نور الدين يعري سقطات تقرير الأمين العام للأمم حول الصحراء

تفاعلا مع مسودة النسخة الأصلية لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بمجلس الأمن، قال الخبير في شؤون الصحراء أحمد نور الدين، إنه من حيث الشكل، الأمين العام للأمم المتحدة واصل التعامل مع المغرب -وهو دولة مستقلة وعضو كامل العضوية في المنظمة الأممية- على قدم المساواة مع تنظيم انفصالي تؤطره وتموله وتسلحه الجزائر، حيث لا يذكر موقفا للمغرب في فقرة من فقرات التقرير إلا وذكر موقفا مضادا للجبهة الانفصالية.
والأدهى من ذلك يضيف أحمد نور الدين، أنه ما ذكر رسالة بعث بها المندوب الدائم للمملكة إلى رئيس مجلس الأمن أو الأمين العام إلا وذكر رسالة أو مكالمة توصل بها من زعيم الإنفصاليين، مضيفا أنه بهذا السلوك “يضفي على بروبكاندا الجبهة الانفصالية شرعية دولية، ويضمنها في الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة، ويجعل الأمم المتحدة وتقاريرها أداة من أدوات البروبكاندا الانفصالية.”.
تقرير إنشائي
ومن بين الملاحظات التي سجلها المتحدث ذاته في تصريح لـpjd.ma، أن التقرير حينما تحدث عن لقاءات جمعت الأمين العام الأممي مع جلالة الملك، ثم عقب بالحديث بعد ذلك عن لقائه بزعيم الانفصاليين، وبذلك يكون الأمين العام الأممي قد استعمل توازي الشكليات التي لا تخفى اإيحاءاتها الخبيثة على ذهن متلقي الخطاب. وهذا أمر لا ينبغي السكوت عنه يشدد نور الدين.

ومن جهة أخرى، أوضح نور الدين، أن التقرير حين تحدث عن منع الوقود وقوافل اللوجستيك الأممية من الوصول إلى مراكزها شرق الحزام، فهو لم يحمّل المسؤولية للجزائر، لأنها مسؤولة عن الأراضي التي تنطلق منها الميلشيات المسلحة، وهي وحدها من يتحمل مسؤولية عرقلة قوافل اللوجستيك وعرقلة مهام “المنورسو”.
وأكد أنه كان من المفروض أن نجد في التقرير إدانة واضحة للجزائر والميليشيات الانفصالية التي تعيق وصول الوقود والامدادات إلى مواقع “المنورسو” شرق الجدار، والحال أن التقرير خال من أي إدانة ويكتفي بوصف العرقلة توصيفا إنشائيا باردا يمكن أن يقوم به أي ملاحظ عادي، وشدد على أن هذا الأمر يتنافى مع الدور المنوط بـ”المنورسو” والأمين العام الأممي، فالأمر لا يتعلق بتقرير جمعية من جمعيات المجتمع المدني! يقول أحمد نور الدين.
ومما أثاره الخبير في شؤون الصحراء، مناقشة ملف حقوق الإنسان مع الوزير بوريطة، معتبرا أن هذا الملف ليس من مهامه أصلا، “وهو في ذلك يسير على خطى كريستوفر روس الذي حاول التهرب من مواجهة فشله في مهمته لإيجاد حل سياسي للنزاع، فانصرف إلى فتح ملفات استغلال الثروات وحقوق الانسان، واستطاع أن يجر المغرب الى ذلك الفخ دون وعي، ليغطي على فشله في إيجاد الحل السياسي الواقعي والمتفاوض بشأنه والمقبول من الأطراف”.
ويرى المتحدث ذاته، أنه “بمجرد السماح للمبعوث بمناقشة ذلك مع المغرب ولو من خلال الآليات الأممية المعنية، يعتبر مساهمة في تهريب النقاش والهروب من مواجهة المهمة الوحيدة للمبعوث الشخصي، ولا أقول المهمة الأساسية بل الوحيدة والحصرية”، قبل أن يضيف أنه “في الظروف الدولية الحالية قد أصبح جليا، أن الأمم المتحدة غير مؤهلة للحديث عن حقوق الإنسان وهي التي لم تستطع إدانة المجازر التي راح ضحيتها أزيد من 1800طفل في غزة خلال 15 يوما”.
إطالة أمد النزاع
وانتقد نور الدين، تغييب التقرير الأمي لإدانة استعمال الجزائر لسلاح التجويع، وقال إنه “عوض أن يدين التقرير الأممي استعمال الجزائر سلاح التجويع ضد ساكنة المخيمات، لأن قلة الغذاء إلى درجة الأزمة كما يقول الأمين العام في التقرير، لا يمكن أن نفسرها بالنقص في المال لدى البلد المضيف والميليشيات، لأنه في المقابل يتحدث التقرير عن اعتراف الميليشيات الانفصالية بأنها نفذت أزيد من 750 اعتداء مسلحا ضد القوات المسلحة الملكية، حسب اعترافها الوارد في هذا التقرير، وهذا يتطلب آليات وعتادا وأسلحة وذخيرة حربية ولوجستيك وأجهزة اتصالات ذكر التقرير أن منها مسيرات أي درونات! وهذا يعني أن الامكانات المادية متوفرة بالمليارات، ولكنها موجهة للأعمال العدائية والإرهابية عوض أن توجه لتوفير الغذاء للساكنة، وهذا يؤكد النية المبيتة لاستعمال سلاح التجويع ضد النساء والأطفال في المخيمات”.
وأوضح أنه بالرغم من هذه الأمور ” لا نجد في تقرير الأمين العام أدنى إشارة بله إدانة، بل يمكن أن نتحدث عن تواطئه مع الجزائر لأنه يدعو المنتظم الدولي إلى الزيادة في المساعدات الغذائية” وهذا أمر خطير بحسبه لأنه يطيل أمد النزاع، فالجميع يعلم أن عودة اللاجئين إلى أرض الوطن ستنهي معاناتهم الإنسانية وستغلق ملف الصحراء إلى الأبد، فاللاجئون هم الورقة الوحيدة المتبقية في يد الجزائر لإبقاء جمرة النزاع تحت الرماد، وهذا لا يخفى على مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة.
مفاتيح حل النزاع
وأكد المتحدث، أن أهم مفتاح لحل النزاع، هو إحصاء اللاجئين وتمتيعهم بحقوقهم في الحصول على الوضع القانوني للاجئ، واخضاع المخيمات لحماية الهيئة العليا للاجئين، والفصل بين المدنيين والميليشيات داخل المخيمات، وتطبيق قانون الدولة المضيفة أي الجزائر على ساكنة المخيمات عوض قانون الغاب الذي تفرضه الميليشيات، وتمتيع ساكنة المخيمات بحق مغادرة المخيمات والعمل والدراسة في البلد المضيف عوض محاصرة المخيمات، وتجريم تجنيد الأطفال، أو فصلهم عن عائلاتهم، وغيرها من الحقوق الأساسية التي تنص عليها اتفاقية جنيف والبروتوكول المكمل لها ومواثيق حقوق الطفل وغيرها.
وأوضح أنه عوض أن تصدر إدانة واضحة من الأمين العام للأمم المتحدة للجزائر، كبلد مضيف، بوصفها المسؤول الوحيد عن وضعية اللاجئين حسب القانون الدولي، نجد الأمين العام يغمض عينيه عن هذه الجرائم التي ترتكب في حق اللاجئين، ويتجاهلها ولا يذكرها اطلاقا وكأنها أمر ثانوي، بينما يذهب كل مذهب في صياغة فقرات انشائية لا علاقة لها بالوضع القانوني لمخيمات تندوف التي تعتبر المخيمات الوحيدة عبر العالم التي لا يطبق فيها القانون الدولي.
وشدد على أن التجاهل المقصود من طرف التقارير الأممية “لا يمكن حمله إلا على محمل سوء النية المبيتة من الأمين العام ومبعوثه الشخصي والتواطؤ المكشوف مع النظام الجزائري وميلشيات الانفصاليين التي تفرض سيطرتها على المخيمات، ولا أجد سببا واحدا يمنع المغرب من وقف كل المحادثات ووقف التعاون مع الأمم المتحدة قبل أن يتحقق شرط تطبيق القانون الدولي على مخيمات تندوف، وهو ما لا يمكن لأي عضو في مجلس الأمن أن يعترض عليه”.
ومن بين الملاحظات التي سجلها الخبير في شؤون الصحراء، ما يتعلق بإصرار الأمين العام على وضع عبارة “المنتخبين المحليين” في العيون والداخلة بين مزدوجتين كلما ذكرهما، وهو ما يعني أنه لا يعترف بأنهم منتخبون يمثلون الساكنة، وهذا يعتبره المتحدث ” موقف سياسي مناوئ للمغرب يتنافى مع مهامه”.
وأضاف أن تقرير الأمم المتحدة ذهب أبعد من ذلك حيث نقل كلام الانفصاليين الذين التقاهم في الصحراء المغربية، والذين زعموا أن المنتخبين محليا لا يمثلون الساكنة، ونقل أيضا مزاعم الانفصاليين بأن ساكنة الصحراء لا تتمتع بنفس حقوق باقي المواطنين المغاربة، وهذا كلام خطير يؤكد نور الدين، و يستدعي ردا قويا من المغرب، لأن نقل هذا الكلام دون دليل أو حجة ووضع المنتخبين بين مزدوجتين، ليس بريئا ويجعل من الأمين العام ناطقا باسم الانفصاليين ومشجعا للبروبكاندا وناشرا للتضليل من على منبر مجلس الأمن وتقاريره الرسمية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.