أوجار: المفكر السياسوي!
لم يجد الوزير السابق السيد محمد أوجار والقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار ما يؤثث به كلمته في ندوة “فكرية” تحت عنوان “العرب اليوم وأعباء الفراغ الاستراتيجي” ضمن منتدى أصيلة الدولي، سوى أن يكرر أحكامه المتهافتة عن ما سماه تجربة الإسلام السياسي في التدبير بالمغرب، وأن يصدر تقييما يسميه شخصيا، لكنه يشرك فيه المواطنين المغاربة، بزعمه أنها كانت تجربة فاشلة وأن الإسلام السياسي ساهم في التدبير بالمغرب وعاقبه المواطنون وعاد إلى بيته، حسب تعبيره.
وبالرغم من أن السياق الذي نعيشه في خضم جرائم الإبادة الجماعية والمحرقة الصهيونية في غزة يغلب على كل الأجندات والنقاشات، لكن مع ذلك لا يمكن أن يمر هذا الكلام المكرور مرور الكرام، لذا نقول للسيد محمد أوجار ما يلي:
أولا- ادعى السيد محمد أوجار في كلمته وهو يحيي صديقه السيد محمد بن عيسى، الأمين العام للمنتدى، وزميله في الحزب سابقا، كونه هو “الذي يفتح هذه النقاشات ويشرك كل التيارات” وهذا ادعاء غير صحيح، والدليل أنك تحدثت في غياب تيار غير موجود لا في هذه الندوة ولا في غيرها، لا سيما وأن هذا التيار موجود ومستمر في الساحة المغربية، وكان له ومازال دور كبير وتاريخي في المساهمة في الحفاظ على الاستقرار والدفع بمسار الإصلاح، فضلا عن كون تجربته، وبكل تواضع وموضوعية، وبالرغم من كل الإكراهات والملاحظات، تبقى تجربة ناجحة ومتميزة ورائدة تشرئب لها أعناق العديد من الدول والحركات الفكرية والسياسية في عالمنا العربي والاسلامي.
ثانيا- نتساءل مع السيد محمد أوجار عن السر في هذا الهوس المرضي الذي يسكنه وحزبه بخصوص الإسلام السياسي، وهو يقصد بطبيعة الحال حزب العدالة والتنمية، حيث وبدون مناسبة وخارج كل سياق يسقطون حمامتهم في حديقة العدالة والتنمية.
ثالثا- كان الأليق بالسيد أوجار ومن باب الشجاعة الأدبية والسياسية أن لا يصدر مثل هذه الأحكام الخاطئة في ندوة دولية في غياب من يتحدث عنهم، وهي ندوة لم يكن موضوعها أصلا لا الإسلام السياسي ولا العدالة والتنمية.
رابعا- نتساءل كيف ضيع السيد أوجار وقته وجهده في تصريف الحسابات الصغيرة مع خصم سياسي عوض أن ينصب جهده ويخصص وقته لإبراز التجربة المغربية كاملة بكل فاعليها وبكل ما لها وما عليها، لا سيما وأن كلامه غير الواضح جعله يقطع في أحكام كبيرة تبدو معممة وهو يردد أن “تجاربنا على مدى الستين سنة الأخيرة توصلنا إلى الإقرار الأليم بأن هذه الاعتبارات لا تكفي، لأن النظام العربي الإقليمي، هو نظام إقليمي للاستبداد، للحكم الفردي، لتعذيب الشعوب، لدوس الحريات والحقوق”، وأننا “جربنا كل أشكال المشاريع، واليوم لا بد ونحن نتحدث للأجيال الجديدة، خاصة نحن الذين تحمّلنا كثيراً من المسؤوليات، أن نقر بفشلنا الجماعي في إشراك المواطنات والمواطنين في التدبير الديمقراطي لهذه الدول القطرية”.
فكيف للسيد أوجار أن يقر بالفشل في إشراك المواطنين في التدبير الديمقراطي ويدعي في نفس الكلمة بأن المواطنين هم من عاقب تجربة الإسلام السياسي بالمغرب؟
وكيف للسيد أوجار أن يدعي ذلك وهو يتساءل في نفس الندوة “هل يكفي الاختباء وراء النجاعة التكنوقراطية في التدبير؟ وهو العنوان الذي يسوق له بخصوص التجربة الجديدة التي قال إنها خلفت تجربة الإسلام السياسي؛
وكيف له أن يدعي ذلك وهو يقر بعظمة لسانه أن “النخب للأسف الشديد تملّكها جبن تاريخي وتستأسد بالسلط الحاكمة وتختفي في جلباب الحاكم”؟
هذا دون القول بأن السيد أوجار المفكر وهو ينتقد النخب ويسرد جملة من البكائيات ويرسم صورة قاتمة عن الوضع العربي وينفي وجود أي منظومة قيم مشتركة عنده، لم يقدم جديدا في هذه الندوة الفكرية ولم يتجاوز كونه كرر التوصيف الذي يعرفه العربي العامي قبل العالم والنخبوي، وللأسف هذا النوع من الفكر والتفكير هو من صنع هذا الفراغ وهو أصل الداء.