لماذا تتجدد الانقلابات العسكرية بإفريقيا وما سبيل القارة للتخلص من هذا الداء؟

شهدت القارة الإفريقية في السنوات الثلاث الأخيرة ثمانية انقلابات عسكرية، مما يعيق ويؤخر بناء دولة المؤسسات والحكم الديمقراطي المدني بالدول التي وقعت فيها هذه الانقلابات، ويزيد في مآسي ومعاناة المواطنين بهذه الدول، فما أسباب هذه الظاهرة وكيف السبيل إلى معالجتها؟
للإجابة عن هذا السؤال، قال نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، إن أسباب الانقلابات العسكرية تختلف من بلد إلى آخر، وبحسب ظروف كل حالة، مستدركا، لكن ذلك لا يمنع من وجود عناصر مشتركة ومتداخلة بينها.
ومن ذلك، يردف الأندلوسي لـ pjd.ma، ما يرتبط بالتدخلات الأجنبية في شؤون الدول الافريقية، ورغبة قوى دولية وإقليمية في صناعة نخب حاكمة، مدنية وعسكرية، موالية وتابعة، وهو ما يتأتى في حالات معينة بدعم الانقلابات العسكرية للتمكين لهذه العناصر الموالية.
واسترسل، خاصة وأن القارة الافريقية غنية بالثروات الطبيعية والمعادن النفيسة، وهو ما يفتح شهية هذه القوى والدول لصناعة أنظمة طيعة قادرة على تمكينها من استغلال ثروات هذه الدول واستنزافها.
ومن الأسباب أيضا، يردف الباحث الأكاديمي، “انعدام الاستقرار السياسي، وهشاشة النظام الدستوري، وضعف هياكل ومؤسسات الدولة، في الدول المرشحة أن تعرف انقلابات، أو التي عرفت هذه الانقلابات”.
وأضاف الأندلوسي، إضافة إلى “هشاشة وضعف الوضع الاقتصادي، بسبب غياب الاستقرار، وحدوث اضطرابات أمنية تهيئ البيئة المواتية لإمكانية حدوث الانقلابات”.
وتابع، فضلا عن “غياب ممارسات راسخة في التناوب على السلطة، وعدم الايمان بالآليات الديمقراطية كوسيلة للحكم وتدبير شؤون الدولة”.
واعتبر الأندلوسي أنه في بعض الأحيان، يكون البعد القبلي حاضرا في العمليات الانقلابية، خاصة وأن بعض الدول الافريقية مازالت فيها التركيبة القبلية هي المهيمنة في صناعة الخارطة السياسية.
وتوقف رئيس المركز البحثي عند سبب آخر لهذه الانقلابات، وهو “ضعف الولاء الوطني لبعض الجيوش الإفريقية، خاصة تلك التي تتلقى تدريبات في دول أخرى، مما يمكن ضباطا في نسج شبكة علاقات يمكن أن تستغلها بعض الدول لاختراق المنظومة الوطنية”.
وخلص الأندلوسي إلى التأكيد أن ضعف آليات الردع القانوني للانقلابات، يبقى من أبرز أسباب استمرار الظاهرة.
سبل معالجة الداء
وفي اقتراحاته لمعالجة هذا الوباء أو الحد منه، قال المتحدث ذاته، إن أولى مداخل هذا العلاج، أن القوى الغربية والدول المهيمنة بالمنطقة والمستغلة لثروات القارة، عليها أن تترك إفريقيا للإفريقيين.
واسترسل، وأن تترك ثروات إفريقيا لشعوب هذه القارة، مشددا أن “هذا لن يتم بدون وعي إفريقي بضرورة القطع مع أي استغلال لثروات بلدانهم”.
وتابع، وأيضا “العمل على بلورة آليات للرفع من تكلفة الانقلابات، من قبيل منع الانقلابيين من التصرف في الموارد المالية السيادية، وفرض حصار عليهم ورفض التعامل معهم”، إضافة إلى “تعليق المساعدات المالية لحكومات الانقلابيين”.
وشدد الأندلوسي على أهمية دعم الديمقراطية والحرص على نزاهة الانتخابات، كآلية للتداول على السلطة، لمحاصرة الحركات الانقلابية، والتقليل منها، في أفق القضاء عليها في المراحل المقبلة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.