محمد عصام يكتب: عمل في العمق !!

الصور والفيديوهوات التي تأتي من الكوت د يفوار، تبعث على الفخر والاعتزاز، وتجعل كل مغربي يمتلئ إلى درجة الإشباع فخرا بمغربيته واعتزازا بها.
الفيديوهات التي ينتجها شباب مغاربة هناك، والتي يظهر من خلالها ذلك التجاوب بين الشعبين وامتزاجهما المتكامل في العمق الإفريقي بدون حسابات أو حزازات أو “سياسات فارغة”، تؤكد عمق العمل ونجاعته الذي يقوم به هؤلاء الشباب، ويستحقون عليه الثناء والشكر، ونؤكد من جهة أخرى أن منصات التواصل الاجتماعي ليست بالضرورة فضاء لانتاج التفاهة وتدويرها وتنميتها أفقيا وعموديا، وأن صناع المحتوى ليسوا كلهم سواء، فهناك من ينتج الجمال ومنهم من يمعن في إشاعة القبح والإسفاف.
وأنا أتجول عبر تلك الفيديوهات، أدركت بقوة الوقائع التي تصورها، أن التوجه الذي خطه صاحب الجلالة في الانفتاح على إفريقيا باعتبارها عمقا وأفقا حتميا للمغرب، هو توجه منتج يؤتي أكله كل حين بإذن ربه،
كما أدركت أيضا عمق العمل الذي قام بها أجدادنا تجاه إفريقيا جنوب الصحراء، فسمعة المغرب في هذه الدول ليست وليدة اليوم، وإن كانت سياسة رابح رابح الذي اختارها المغرب في التكامل معه  عمقه الإفريقي قد كرستها وتبثتها، ذلك أن هذه الربوع تحتفظ للتجار المغاربة ولرجالات الدعوة والتصوف والسلوك ولملوك المغرب ودوله المتعاقبة، بذكرى طيبة، مبينة على الاحترام والتقدير المتبادل دون وصاية أو محاولة لفرض هيمنة أو استعلاء “منفوخ”، كما يحاول البعض في الإقليم فرضه تحت عناوين فارغة وموغلة في التعالي على الآخرين من قبيل “القوة الضاربة” استقواء بهبة الله من الغاز والبترول، وانتهاج أسلوب الابتزاز ومقايضة المنافع بالولاء أو الانخراط في أجندات ملغومة.
وللرجوع للتاريخ القريب حاول الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لعب هذا الدور بهذه  الأدوات، لكن النتيجة التي نراها اليوم هي العدم، لأن ما بني على باطل فهو باطل.
هذا هو الجزء المملوء من الكأس!!!.
ولنعد لما يقوم به هؤلاء الشباب، وبالمناسبة فإن وزير السياحة في بلد الفيلة استقبل أحدهم، وشكره على ما يقوم به من ترويج لبلده ولقيمه، وإعطاء صورة جميلة عنه وعن سكانه، وهو في الحقيقة إنما يصنع صورة مضيئة ومشرقة للعلاقات الإفريقية المغربية، وأنها متجذرة إلى العمق المتين مادامت مبنية على الاحترام المتبادل والتكامل المنتج في الاتجاهين.. ولنقارن كل ذلك بمن أهلَّهم الدستور والقانون وجعل من وظائفهم الأساسية التي بموجبها يتقاضون تعويضات سمينة من المال العام الذي يؤديه المغاربة من خلال الضرائب، أن يقوموا بالديبلوماسية الموازية، وأقصد بهؤلاء “عشيرة البرلمانيين”.
فقد تناقلت مصادر إعلامية أن سفراء المغرب في عديد من الدول أمطروا مكتب رئيس مجلس النواب بشكايات ضد نواب برلمانيين تورطوا في تصرفات تسيء للبلد، وأنهم حولوا تلك المهام الديبلوماسية إلى عطل للتنزه والتسوق عوض القيام بالمهام الموكولة إليهم بالجدية اللازمة.
ولمزيد من التوسع في الموضوع، فنظرة سريعة على اللجان الصداقة البرلمانية مع الدول الإفريقية، تختصر الرسالة، فهذه اللجن في عمومها غير مفعلة وبدون نتائج، كما أنها لا تعرف الإقبال عليها كما هو الحال بالنسبة للجان الصداقة البرلمانية مع بعض الدول الأوروبية “الوازنة” وحتى العربية.
ويكفي أن نعرف أن أكثر من عشرة لجان صداقة يرؤسها برلماني “هشة كشة “الذي تم عزله من عضوية مجلس النواب، لنعرف قيمة الديبلوماسية الموازية التي يقوم بها برلماننا، ولتتضح الفوارق بين ما قام به شبابنا في الكوت ديفوار في إسبوعين أو أقل مع ما كان يجب أن يقوم به البرلمان في عقود.
ولتكتمل “الباهية”، وكما يقال المصائب لا تأتي فرادى، فقد أرسلت جمعية الناشرين التي يرأسها “مول شوف تيفي “، والتي تصب عليها الحكومة مال الدعم صبا صبا، وفدا صحافيا يضم 140 شخصا، منهم من لم يكتب في حياته كلها مقالا في الرياضة ولا يعرف من كرة القدم ” حتى وزة”، ورغم ذلك وجد نفسه هناك وبمال الجمعية الذي هو في الأخير مال عام، وأظن أنكم لو قارنتم ستقولون لأولئك الشباب مثلي برافوا ثم برافو ألف مرة، وستتفقون معي أنهم يقومون بعمل في العمق، والسلام على من عرف قدر نفسه .

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.