محمد عصام يكتب: بعد تسليم تقرير الهيئة المكلفة بتعديل المدونة.. هل سيخجل وهبي ومن معه من أنفسهم؟
محمد عصام
أنهينا الأسبوع الماضي على حدث كبير، يتعلق برفع الهيئة المكلفة بتعديل المدونة تقريرها لرئيس الحكومة.
ونقول إن الحدث فعلا كبير لأنه يعيد الأمور إلى نصابها، ويضع حدا للانزلاقات التي شابت مقاربة هذا الملف، والتي كان بطلها على عادته في اقتراف الفضائح، وزير العدل وهبي، الذي استغل انعقاد لجنة العدل والتشريع لمناقشة قانون المسطرة المدنية، ليبث في النواب دعواه “الشاردة” بالاصطفاف في خندق من أسماهم بـــ “الصف الحداثي” لتمرير التعديلات تخوفا من عودة “المحافظين” للحكومة، فيتعذر بعد ذلك إقرار تلك التعديلات.
لا أدري كيف كان إحساس وهبي وهو يقف بجنب زملائه في اللجنة ليسلموا رئيس الحكومة التقرير النهائي للجنة، ليرفعه هذا الأخير إلى النظر المولوي السديد، في الوقت الذي مارس نزقا وتشغيبا على اللجنة وتشويشا عليها بخرجته تلك الشاردة، التي لم تنضبط للمنهجية التي كانت الرسالة الملكية لرئيس الحكومة واضحة في تأطيرها لاشتغال اللجنة، فهل خجل وهبي من نفسه بعد كل هذا؟ أم أنه بقي في قرارة نفسه وفيا لعاداته القديمة في “التنقاز وخفة الرجل واللسان”؟
حدث تقديم التقرير لرئيس الحكومة، يعطي درسا لمن يحتاج إلى ذلك، أننا هنا في بلد اسمه المغرب، يوجد على رأسه أمير للمؤمنين وهو مستأمن على دين وعقائد أهل البلد، وأن لا خوف بتاتا على القيم الجامعة للمغاربة في ظل إمارة المؤمنين التي ما فتئ جلالته يؤكد حتى قبل بداية هذا الورش، أنه “لن يحل حراما ولن يحرم حلالا”.
إذن هي رسالة لأولئك الذين حاولوا طيلة هذه المدة الاصطياد في الماء العكر، والاستقواء على المغاربة بمنظومة الغرب المفلسة وبمنظماته الضاغطة والداعمة لكل مشروع يستهدف خصوصية الشعوب ويروم تنميطها في قالب جاهز، أثبتت الوقائع أنه لا يلد إلا الخراب والدمار عند الغرب ذاته قبل تبيئة ذلك النموذج بكل الوسائل الناعمة والخشنة في بيئات أخرى.
واليوم والتقرير في طريقه إلى اليد الأمينة لأمير المؤمنين، من حقنا أن نتساءل عن كل التخوين والشيطنة التي تولى كِبرَها الفريق المستقوي بالمنظومة الدولية ضد من يحاول الدفاع عن ارتباط المغرب الأصيل بقيمه ومعتقداته وكسبه التاريخي، وفي طليعة هؤلاء حزب العدالة والتنمية وأمينه العام الأستاذ عبد الإله ابن كيران، هل كان ضروريا كل هذا التجييش للآلة الإعلامية الرهيبة من أجل تصفية الحساب مع هذا الفاعل السياسي، الذي سواء توافقنا معه أو اختلفنا معه، فهو يجسد تيارا مجتمعيا لا يمكن إقصاؤه أو جرفه من المشهد السياسي مهما كانت قوة الارتباطات والأجندات التي تقف وراء ذلك الاستهداف؟
لقد سمعنا كلاما كبيرا تم تداوله على نطاق واسع، من طرف من نصبوا أنفسهم مقررين باسم الحداثة في مصير المغاربة دون أن يشاوروهم أو يستطلعوا رأيهم، وكأنهم بادعائهم الحداثة صار من حقهم مصادرة رأي الآخرين والتقرير بدلا عنهم، واعتبارهم قاصرين لا يفهمون مصلحتهم ولا يدركون أين توجد منفعتهم، لكن “للبيت رب يحميه”، والمغرب قائم بإمارة المؤمنين وكسبه في التاريخ يؤكد ذلك إلا لمن غشيت بصيرته أحقاد الإيديولوجيا وعمت أبصاره حسابات السياسة الضيقة.