تمر العلاقات المغربية الفرنسية بتشنج وأزمة لم تعد صامتة منذ مدة، آخر مظاهر ذلك خرجة وزير الخارجية الفرنسية والرد المغربي بكون زيارة ماكرون ليست مدرجة في جدول الأعمال ولا مبرمجة وفق تصريح مصدر حكومي مغربي، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات التي كانت إلى وقت قريب نموذجية؟
خالد شيات أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، أوضح في هذا الصدد، أنه عندما تكون أزمة بين بلدين، هناك مظاهر كثيرة للتعبير عنها وأيضا هناك آليات وإمكانيات وضوابط لتجاوزها، وأضاف أنه قبل تصريح “ماكرون” كان هناك طلب لفرنسا من أجل المساعدة لتجاوز أثر الزلزال حيث تجاوب المغرب بشكل بارد مع هذا الطلب، مشيرا إلى أن هناك مظاهر أخرى تنم عن وجود أزمة مثل عدم وجود سفير مغربي بفرنسا، مستدركا” غير أن الملاحظ أن هناك حرصا فرنسيا على أن تعود العلاقات الفرنسية المغربية إلى سابق عهدها ويدخل هذا الأمر في باب الإيجابية”.
توازن ووضوح
وشدد شيات في تصريح لـpjd.ma، أن المغرب لا يريد أن تعود هذه العلاقات إلى طبيعتها بدون إيجاد إطار مناسب وفعال لتثمين هذه العلاقات وجعلها ثابتة وأن تكون في مستوى العلاقات التاريخية التي جمعت فرنسا والمغرب.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية، أن الحالة الطبيعية للعلاقة المغربية الفرنسية هي أن تكون علاقة جيدة يسودها التعاون والتفاهم، باعتبار أن المغرب حليف استراتيجي ومضمون وتقليدي بالنسبة لفرنسا.
وأبرز أن هناك مرحلة استثنائية في التاريخ الفرنسي ربما تزامنت مع وجود الرئيس “ماكرون” على سدة رئاسة فرنسا، حيث تمر من تحول عميق في سياساتها في شمال إفريقيا وفي إفريقيا عموما، مبرزا أن لدى فرنسا نزعة مصلحية آنية واستراتيجية في إفريقيا وشمالها، فالدول التي يمكن أن تعطي لفرنسا مزايا آنية مباشرة مع الأزمة الاقتصادية ستكون دول جيدة، والدول التي ليس لها ما تقدمه خاصة الطاقة، وضعتها فرنسا في خانة “الانتظار” وهذا غير طبيعي بالنسبة للعلاقات المغربية الفرنسية، “لأن الطبيعي أن تكون هذه العلاقات ذات طبيعة استراتيجية مستمرة ومسترسلة ليست لاعتبارات طاقية ومصلحية أو اقتصادية، لأن المغرب شريك دائم ومستقر ومضمون ووفي لعلاقاته الاستراتيجية مع مجموعة من الدول” يقول شيات.
الرد على وزيرة الخارجية
ويرى شيات، أن جواب المغرب على وزيرة الخارجية الفرنسية، يعبر عن الأزمة وليس هو الأزمة، وأوضح أن زيارة “ماكرون” للمغرب كانت دائما مطلبا فرنسيا لم يجد طريقه إلى البرمجة، ولكن تفاعل المغرب بشكل فوري ومباشر معها باعتبار أنه ليست هناك في الأجندة القريبة تنم على أنه” هناك خللا على مستوى العلاقات المغربية الفرنسية وأن آليات إصلاحه تمر بالضرورة بتجاوز المسببات التي من أهمها عدم التوزان على مستوى شمال إفريقيا بين المغرب والجزائر بالخصوص”.
قضية الصحراء “المفتاح”
وأوضح أستاذ القانون الدولي، أنه ولدرء هذه القراءة التشاؤمية يجب أن تبدأ فرنسا بموقف متقدم جدا من قضية الصحراء المغربية، لاسيما فيما يتعلق بالاعتراف بمغربية الصحراء، خاصة وأن موقف فرنسا اتجاه الحكم الذاتي موقف إيجابي، لكن المغرب يحتاج إلى موقف أكثر تقدما كما هو الموقف الأمريكي و”الإسرائيلي ” للحفاظ أولا على استراتيجية فرنسية في شمال إفريقيا عن طريق المغرب، وأيضا الحفاظ على نسق العلاقات التاريخية الحديثة ما بين فرنسا والمغرب ما بعد استعمار فرنسي للمغرب.
إذن مقومات هذا السلوك الأخير بحسب الشيات “هو ربما إشارة لوجود إمكانية وبادرة وضوء خافت في أقصى النفق”، مستدركا أن هذا التفاعل بين المغرب وفرنسا، وإن كان سلبيا إلا أنه ينم عن وجود دينامية وحركية، وعن وجود إمكانية لإيجاد الحلول أيضا