الأستاذ محمد يتيم يثري المكتبة العربية بمؤلف جديد تحت اسم “مراجعات فكرية ومنهجية في الحداثة والدولة الحديثة”
أعلن القيادي الإسلامي والوزير السابق الأستاذ محمد يتيم، إصدار مؤلف جديد تحت اسم “مراجعات فكرية ومنهجية في الحداثة والدولة الحديثة”.
وذكر يتيم في منشور عبر صفحته على فيسبوك، أنه سيشرع في نشر مضامينه على شكل سلسلة حلقات، وذلك في انتظار توزيعه في الأسواق وتسهيلا على من لم يتمكن من الحصول عليه.
وبدأ يتيم في مشاركة مقدمة مؤلفه مع عموم المتابعين والقراء، والتي جاء فيها:
ما فتئ التاريخ يشكل مصدرا أساسيا لاستنطاق سير وتجارب السابقين باعتبارها مختبرا للتجارب البشرية و”ديوانا للعبر” بتعبير ابن خلدون.
وقد استلهم ابن خلدون هذا الوعي بأهمية التاريخ من خلال تجاوز ذلك التصور المبسط الذي يعتبره مجرد سرد ورواية للأحداث والوقائع، إلى اعتباره مختبرا للتجارب البشرية، ومصدر إلهام للباحث عن “النواميس” التي تتحكم في المجتمعات البشرية، وهو ما يعني أن التاريخ إن كان لا يعيد نفسه في جزئيات أحداثه، فإنه يعيدها من حيث أنه يسير وفق طبائع محددة هي “طبائع العمران” و”مستقر العادة”، وبلغة جديدة وفق قوانين مطردة لا تتخلف.
علم التاريخ في ظاهره لا يزيد على “أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأول، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، علم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، جدير بأن يعدّ في علومها خليق”.
إن الوعي التاريخي إذ يتأسس على الوعي بالحركة والتغير في أحوال المجتمعات والدول ـ لكنه في نفس الوقت يقوم على أن هذا التغير تحكمه “قوانين” أو “نواميس”: تمكن من تفسيره وفهم أحداثه وتفسيرها في إطار ناظم يعطي لهذا التاريخ معقوليته، ويمكن من فهم أحداثه.
للأسف الجديد فإن بعضا من فلاسفة التاريخ وهم يقرؤون تطور المجتمعات قد انتهوا إلى محاولة إغلاق قوس التطور التاريخي من خلال جعله متمركزا حول تجربة معينة هي تجربة الحضارة الغربية الأوروبية، وبناء على ذلك اعتبروا أن هذا التطور هو المنطق الذي يحكم به العقل ويقوم به.
وبناء على ذلك تبدو التجارب الإنسانية التاريخية مجرد تدريبات وإعدادات كي يصل التاريخ إلى غايته ومنتهاه الذي هو التجربة الغربية الحديثة وهو ما يعرف بنزعة المركزية الأوروبية التي حولت العقل إلى أداة لتبرير ما ارتكبه الغرب الاستعماري من حماقات. ومن هذا المنطلق يمكن أن نقرأ مقولة هيجل المعروفة: “كل ما هو عقلي فهو واقعي، وكل ما هو واقعي فهو عقلي”.