه اللعبة، ونتساوى جميعا في الانتشاء به بدون تمييز أو حسابات خاصة أو انتماءات أو تموقعات؟
الفرحة بالانتصارات والإنجازات، كما الحزن والألم للانهزامات والانكسارات، مردافان ولازمان لمفهوم “اللعبة”، الذي هو التعريف النهائي لكرة القدم وغيرها من الرياضات، فدعونا نفرح حتى نمتلي، ونحزن كما يجب حين يكون ذلك ضروريا، ولا تضيقوا علينا سعة ورحابة الفرح بتلك القذارة والقرف !!