[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

عديلي يكتب: حكام الجزائر يلعبون بالنار…

حسن عديلي


لا زالت ذاكرة المغاربة والجزائريين والعالم بأسره تحتفظ بصور مشرقة جسدها الشعب المغربي قاطبة عقب فوز المنتخب الجزائري بكأس إفريقيا المنظمة بمصر سنة 2019، فقد خرج المغاربة حينها في شوارع الرباط والبيضاء ووجدة وغيرها من المدن المغربية ليشاركوا أشقاءهم الجزائريين فرحة الفوز باللقب، معبرين عن مشاعر الحب والاعتزاز والتضامن، ورفع مواطنو كل بلد أعلام البلد الآخر، وهتف الجميع “خاوة خاوة”. وتوج ذلك كله برسالة التهنئة التي بعثها حينئذ جلالة الملك حفظه الله للرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، والتي جاء فيها “يطيب لي، بمناسبة فوز المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم، عن جدارة واستحقاق، بكأس أفريقيا للأمم 2019، التي احتضنت مصر الشقيقة أطوارها النهائية، أن أعرب للشعب الجزائري الشقيق، عن أحر التهاني بهذا الإنجاز الكروي القاري، لكرة القدم الجزائرية”، وأضاف جلالته “يسعدني باسمي شخصيا، وباسم الشعب المغربي قاطبة، أن نشاطر الشعب الجزائري الشقيق، مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا التتويج المستحق، خاصة وأن الأمر يتعلق بفوز بلد مغاربي جار وشقيق، مؤكدا على أن هذا التتويج هو بمثابة فوز للمغرب أيضا”.
لقد ترجمت هذه الرسالة الملكية صدق ونبل مشاعر المغاربة ملكا وشعبا اتجاه أشقائهم الجزائريين، ومن أقوى ما ورد فيها اعتبار جلالته أن “تتويج الجزائر هو بمتابة فوز للمغرب”، وهو تعبير راق يجسد أسمى معاني الارتباط والوحدة والأخوة وحسن الجوار، وهي الأخلاق التي ما فتئ جلالة الملك يؤكد عليها في مختلف المناسبات، ويحث شعبه على التحلي بها اتجاه الأشقاء الجزائريين.
وبدل أن يتعاطى النظام الحاكم في الجزائر إيجابا مع سياسة اليد الممدودة، التي ما فتئ المغرب يجسدها ويعبر عنها في كل مواقفه وسياساته، استمر للأسف الشديد في تكريس سياساته العدائية ضد بلدنا، بل ونجح في بث سمومه وأحقاده عبر أبواقه الإعلامية، التي سخرها لنشر خطاب الكراهية والعداء والتشكيك والتحريض ضد المغرب، وهو التوجه الذي واجهه المغرب كعادته ولا يزال بكثير من الصبر والأناة والحكمة والتعقل.
ولعل ما نخشاه اليوم، أن يتسبب خطاب العداء المتنامي ضد المغرب، لا قدر الله، في نقض عرى المحبة بين الشعبين المغربي والجزائري، وهو ما سعى المغرب ولايزال لتجنبه باستمرار، غير أن بعض إرهاصاته بدأت تلوح في الأفق خلال السنوات الأخيرة، وتجلت في بعض الفضاءات والمساحات القليلة التي تجمع من حين لآخر المغاربة بالجزائريين، ومن ذلك المجال الرياضي، والذي لا تخفى حساسيته بالنظر لحجم المتابعة التي يحظى بها من جهة، ولما له من تأثير على وجدان وشعور الشعوب عبر العالم. لقد بات واضحا أن مشاعر التضامن والمحبة بين الشعبين المغربي والجزائري التي تجسدت في (كان 2019)، ليست هي ذات المشاعر التي رافقت (كان الكوديفوار 2023)، فقد تسبب حكام الجزائر بسياساتهم العدائية اتجاه المغرب، وخطاباتهم الإعلامية الاستفزازية والتحريضية ضده، وتشكيكهم المستمر في إنجازاته ونجاحاته، تسبب كل ذلك في مس كبرياء المغاربة، فأحدث ذلك نوعا من الخلخلة الشعورية لديهم، وهو ما أفرز للأسف حالة (الفرح) بإقصاء المنتخب الجزائري خلال الدور الأول من منافسات (الكان 2023) التي تحتضنها الكوديفوار، والحقيقة أنه (فرح) عارض لا يعبر عن الشعور العميق المتأصل في وجدان المغاربة اتجاه أشقائهم الجزائريين. فهلا توقف حكام الجزائر عن سياستهم العدائية ضد المغرب، وهلا فهموا أن المشاعر العارضة قد تتحول مع توالي الاستفزازات والتهجمات إلى مشاعر مستحكمة خاصة لدى الأجيال الصاعدة، وهو ما لا نتمنى حصوله لا قدر الله.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.