عبد اللطيف الحاميل يكتب: ضَبْط هيئات الحكامة والضَّبْط
نص دستور 2011 في الباب الثاني عشر منه على تعزيز قواعد الحكامة الجيدة من خلال إحداث مجموعة من الهيئات والمؤسسات المستقلة (منصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170) وفتح المجال أمام إمكان إحداث أخرى. وهي مؤسسات ترمي إلى تخليق الحياة العامة وتعزيز قواعد الحكامة وحسن التدبير ومساعدة المؤسسات ذات الصلة على القيام بمهام الرقابة، لاسيما المؤسسة التشريعية.
ومن ضمن هذه الهيئات والمؤسسات مجلس المنافسة المنصوص عليه في الفصل 166 من الدستور، والذي يعد “هيئة مستقلة، مكلفة في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، خاصة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار”.
هذا المجلس يوجد اليوم محل مساءلة بعد تعيين أعضاء جدد به من طرف رئيس الحكومة مباشرة بعد تقريره “المخيب” لآمال كثيرين بخصوص ملف المحروقات، حيث فرض “غرامة مخففة” على شركات المحروقات (1.8 مليار درهم) بعد تقرير المهمة الاستطلاعية لمجلس النواب الذي تحدث رئيسها عن أكثر من 17 مليار درهم، وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات كثيرين للمطالبة بفرض ضرائب على الأرباح الإضافية التي تحققها هذه الشركات بسبب غياب المنافسة على غرار ما قامت بعد بعض الدول من أجل تعبئة موارد مالية لتمويل البرامج الاجتماعية.
ولابد من الإشارة هنا إلى تضارب المصالح الفج الذي يوجد فيه اليوم السيد عزيز أخنوش. فهو من أكبر المستثمرين في قطاع المحروقات، لكنه يعين 12 عضوا في مجلس المنافسة بمرسوم لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة بصفته رئيسا للحكومة.فالسلطات الحكومية المختصة تختار 10 أعضاء في هذا المجلس، فضلا عن الرئيس الذي يعين بظهير شريف، وقاضيان يتم اختيارهما من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية. فعن أي استقلالية نتحدث؟
إن الخوف كل الخوف أن يتم ضبط هيئات ومؤسسات الحكامة الجيدة حتى لا تقوم بأدوارها الدستورية على أكمل وجه، سواء من خلال التعيين أو بواسطة الإعفاء. فكلنا نتذكر الانقلاب الذي قاده أعضاء في هذا المجلس ضد الرئيس السابق إدريس الكراوي بعد إصدار غرامة مالية ثقيلة على شركات توزيع المحروقات بلغت 8 في المائة من رقم المعاملات بسبب التواطؤ وغياب المنافسة. وهو الانقلاب الذي انتهى بإعفائه وتعيين أحمد رحو بدلا عنه.
وفي نفس السياق، نستحضر إبعاد رئيس المجلس الأعلى للحسابات السابق إدريس جطو، أحد خدام الدولة، بعد تقرير، صدر قبيل انتخابات2021، “عرى” فيه المخطط الأخضر الذي أشرف عليه صاحب “مسار الثقة”. لقد انتهى المطاف بجطو داخل “ثلاجة الدولة”، فيما “تصدر” أخنوش الانتخابات وترأس الحكومة واستفادت شركاته من مشاريع ممولة من المال العام آخرها صفقة تحلية ماء البحر بالدار البيضاء.