[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

“تحالف دول الساحل”يسرع تلاشي الهيمنةالفرنسية إفريقيا: هل يشكل ميثاق LIPTAKO GOURMA موجة تحرير جديدة في الساحل؟

يوم السبت 16 ستنبر 2023، وقع قادة دول بوركينافاسو ومالي والنيجر بالعاصمة المالية باماكوميثاقا للدفاع المشترك، تم بموجبه إحداث “تحالف دول الساحل Aliance des Etats du Sahel”، اعتبر من طرف المحللين للوضع في المجال التقليدي لإفريقيا الفرنكفونية، نقطة تحول نوعية في اتجاه تعزيز مسار التكتل المنقلب على الهيمنة الفرنسية والرافض لسياساتها العسكرية والمالية والاقتصادية والثقافية الموسومة بالغطرسة ونهب الثروات وتفقير الشعوب وإحلال الفوضى باسم مكافحة الإرهاب.وقد حمل ميثاق التحالف اسم LIPTAKO GOURMAالذي يرمز لمجال جغرافي وثقافي حدودي واسع، مشترك ومندمج بين الدول الثلاث، شكل تاريخيا مصدر غنى الممالك والدول التي قامت في الساحل الافريقي، والتي استفادت من مناجم ذهبه الوفير لبناء قوتها العسكرية والمالية ومجدها السياسي؛ وبات يشكل في الحاضر بؤرة أطماع الدولة والشركات الفرنسية، بسبب وفرة موارده الطبيعية النفيسة من ذهب وأورانيوم وكوبالط وغاز وغيرها. فلم يعد خافيا أن هذه الأطماع تمثل الأساس الموضوعي لسياسات التدخل الفرنسي في المنطقة، تحت غطاء الحروب المصطنعة لمكافحة ما يسمى بالإرهاب، والذي أكدت تقارير وتحقيقات صحفية غربية محايدة، وجود علاقات تبادل عضوي للمنافع بين الجماعات الإرهابية والجيوش المنتشرة في منطقة الساحل لاستتباب أمن الشركات الغربية المستغِلة، لا أمن الشعوب المستغَلة.
يتكون ميثاق التحالف الجديد من عشر حيثيات considérants، ومن سبعة عشر بندا بمثابة قرارات decisions وقع تبنيها بإجماع الموقعين على الميثاق. ورغم أن العنوان الأبرز للميثاق هو تأسيس هندسة مشتركة للدفاع ضد التهديدات الأمنية التي تستهدف الحوزة الترابية للبلدان الثلاثة وسلامة أرواح وممتلكات مواطنيها، إلا أن التصريحات الرسمية التي سبقت التوقيع أو واكبته تؤكد عزم قادة الدول المعنية على المساهمة في بناء “منطقة ساحل آمن ومزدهر وموحد”، وهو ما يعني في تحليل مفردات الاعتبارات العشر والقرارات السبعة عشر للميثاق، وجود عزم ثوري لدى التحالف غايته كسر قيود الهيمنة الفرنسية وخاصة في مجال السيادة المالية، بإحداث عملة مشتركة بديلا عن “الفرنك CFA ” le franc de la Communauté Financiére Africaine) )، وهي العملة التي تطبع في البنك المركزي الفرنسي وترتبط باليورو. وقد مكن هذا الوضع اللاسيادي للدول ال 14 المشمولة بهذه الهيمنة المالية من جعل فرنسا تتصرف بحرية كاملة – في سنة 2020 فقط !- في احتياطات أفريقية محجوزة على مستوى حسابات خاصة لدى البنك المركزي الفرنسي تقدر بما يعادل 12.5 مليار يورو.
يشار إلى أن هذه الدينامية الانقلابية التي تعرفها دول الساحل الافريقي تنسجم مع الخطابات الثورية لزعماء الانقلابات العسكرية ،الذين يؤكدون من خلالها أن ما أقدموا عليه يدخل في إطار موجة تحرير جديدة لإرادة شعوبهم ضد الهيمنة الفرنسية المتحالفة مع نخب محلية فاسدة، والمستترة تحت غطاء انتخابات صورية مزيفة، وديمقراطية متهمة بكونها مغشوشة وعاجزة عن تحقيق الأمن والاستقرار والرفاه لشعوب تعيش على أرض يعج ظاهرها وباطنها بثروات طبيعية يسيل لها لعاب الشركات العابرة للقارات. كما أنها ترمي إلى حماية أمنها ضد السياسات الامبريالية التي تحرص على تفتيت بنياتها الاجتماعية وتعريضها لمخاطر الاقتتال الداخلي عبر تأجيج الصراعات القبلية ودعم الحركات الانفصالية والارهابية، لتأمين شروط نهب ثرواتها الطبيعية، وتفقير شعوبها، وصناعة ظاهرة الهجرة الجماعية المأساوية لقواها العاملة من الشباب نحو بلدان الشمال، أو نحو الاستقطاب والتجنيد في صفوف الجماعات المسلحة التي تصنف من طرف الغرب والحكومات المحلية – المسؤولة عن تفريخها – ضمن قائمة الجماعات الإرهابية.
وفي سياق جيوستراتيجي موازي، تجدر الإشارة إلى أن هذه الحركات تندرج ضمن سياق دولي داعم لتطلعاتها واختياراتها، خاصة مع روسيا، بفعل تجدد دينامية الحراكات الأممية الجيوستراتيجية التي ولَّدتها الحاجة للتصدي لهيمنة الغرب الليبرالي بزعامة القوة الأمريكية المهيمنة بأبعادها العسكرية والمالية والاقتصادية. يتعلق الأمر بنشوء مجموعة BRICS التي تقدم نفسها كحراك أممي اقتصادي بديل وغير إيديولوجي، غايته تحرير المبادلات التجارية بين الدول من هيمنة الدولار الذي حولته العقلية الهيمنية الأمريكية إلى أداة تحكم وتفقير لاقتصاديات باقي الدول لصالح الغرب؛ مع تأكيد هذا الحراك الأممي على أن المدخل النقدي لا يشكل إلا خطوة أولى في مسار طويل لإعادة التوازن بين موازين القوى التقليدية والصاعدة في كافة المجالات التي ترتبط بإقرار نظام عالمي متعدد الأقطاب، أكثر عدالة وسلما وتكافؤا للفرص التنموية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

عاجل

مواعيد الجموع العامة الإقليمية لانتخاب مندوبي المؤتمر الوطني التاسع