كشف إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أهم عناصر مذكرة “المصباح” التي تم تقديمها في لقاء رسمي يوم الأربعاء الماضي أمام الهيئة المكلفة باقتراح تعديل مدونة الأسرة.
وقال الأزمي في كلمة له خلال ندوة صحفية للحزب، الجمعة فاتح دجنبر 2023 بالرباط، إن الأمين العام الأستاذ عبد الإله ابن كيران، أثار العديد من القضايا المرتبطة بالمدونة في كلمات متعددة، وكذلك الأمانة العامة عبر 11 بيانا.
وأضاف، هذه التفاعلات جاءت للرد أو التفاعل مع النقاشات التي تعرفها الساحة والتصريحات التي تصدر عن بعض المسؤولين، مسترسلا، كما أصدر بيانا تفاعليا مع الخطاب الملكي لعيد العرش وخطاب افتتاح الدورة التشريعية، ونظم ندوتين في الموضوع، فضلا عن ما قامت به منظمة نساء العدالة والتنمية على هذا المستوى.
وذكر الأزمي أن مذكرة العدالة والتنمية تتضمن أربعة محاور، أولها يتعلق بأهم المكتسبات الواجب تحصينها، وثانيها حول الاختلالات والسلبيات التي وجب تصحيحها، والثالث عن المرجعية والمرتكزات التي ينبغي أن تحكم الإصلاح المرتقب، والرابع يهم مقترحات حزب العدالة والتنمية.
وقال رئيس برلمان “المصباح”، إن مذكرة الحزب تأتي انطلاقا من خطاب جلالة الملك لعيد العرش في 30 يوليو 2022، والذي أعقبته رسالة ملكية في 26 شتنبر 2023، وجهها جلالته إلى رئيس الحكومة، حدد فيها منهجية الاشتغال، وبشكل جماعي بين مجموعة من المؤسسات الرسمية، مع الانفتاح واعتماد مقاربة تشاركية واسعة.
وأضاف: “والحزب قياما بالواجب ونهوضا بمسؤوليته التاريخية في الدفاع عن الأسرة، يقدم منظوره لإصلاح المدونة”.
وذكر الأزمي أن الخيط الناظم والمكتسب الأول للمغرب في موضوع المدونة، يتعلق بأن هذا الموضوع لا يرتبط بتشريع عادي بالنسبة للمغاربة، بل هو أهم تشريع بعد الدستور.
واسترسل، وبفضل الله، استطاع المغرب أن يعالج في كل مرة الإشكاليات العملية المطروحة في إطار هذه المرجعية، بما يحقق مصالح الأسرة بكل مكوناتها، وفي نفس الوقت يصمد أمام كل الضغوطات التي لا تتلاءم مع مرجعيته وهويته، مشددا أن دور جلالة الملك كان دورا محوريا في هذا الموضوع، إضافة إلى صمود التيار المناصر للمرجعية الوطنية والرأي العام المدافع عن هويته.
الاختلالات المسجلة
قال الأزمي إن جلالة الملك حدد مجال التعديلات المنتظرة، والمرتبطة بالاختلالات والسلبيات المتعلقة بالتطبيق الميداني والعمل القضائي، مشيرا إلى بعض هذه الاختلالات المتضمنة في تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر في يناير 2023.
وذكر المتحدث ذاته، أن قضايا الأ سرة تشكل 40 بالمائة من القضايا المدنية المسجلة بمحاكم المملكة، مع تسجيل تراجع كبير على مستوى الزواج، وتفاقم حالات التفكك الأسري الناجم عن الطلاق مقارنة بالزواج، واحتلال الطلاق الاتفاقي والتطليق للشقاق الصدارة في حالات فسخ العلاقة الزوجية، وارتفاع عدد قضايا النفقة، وتطور قضايا الحضانة المعروضة على المحاكم.
في المقابل، يضيف الأزمي، ووفق التقرير السابق الذكر، شكلت طلبات الإذن بالزواج دون سن الأهلية من مجموع الإذن بالزواج 5 بالمائة، وكذلك الأمر بالنسبة لطلبات التعدد، والذي يبقى في نسبة غير معتبرة وضئيلة جدا.
المرجعية الإسلامية
أكد الأزمي على ضرورة أن تلتزم التعديلات المرتقبة بالمرجعية الإسلامية، لأن المغرب دولة إسلامية، والإسلام دين الدولة، والهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها.
وأردف، وأيضا باعتبار أن الأسرة مكون محوري في هويتنا المغربية الموحدة، حيث أولاها القرآن الكريم أولوية كبرى، وأيضا باعتبار أن الإسلام ارتقى بالعهد الذي أخذه سبحانه وتعالى للنساء على الرجال ضمن الروابط الشرعية في الأسرة إلى مستوى من القداسة، فضلا عن المكانة الكبيرة التي أولتها السنة النبوية للمرأة.
واسترسل، كما يجب الانتباه إلى أن هذا النقاش يتجدد بقوة في ظل تراجع ملحوظ في منظومة القيم والمرجعيات والتخلي عنها أحيانا، وفي ظل ما يعرفه العالم من اهتزاز في منظومة القيم والمرجعيات، وتداخل العديد من الأزمات.
وشدد الأزمي على وجوب أن تحترم التعديلات المرتقبة المقتضيات الدستورية، والتي قالت بالأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي، وبوأها مكانة الخلية الأساسية للمجتمع، وأوجب على الدولة أن تعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة.
واسترسل، كما أن التعديلات المرتقبة يجب أن تحترم التأطير والتوجيهات الملكية السامية، حيث أطر جلالته هذا الورش حين قال عدة مرات بأنه بصفته أميرا للمؤمنين “لا يمكن أن يحل ما حرم الله أو أن يحرم ما أحل الله”، وتأكيده على قيم الإسلام السني المالكي، كل تعديل في إطار مقاصد الشريعة.
وأضاف، وأن تراعي التعديلات المنتظرة المصلحة الحقيقية للأسرة المغربية، وأن تحترم شعور هذا الشعب وقناعاته، مشيرا إلى أن الشعب المغربي عبر عن رفضه لأي تعديل لا يتوافق مع هويته ومرجعيته الدينية.
مطالب مرفوضة
وتوقف الأزمي عند بعض المطالب المرفوضة بالكلية من لدن الحزب، ويتعلق الأمر بكل ما فيه مساس بالمرجعية الإسلامية لمدونة الأسرة، والرفض التام لفصل مدونة الأسرة عن أحكام الفقه المالكي المكتوبة والمتواترة والمعلومة في مصادرها فيما لا نص فيه، وعليه رفض حذف المادة 400 من المدونة.
وتابع، فضلا عن الرفض التام لمطالب المساواة في الإرث، ورفض حذف التعصيب، وتحصين الحكم الشرعي في منع زواج المسلمة بغير المسلم، مشيرا إلى أن الحزب يرفض أن لا يكون اختلاف الدين مانعا في الإرث.
وأضاف، كما يرفض الحزب تجريم الاستثناء المتمثل في الإذن القضائي بالزواج دون سن الأهلية، ورفض المنع التام لتعدد الزوجات، ورفض المساواة الميكانيكية المطلقة بين الرجال والنساء في الزواج وأثناء عقده وفسخه، فضلا عن رفض إلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية خارج الزواج، وكذا رفض رفع التجريم الإجهاض وقتل الجنين بغير حق.