بالمختصر المفيد: “…وللعاهر الحجر!”
بين الفينة و الأخرى، يطلع علينا مدير نشر الأحداث المغربية بمقالة مليئة بالتناقضات في حق حزب العدالة والتنمية وأمينه العام، لكنه مع ذلك يبقى محافظا على خيط ناظم واحد تُمليه المنافع التي يقتنصها أو التعليمات التي يتلقاها، وآخرها مقالة ’’الابن للفراش…!!’’، التي اقتبس عنوانها من الحديث الشريف دون أن يُكمل الجزء الثاني منه ’’…وللعاهر الحجر’’، وهو الوصف الذي يليق بما اقترفه.
لقد أمعن المدعو لغزيوي -ومن وراءهُ – في ممارسة العهر الصحفي، وهو يركب على تحليل عميق للأستاذ عبد الإله ابن كيران وهو يأسف لتردي مستوى الزعامات السياسية ببلادنا، ويحذر من خطورة فراغ الساحة السياسة من مسؤولين في مستوى وحجم القامات التي كانت سابقا وهو الفراغ الذي أصبحت تملؤه مخلوقات نكرات ومكلفون بمهمة، وليصفه بعهر وسوء أدب بـ ’’الحلايقي’’ و’’المهرج’’ ويتهمه كذبا بأنه من أدخل “الحلقة” إلى السياسة، متناسياً أنه طيلة العشر سنوات التي تولى فيها حزب العدالة والتنمية رئاسة الحكومة، وخصوصاً خلال السنوات الخمس الأولى، لم يجرؤ على وصف رئيس الحكومة آنذاك بهذا الوصف، بل كان يمدحُ تواصله السياسي الرفيع وتبسيطه للناس ما يتعلق بتدبير شؤونهم وكانت عصابته ورئيسها يستدرون التصريحات والحوارات.
وإذا نسي أو أُنسي الكاتب إياه هذه الحقائق، نذكره أن الجلسة التي وصفها “بالحلقة”، وهي جلسة دستورية محترمة، كانت تحقق ملايين المشاهدات، وكان يتابعها المواطنون والمواطنات بشغف كبير في القرى والمداشر والمدن، وبشكل جماعي بالمقاهي والبيوت كما لو أنهم يتابعون إحدى مباريات ‘‘الكلاسيكو”، وأصبحوا لا يعيرونها أي اهتمام كما هو الحال اليوم مع حكومة صاحبه السيد أخنوش. لقد كانت تلك الجلسة الخالدة صفحة من صفحات الممارسة السياسية الراقية ببلادنا صالحت المواطنين مع السياسة وجعلتهم يهتمون بالشأن العام، فصار المغاربة جلهم يعرفون دقائق الملفات والقرارات السياسية، ويهتمون بكل صغيرة وكبيرة تهم سياسة بلادهم.
لقد بصم ابن كيران وحزبه السياسة المغربية ببصمة خاصة جعلت المغاربة يهتمون بها وبتفاصيل تدبير شؤونهم، وسجل اسمه بمداد من ذهب في تاريخ المغرب الحديث، إلى جانب أسماء وقامات أخرى، بتواصله وإنجازاته وفعاليته، وهذا أمر وإن لم يعترف به المستخدم إياه اليوم، فإن المغاربة اعترفوا به خلال انتخابات السابع من أكتوبر 2016، حيث بوؤوا حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى للمرة الثانية على التوالي، ووهبوه 125 مقعداً برلمانياً بعد 107 المحصل عليها في تشريعيات 2011، وترأس الحكومة مرتين متتاليتين لأول مرة في تاريخ المغرب.
إن ما يقوله المدعو لغزيوي ليس سوء أدب وصحافة سخافة في حق ابن كيران، بل هو تحقير للمغاربة وطعن في أهليتهم وفي اختياراتهم، وهذا أمر طبيعي من شخص لا يهمه ما يريده الشعب بقدر ما يهمه إرضاء “مول الشكارة”، بل يكتب افتتاحيات وينظم أصدقاؤه في المجموعة برامج ليسخروا مما يريده الشعب ومما يرفعه الشعب من شعارات.
لم يكتف المستخدم إياه في الجريدة إياها فقط باقتراف العهر الصحفي في حق حزب العدالة والتنمية، بل استغل الفرصة ليختبئ بجبن وراء حزب العدالة والتنمية وأمينه العام لكي ’’يقلز من تحت الجلباب’’ ويهاجم خصومه ممن سماهم ’’سحرة التفاهة’’ عوض مواجهتهم بشكل مباشر، ودون أن ينتبه أن صناع التفاهة ومن علم هذه الكائنات التفاهة هم أصدقاؤه وزملاؤه في “عصابة التفاهة” في المجموعة التي يشتغل بها،لكن إذا ظهر السبب بطل العجب.
مع كل هذا نتفهم كل هذا السعار ونقول كان الله في عون صاحبنا، حيث أننا نتفهم جيدا حجم الصداع والألم الذي يسببه له حزب العدالة والتنمية، باعتباره حزبا عصي على الإزاحة والنسيان، فهو وبالرغم من كل ما جرى مازال حاضرا يملأ الساحة السياسية ويمارس السياسة ويهتم بشؤون المواطنين ويناقش ويعبر عن آرائه ومواقفه بخصوص كل المستجدات: حول مشروع تعميم التغطية الاجتماعية، والإضرابات في التعليم، وإصلاح مدونة الأسرة، ومشروع قانون المالية، ومع كل هذا لا ينسى نصرة فلسطين الأبية وغزة العزة.
كما نتفهم جيدا إحساسهم بالغبن وهم يشهدون يوما بعد يوم خدماتهم المدفوعة في تلميع صورة الحكومة وفي شيطنة الحزب تذهب سدى وهم يحسون ويسمعون أن جزءا من الشعب أضحى نادما على أيام العدالة والتنمية.
“وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”
صدق الله العظيم