يبدو أن النفوذ الفرنسي في إفريقيا في اندحار، إذ تنامى وارتفع مستوى العداء على مختلف الأصعدة داخل عدد من دول القارة للخروج من العباءة الفرنسية ولو جزئياً، حيث تتوالى الانقلابات العسكرية في القارة السمراء تباعا وبشكل متسارع وكلها تُجمع على رفض النفوذ والهيمنة الفرنسية، آخرها في النيجر، حيث أعلنت فرنسا إثر ذلك عن نهاية وجودها العسكري هناك، وأقدمت على سحب سفيرها.
قوة إرادة الشعوب
وفي هذا الصدد، اعتبر الباحث والمتخصص في القضايا المعاصرة امحمد طلابي، أن خضوع فرنسا في النهاية لقرارات الانقلاب في النيجر بسحب قواتها وخروج سفيرها، تعبير على أن قوة إفريقيا أكبر من قوة فرنسا الاستعمارية، وأن إرادة شعوب إفريقيا أقوى عشرات المرات من إرادة الاستعمار الفرنسي في إفريقيا.
وأكد طلابي في تصريح لـpjd.ma، أن الانسحاب هو دليل أن الشعوب الإفريقية قد استيقظت، وأن هذه اليقظة هي يقظة وطنية أولا ثم يقظة سياسية، وأوضح أن اليقظة الوطنية، معناها أن الشعوب تريد فك التناقض الرئيسي بين الوطن وبين المستعمر، مستشهدا بالانقلابات التي تمت في بوركينافاسو ومالي والغابون وأيضا التوتر العميق ما بين المغرب وفرنسا، كل هذا يدخل بحسبه في أن “إرادة شعوب إفريقيا لم تعد تطيق إمكانية استمرار المصالح الاستعمارية الفرنسية في القارة الإفريقية”.
واستطرد “نحن نميز بين المصالح الوطنية لفرنسا والمصالح الاستعمارية، فالمصالح الوطنية لفرنسا مرحب بها لأن فيها شراكة، يحققون فيها مصالح وأيضا نحقق نحن مصالحنا، بمعنى أننا مع الشراكة ما بين المصالح الوطنية لشعوب إفريقيا والمصالح الوطنية لفرنسا، لكن نرفض المصالح الاستعمارية لفرنسا، لأن هذه الأخيرة لا تعني رابح رابح وإنما تعني أن طرفا واحدا هو الرابح، حيث إن فرنسا لأكثر من قرن ونصف من الزمان وهي تستغل الموارد البشرية والطبيعية وتتدخل في كل شيء”.
يقظة كبرى
ويرى المتحدث ذاته، أن هذه اليقظة الكبرى بدأت بانقلابات عسكرية، مبرزا أن هذه الانقلابات “قد تكون غير مرحب بها، لأنها قد تنتهي إلى الاستبداد وعدم التحرير السياسي للشعوب، لكن كمرحلة أولى في فك التناقض فهذا مهم، فجمال عبد الناصر كان مستبدا ولكن حرر السويس من الاستعمار الإنجليزي وأصبحت اليوم جزءا من الوطن المصري”.
وذهب الباحث في القضايا المعاصرة إلى أن” الانقلابات العسكرية في إفريقيا إن كانت ستنتهي بطرد المصالح الاستعمارية لفرنسا وغيرها فهي مرحب بها، ولكن مرحب بها أكثر إن انتهت بفك التناقض الوطني مع الاستعمار، والتحرر من الفساد والاستبداد في الداخل”.
هذه إذن يشدد طلابي، مؤشرات كبرى على أن إفريقيا قد استيقظت، واستشرف المتحدث أن “إفريقيا بالتحولات الكبرى الجارية في العالم هي التي ستقود العالم في نهاية هذا القرن بسبب مواردها الطبيعية والبشرية بالخصوص، خاصة وأن النمو السكاني بالعالم سيتناقص في 2040، غير أن القارة الوحيدة التي سيستمر فيها النمو السكاني هي إفريقيا ومن يمتلك الرأسمال البشري المؤهل سيقود العالم”.
وعبر المتحدث نفسه، عن تفاؤله بأن ما يجري الآن هو الحلقة الثانية من التحرر الوطني لشعوب إفريقيا من الاستعمار الفرنسي.
ماكرون واستراتيجية الاستكبار
وحول ما إذا كانت سياسات “ماكرون” هي السبب في تعجيل نهاية فرنسا في إفريقيا، اعتبر المتحدث ذاته، أن استراتيجية “ماكرون” اتجاه الإسلام في فرنسا واتجاه إفريقيا بأنها استراتيجية “حمقاء”، لأنها لا تمتلك ولو مقدار ذرة من الحكمة السياسية وهذا ما عجل بهذا الأمر يقول طلابي.
وأكد في هذا الصدد، أن “العجرفة” واستراتيجية التفوق والاستكبار على الشعوب عجل بنهاية فرنسا، مستدركا بالقول “حتى على مستوى سياساته الداخلية الوطنية فإنها ستعجل بذهابه، فهو الآن يفك الولاء الطوعي الفرنسي اتجاه الدولة، فالفرنسيون ملتفون حول دولتهم طوعا بسبب الديمقراطية، ولكن بتصرفاته اتجاه الشعب الفرنسي فهو يعمل على تفكيك الولاء والرضى الطوعي للشعب اتجاه الدولة، ويعمل الآن على تفكيك الولاء القهري للشعب الإفريقية اتجاه فرنسا، وهو الآن يقوم بتفكيك ولاءين ولاء في الداخل وولاء براني في الخارج، وهذا من كوارث العقل السياسي عند ماكرون ومن يحيط به من شريحة أو من لوبي سياسي يؤطره ويوجهه”.
[ After Header ] [ Desktop ]
[ After Header ] [ Desktop ]
[ after header ] [ Mobile ]
[ after header ] [ Mobile ]
رابط المشاركة :
شاهد أيضا