غربي يكتب: غزة بين جرأة الميدان وغدر السياسة

من المهم تتبع حركية وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، فهو يتجه إلى إسرائيل ويحضر في الكابيني الحربي وعلى ضوء المعطيات تتناسل خطواته التالية، ويبدو أن تقدم الحسم العسكري الذي راهنت عليه أمريكا ووعدت به إسرائيل لا زال بعيد المنال رغم مرور شهر على انطلاق مسلسل العدوان على غزة.
وأمام انسداد محاولات” ترنسفير” الشعب الغزي الى مصر، تتجه الحركية الدبلوماسية الأمريكية إلى محاولة عزل حماس باستثمار معاناة الغزيين وصناعة سراب سلام جديد، يكون فيه دور للسلطة الفلسطينية برام الله. و يبدو أن السلطة أبدت القابلية لابتلاع الطعم الجديد مع اشتراط حل سياسي شامل، يؤشر التدشين لهذا المسار بمحاولة عزل سياسي للمقاومة بتحييد الضفة وهو ما استحق عليه أبو مازن التنويه من بلينكن، وإن كانت الضفة بدورها تغرد خارج أمنيات عباس و زائره.
يدرك بلينكن إذن أن حقائق المعركة الدائرة تتجه إلى محاصرة إسرائيل ومن خلفها، ذلك أن ضغط الشعوب يتزايد و صورة العدالة الدولية تنهار، والدم المسفوح سيتحول إلى لعنة تلاحق صانعي أعطاب الإنسانية. ولذلك فالحل إحياء مسلسل سراب سلام جديد.و بذلك يتم امتصاص الغضب العالمي المتأجج. وتدفع السلطة إلى توجيه ضربة من الخلف للمقاومة.
غير أنه وجب التذكير بالوضعية البئيسة التي آلت إليها السلطة، فلم تعد سوى أداة محنطة لا تقوى حتى على تحقيق هزال أوسلو، بله اتخاذ خطوات مدافعة و ممانعة لما يحصل في القدس والضفة. إذا لم تمسك السلطة الفلسطينية بحبل النجاة الذي يقدمه إنجاز المقاومة وتضحيات الشعب الباهظة فإن ذلك يعني بالواضح اصطفافها ضد طموحات الفلسطينيين في التحرر والانعتاق، وتقديم طوق النجاة للمحتل المحاصر بضربات المقاومين ودماء الشعب.
الالتفاف السياسي على أداء المقاومة ليس جديدا فقد شهدته دول عديدة في رحلة سعيها للاستقلال، و نتج عن ذلك تثبيث نخب ذيلية تابعة تحافظ على استمرار هيمنة المستعمر الخارج، فهل سيتكرر سيناريو إفراغ الجهد التحرري من أبعاده الشمولية بتقزيمه و تحويل الإنجاز الى فرصة مغدورة؟

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.