باحث في التاريخ يحكي قصة “مسجد تنمل” الذي أتى عليه الزلزال
أكد هشام الاحرش، باحث في التاريخ، أن مسجد تنمل الذي تعرض للدمار بسبب زلزال أول أمس الجمعة 8 شتنبر ، بناه الخليفة الموحدي الأول عبد المؤمن بن علي الكومي بمدينة تنمل مهد الدولة الموحدية، ليس مجرد ما تبقى من أسوار وقباب تبرز عظمة البناء الموحدي، بل هو مسجد يختزن بين جنباته ذكرى من جلسوا أمام محرابه ليقرأوا أول مرة الحزب الراتب الذي لازال يصدح في مساجد المغرب إلى اليوم، ليكون أول مسجد في بلاد الغرب الإسلامي تسن فيه هذه السنة الحميدة .
ما تبقى من أسوار مسجد تنمل سيبقى شاهدا على عظمة المغاربة الذين صنعوا مجدا في الماضي وسيصنعون مجد الحاضر
وكشف الاحرش في تصريح لموقع PJD MA ، بأن مسجد تمنل بُني على غرار مسجد قرطبة على غرار بقية مساجد الموحدين، والمعروفة بــ” بالبرشلات”، وهي القبة الطويلة، أو ما يسمى بالسقف الجلموني، والتي تكون في اتجاه جدار القبلة.
وأضاف أن مساجد الموحدين عموما، فريدة وتختزل نوعا من العبقرية المغربية في البناء والهندسة المعمارية، وبالنسبة لمسجد تنمل فكان يوجد به أحد أجمل المحاريب في المغرب، مشيرا إلى مسجد تنمل كان جزء من مدينة متكاملة، كانت لها أسوار وكانت نشيطة إلى زمن متأخر، كما حكى عنها ابن الخطيب في رحلته للمنطقة في العهد المريني.
وكشف الاحرش أيضا، أن مسجد تنمل الذي بناه الخليفة الموحدي عبد المؤمن على أنقاض مسجد شيخه المهدي بن تومرت ؛ لم يكن مسجدا تقام فيه الصلوات ويرفع فيه الآذان، بل كان آخر مسجد في الغرب الإسلامي تشد منه ألجمة الخيل وتوضع فوقها السروج للعبور نحو الأندلس جهادا ومرابطة .
وأوضح المتحدث ذاته، أنه كان من سنة خلفاء الموحدين الجارية، إذا عزم الخليفة على العبور نحو الأندلس جهادا أو مباشرة الحكم في كرسي الدولة الثاني وعاصمته الصيفية اشبيلية؛ أن يزور قبر الخليفة سلفه ويقيم بالمسجد حفلا دينيا، لا يعوقه في ذلك تقطع السبل بين عاصمة الدولة مراكش وتنمل، فالخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور، حين عزم الخروج لملاقاة ملك النصارى في ما سيعرف لاحقا بمعركة الأرك، أعظم المعارك التي خاضها المغاربة في الأندلس هي وشقيقتها معركة الزلاقة، خرج رحمة الله عليه من عاصمة كرسي حكمه مراكش إلى تنمل و في ركب جيشه العلماء والقضاة وعلى رأسهم العالم والفيلسوف، أبو الوليد بن رشد؛ ولم يعقه في ذلك انقطاع الطرق بسبب كثافة الثلج، فكان المسجد معتكفه قبل العبور إلى الأندلس، وذلك بعد أن زار قبر زعيم الدعوة المهدي بن تومرت وقبر جده عبد المؤمن وقبر والده الخليفة الشهيد أبو يعقوب يوسف ؛ الذي قضى شهيدا في معركة شنتريت بالأندلس سنة 1182 وحُمل إلى تنمل ليدفن في مسقط رأسه مدينة تتمل .
وختم الاحرش، بإن ما تبقى من أسوار مسجد تنمل، سيبقى شاهدا على عظمة المغاربة الذين صنعوا مجدا في الماضي، وسيصنعون مجد الحاضر.