صقلي عدوي وعبادي يقدمان مذكرة حول برنامج التنمية الجهوية بفاس مكناس.. وهذه مضامينها
تقدم إدريس صقلي عدوي والحسين عبادي، عضوا مجلس جهة فاس مكناس عن حزب العدالة والتنمية، بمذكرة حول برنامج التنمية الجهوة بالجهة، وذلك خلال أشغال الدورة المنعقدة اليوم الخميس 26 أكتوبر 2023.
وهذا نصها الكامل:
مذكرة مجموعة العدالة والتنمية بمجلس جهة فاس – مكناس حول برنامج التنمية الجهوية
استحضارا لأهمية مواصلة تنزيل المقتضيات الدستورية والقانونية المتعلقة بالجهوية المتقدمة، ونظرا للتراكم النسبي الذي حققته جهة فاس– مكناس في هذا المجال، وبمناسبة مناقشة مشروع برنامج التنمية الجهوية 2022-2027 يسعدنا في مجموعة العدالة والتنمية بمجلس جهة فاس– مكناس أن نتقدم بمذكرتنا هاته في الموضوع.
إننا مقتنعون في العدالة والتنمية بأن إعداد هذا المشروع يعتبر فرصة سانحة لمختلف مكونات الجهة للإسهام في إعطاء الجهوية المتقدمة بعدها وجوهرها الديموقراطي والتنموي، والأخذ بزمام المبادرة لتنزيل الإرادة الراسخة والإشارات القوية التي ما فتئ صاحب الجلالة حفظه الله يوجهها للجميع، من أجل استرجاع ثقة الموطنين في المجالس المنتخبة، وتعبئتهم وضمان انخراطهم في مشروع تنموي طموح، بناء ومحفز. مشروع يجد المواطن مكانته فيه، ويستقطب النخب المؤهلة للتصالح مع تدبير الشأن العام، في إطار توازن العلاقة بين المركزي والجهوي والمحلي. وهو الشيء الذي لم يحصل بعد مجزرة 8 شتنبر التي أفرزت مجالس، لسان حالها يعبر عنها: وما واقع جماعة فاس، وعمالة فاس، وأولاد الطيب… وجل الجماعات بالجهات عنا ببعيد.
إن تنزيل الجهوية المتقدمة يقتضي تكريس التدبير الحر والفعال للجماعات الترابية، وتعزيز الحكامة والشفافية وتطوير آليات التدبير. كما أن هذا التنزيل يقتضي إعداد منظومة التضامن بين الجهات، وهي المعضلة للأسف الشديد (صندوق التضامن بين الجهات لم يصرف منه شيء)، مع تطوير آليات التشاور وتعزيز الديموقراطية المحلية، وتثبيت ودعم الإدارة الجهوية، وتطوير آليات التعاون والشراكة مع المؤسسات العامة والخاصة، ومع المجتمع المدني الذي أصبح شريكا على مختلف المستويات (والدليل على ذلك المبادرات الخلاقة التي قام بها في زلزال الأطلس الكبير). هذا دون إغفال دور التعاون الدولي والديبلوماسية الموازية في خدمة قضايانا ومصالحنا الحيوية الوطنية والجهوية.
إن أهم تحدي يواجه المجلس هو ذلك المرتبط بتبويء الجهة المكانة التي أقرها الدستور، والاختصاصات التي رسخها القانون 14/111، واستثمار الإمكانات المالية الموضوعة رهن إشارته (1مليار درهم تقريبا كميزانية، وأكثر من 11 مليار درهم، موروثة عن المجلس السابق)، وتعبئة الموارد الذاتية، وتلك المحولة والمتاحة في إطار مختلف الصناديق، لجعلها محورا أساسيا للتضامن المجالي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والاستجابة للطموح المشروع للمواطنين في التقدم والازدهار، وتحسين مستوى عيش الساكنة، وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وتدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية، والاستفادة العادلة من ثروات الجهة وخيراتها.
إننا في مجموعة العدالة والتنمية مستاؤون من واقع الجهة، حيث كان لنا أمل في أن يستفيد المجلس من التراكم ويستثمر الإرث الإيجابي الذي وجده لكي تؤدي الجهة دورها الكامل بما يناسب مكاناتها الهامة وموقعها الاستراتيجي كحلقة وصل بين عدد من الجهات، وكنموذج تنموي مبدع يرفع من قدرتها على مواجهة التهديدات المتنامية، ويعزز قدرتها التنافسية في عالم مفتوح. وذلك من خلال ترسيخ الديموقراطية التشاركية، وتوظيف الموارد المتوفرة، وجلب أخرى إضافية، وتثمين الخصوصيات الثقافية والموروث الحضاري، وتطوير حكامة المشاريع (للأسف الشديد لا مشاريع هذه السنة سنة بيضاء حيث لم يؤشر بعد على ميزانية 2023) لجعلها أكثر نجاعة في تحقيق آثارها على المواطن.
وفي هذا الإطار فإن برنامج التنمية الجهوية يعتبر اللبنة الأولى لإعداد هذا المستقبل. وعليه فإن أهداف هذا المشروع يرتبط أساسا بتجاوز العجز في مجالات التنمية البشرية والبنيات التحتية والتجهيزات الأساسية، وتقليص التفاوتات المجالية بين الأقاليم من جهة، وتهيئ الجهة لاستقطاب الاستثمارات، وتطوير الناتج الداخلي الخام، ورفع القيمة المضافة للمنتوجات الجهوية من جهة أخرى. وهذا من شأنه تطوير نموذج اقتصادي جهوي متميز.
إن هدف هذا المشروع يتجاوز تنزيل المقتضيات القانونية إلى تحقيق الرفاه لساكنة الجهة من خلال مقترحات طموحة وواقعية، تشعرهم بالفخر بانتمائهم لهذه الجهة، وثقتهم في مستقبل جهتهم ووطنهم. وهذا يقتضي تملك رؤية موحدة والدفاع عنها، والترافع من أجل تنزيلها.
إن ملاحظاتنا التي سنقدمها على مشروع برنامج التنمية الجهوية تنطلق من العام إلى الخاص:
– أولا: ان عنوان المشروع برنامج التنمية الجهوية 2022-27 دليل صارخ انكم خارج التغطية ف 2022 انتهت و2023 على مشارف الانتهاء. اعتقد يصدق القول من الخيمة خرج مائلا.
– ثانيا: نعتبر أن فتح صفقة بقيمة 3.6 مليون درهم من أجل إعداد برنامج التنمية الجهوية هو هدر للمال العام، ومجازفة لم تعط نتائج تذكر، خاصة وأن مجلسكم ورث تصميما جهويا لإعداد التراب، تغطي رؤيته 25 سنة، إذ يمتد إلى 2042، والذي حدد رؤية واضحة لأي جهة نريد، وأجاب عن هوية جهة فاس – مكناس، انطلاقا من تشخيص دقيق وعميق، كما حدد أهداف استراتيجية لهذه الهوية، يمكن تلخيصها في محورين:
– الهوية 1: جهة الصناعات والصناعات الغذائية، وهذا أملنا، وسنظل نناضل من أجله، كما سنظل نرافع من أجل أن يكون القطب الثالث لصناعة السيارات في المغرب بجهتنا فاس – مكناس، بعد طنجة والقنيطرة.
– الهوية 2: جهة العلم والمعرفة والتراث، لأنها تحتضن أول جامعة في العالم (جامعة القرويين)، وجامعات من أكبر من الجامعات بالمغرب: (جامعة سيدي محمد بن عبد الله بأكثر من 100000 طالب، وجامعة مولاي اسماعيل بأكثر من 70000 طالب)، وجامعتين خصوصيتين: الأخوين والأورو متوسطية، وأول مدرسة للمهندسين الفلاحيين في المغرب: المدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس.
كما ورث مجلسكم برنامج التنمية الجهوية (2020-2022) الذي يضم 97 مشروعا بقيمة تتجاوز 11 مليار درهم، وضعيته إلى حدود يوليوز 2023 (كما جاء في عرضكم في دورة يوليوز 2023).
– 4 في المائة من المشاريع أنجزت.
– 36 في المائة في طور الدراسة.
– 45 في المائة في طور الانطلاق.
-15 في المائة في طور الاعداد.
ثالثا: لقد ترسخت لدينا القناعة بعد الاطلاع على مخرجات الدراسة (مشروع البرنامج) أنها لا تختلف عن مخرجات الدراسة الأولى التي أنجزها المجلس السابق لأن الرؤية والتشخيص لم تتغير، والأهداف الاستراتيجية 7 لا تختلف على الأهداف 4 السابقة.
رابعا: إن اقتراح بنك مشاريع من 380 مشروع، بغلاف مالي قيمته 19.5 مليار درهم، وباستحضار التجربة السابقة، يعتبر ضربا من الخيال واللاواقعية. إذ كيف لمجلس لم يستطع إنجاز 97 مشروعا موروثا، ان ينجز 380 مشروعا؟ من أين سيعبئ المجلس 8,5 مليار دهم خصوصا وهو ملزم بتسديد الديون السابقة المتعلقة ببرنامج التنمية للولاية السابقة وباستحضار التعثر والبطء الذي يعرفه تنزيله وكذلك باستحضار عدم التأشير على الميزانية السنة الحالية للمجلس ولا نعرف مال ميزانية السنة المقبلة؟ ومن حقنا أن نتساءل هل الأطراف الشريكة ملتزمة بتوفير 21 مليار درهم من خلال بروتكولات مبدئية خاصة وأننا نعيش تراجع بعض أطراف حكومة 8 شتنبر عن التزامات صريحة و موقعة “حال وزارة التعليم العالي”؟ لقد علمتنا التجربة والحكمة المغربية أنه “البس قدك يواتيك” وأن “اللي كيحسب بوحده كيشيط له”. لذلك، لا ينبغي أن نكثر من الأماني والانتظارات غير القابلة للتحقيق، والخروج إلى حيز الوجود. وهذا ما تمليه العقلانية السياسية.
خامسا: بالنظر إلى بنك المشاريع وتوطينها المجالي يمكن إبداء الملاحظات الآتية:
– أين هي العدالة المجالية بين الأقاليم والجماعات في هذه المشاريع؟ فبولمان أكبر إقليم بالجهة حصته من المشاريع في المرتبة الأخيرة، وتاونات الثاني من حيث المساحة رتبته في حصة المشاريع 6، بعد أقاليم أقل منه مساحة وعدد السكان.
– ونفس الشيء لجماعات نفس الاقليم (الحاجب مثال من بين 16 جماعة في الاقليم أزيد من 10 جماعة قروية وشبه حضرية ب 0 مشروع).
وغياب العدالة المجالية تتجلى كذلك في غياب تقريب العرض التكويني “مؤسسات التكوين المهني” من الجماعات الترابية عموما والقروية خصوصا، حيت ترتفع نسبة الهدر المدرسي فعلى سبيل المثال لا الحصر مدينة أكوراي والجماعات الترابية المحيطة بها (تامششات – جحجوح – راس ايجري – ايت يعزم و ايت بورزوين) لا وجود لأي مؤسسة التكوين المهني وكذا الاكتظاظ بالثانوية الإعدادية الوحيدة بالمدينة “أزيد من 1400 تلميذ و تلميذة” في حين نجد برمجة لإحداث مؤسسة التكوين المهني بمدينة الحاجب رغم توفرها على مثل هذه المؤسسات لذلك نقترح تحويلها الى مدينة اكوراي اسوة بباقي مدن الإقليم تاوجطات وسبع عيون والحاجب.
– مشروع البرنامج يحمل الجهة أكثر مما تحتمل، إذ تتوزع المشاريع على 23 قطاعا، وكأن الجهة هي المسؤولة عن كل شيء، ولها اختصاصات فوق تلك التي حددها القانون التنظيمي للجهات، والحال أن من يتصدى للتدبير ينبغي أن تكون له القدرة على الموازنة بين الطموحات والإمكانات، حتى يتسم تدبيره بالواقعية والمصداقية.
– يمكن أن نقف عند نموذج إقليم تاونات الذي لم يشمله أي مقترح تدخل في 11 قطاعا من أصل 23 المقترحة. وهذه القطاعات هي (التعليم العالي- النقل – اللوجستيك – السكن- التعمير- المياه والغابات- البيئة- التجدد الطاقي- العدل- الرقمنة- العمل الاجتماعي).
– متحف للخزف بتاونات التي لا علاقة لها بهذه الصناعة والمشهورة بها جماعة اورتزاغ ومركزها مدينة صاعدة.
– مشاريع بعض المجالات غير محددة (التشغيل والشباب..).
– مجال دعم الجمعيات لا يدخل ضمن البرنامج التنمية الجهوية.
– عدد المشاريع في المصفوفة 358 وليس 380 كما جاء في العرض.
– عدم توطين 66 مشروع بقيمة مالية 9.3 مليار درهم.
و بشكل عام لا نرى أن هذا البرنامج سيساهم في محاربة الفوارق المجالية داخل الجهة و داخل الأقاليم نفسها فبالإضافة الى ما ذكرناه فان التعثر الذي يعرفه تنزيل البرنامج السابق وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية “فإن فك العزلة عن العالم القروي لا يتم فقط بفتح المسالك الطرقية، بل يتعداه الى تشجيع التنقل بين هذه الجماعات، وهو الأمر الذي له علاقة وطيدة بالمخطط الجهوي للنقل الذي لم يتم وضع تصور و رؤية لتنزيله على أرض الواقع وتداخل الاختصاص بخصوصه بين الداخلية ووزارة النقل والتجهيز والجهات حسب القانون التنظيمي للجهات.
وختاما نقول إن ورش تنزيل الجهوية المتقدمة يتطلب الجدية في المشاورات الحقيقية والاستماع الى جميع الشركاء والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين بعيدا عن أي سلوك سياسوي أو انتخابي ضيق لا يحقق طموح الساكنة من جهة، ومن جهة أخرى فإن تحقيق التنمية الجهوية لن يتحقق في غياب العدالة المجالية داخل الجهة نفسها.
إدريس صقلي عدوي والحسين العبادي